الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
.[الشَّرْطُ الْخَامِسُ: خُلُوُّ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْمَوَانِعِ]: قَالَ فِي الْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَهِيَ أَصَحُّ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَنْكِحَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَوْلَاهُ، فَنَكَحَهَا بِأَمْرِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: وَرَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ تَبَنَّى سَالِمًا، وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ أَبِي حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: رَأَيْت أُخْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ تَحْتَ بِلَالٍ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، فَعَلَى هَذَا (يَصِحُّ) النِّكَاحُ (مَعَ فَقْدِهَا) أَيْ: فَقْدِ الْكَفَاءَةِ، فَهِيَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، لِتَسَاوِيهِمْ فِي لُحُوقِ الْعَارِ بِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ. (وَ) إذَا زُوِّجَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ (لِمَنْ لَمْ يَرْضَ) بِالنِّكَاحِ بَعْدَ عَقْدٍ (مِنْ امْرَأَةٍ وَعَصَبَةٍ حَتَّى مَنْ يَحْدُثُ) مِنْ عَصَبَتِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَارَ فِي تَزْوِيجِ مَنْ لَيْسَ بِكُفْءٍ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ (وَهُوَ) أَيْ: خِيَارُ الْفَسْخِ لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ، (عَلَى التَّرَاخِي) لِأَنَّهُ خِيَارٌ لِنَقْصٍ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ أَشْبَهَ خِيَارَ الْعَيْبِ (فَلَا يَسْقُطُ) الْخِيَارُ (إلَّا بِإِسْقَاطِ عَصَبَةٍ بِقَوْلٍ) بِأَنْ يَقُولُوا: أَسْقَطْنَا الْكَفَاءَةَ، أَوْ رَضِينَا بِهِ غَيْرَ كُفْءٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا سُكُوتُهُمْ فَلَيْسَ رِضًى (أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا) أَيْ: الْمُزَوَّجَةِ (مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ) كَأَنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا عَالِمَةً أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ. (وَيَحْرُمُ) عَلَى وَلِيِّ الْمَرْأَةِ (تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِلَا رِضَاهَا) لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهَا، وَإِدْخَالٌ لِلْعَارِ عَلَيْهَا (وَيَفْسُقُ بِهِ) أَيْ: بِتَزْوِيجِهَا (وَلِيٌّ) بِغَيْرٍ كُفْءٍ بِلَا رِضَاهَا إنْ تَعَمَّدَ. (وَلَوْ زَالَتْ الْكَفَاءَةُ بَعْدَ عَقْدٍ فَلَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (فَقَطْ الْفَسْخُ) دُونَ أَوْلِيَائِهَا كَعِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْأَوْلِيَاءِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، لَا فِي اسْتِدَامَتِهِ. (وَالْكَفَاءَةُ) لُغَةً: الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُسَاوَاةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ»، أَيْ: تَتَسَاوَى، فَيَكُونُ دَمُ الْوَضِيعِ مِنْهُمْ كَدَمِ الرَّفِيعِ، وَهِيَ هُنَا (مُعْتَبَرَةٌ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ): أَوَّلُهَا: (دِينٌ): (فَلَا تُزَوَّجُ عَفِيفَةٌ) عَنْ الزِّنَا (بِفَاجِرٍ) أَيْ: بِفَاسِقٍ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ اعْتِقَادٍ. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: لَا يُزَوِّجُ بِنْتَهُ مِنْ حَرُورِيٍّ قَدْ مَرَقَ مِنْ الدِّينِ، وَلَا مِنْ الرَّافِضِيِّ، وَلَا مِنْ الْقَدَرِيِّ، فَإِنْ كَانَ لَا يَدْعُو فَلَا بَأْسَ. قَالَ الْقَاضِي: الْمُبْتَدِعُ إنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ؛ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ كَالْمُرْتَدِّ، وَإِنْ حَكَمْنَا بِفِسْقِهِ؛ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ؛ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنْ لَمْ نَحْكُمْ بِكُفْرِهِ وَلَا فِسْقِهِ وَهُوَ إذَا كَانَ مُقَلِّدًا لَا يَدْعُو إلَى ذَلِكَ؛ صَحَّ النِّكَاحُ. انْتَهَى. (وَ) لَا تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ (عَدْلٌ بِفَاسِقٍ) كَشَارِبِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ، سَكِرَ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَسْكَرْ، وَكَذَلِكَ مَنْ سَكِرَ مِنْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمُسْكِرِ لَمْ يَكُنْ كُفْئًا. قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: قُلْت لِإِسْحَاقَ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ وَأُخْتَهُ مِمَّنْ يُشْرِبُ الْخَمْرَ. قَالَ: لَا، هَذَا فَاسِقٌ، فَإِذَا زَوَّجَ كَرِيمَتَهُ مِنْ فَاسِقٍ فَقَدْ قَطَعَ رَحِمَهُ، وَلِأَنَّ مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ، وَذَلِكَ نَقْصٌ فِي إنْسَانِيَّتِهِ؛ فَلَيْسَ كُفْءٌ لِعَدْلٍ. (وَ) الثَّانِي (مَنْصِبٌ): (وَهُوَ النَّسَبُ فَلَا تُزَوَّجُ عَرَبِيَّةٌ) مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ (بِعَجَمِيٍّ) وَهُوَ مَنْ لَيْسَ مِنْ الْعَرَبِ، وَلَا: بِوَلَدِ زِنًا؛ لِقَوْلِ عُمَرَ: لَأَمْنَعَنَّ تَزَوُّجَ ذَوَاتِ الْأَحْسَابِ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ. رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَلِأَنَّ الْعَرَبَ يَعْتَقِدُونَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ، وَيَأْنَفُونَ مِنْ نِكَاحِ الْمَوَالِي، وَيَرَوْنَ ذَلِكَ نَقْصًا وَعَارًا. وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» وَلِأَنَّ الْعَرَبَ فَضَلَتْ الْأُمَمَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَ) الثَّالِثُ (حُرِّيَّةٌ): (فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ وَلَوْ عَتِيقَةٌ بِعَبْدٍ أَوْ مُبَعَّضٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لِأَنَّهُ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ، مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي كَسْبِهِ، غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ، وَلِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لِرَقَبَتِهِ يُشْبِهُ مِلْكَ الْبَهِيمَةِ، فَلَا يُسَاوِي الْحُرَّةَ لِذَلِكَ (وَيَصِحُّ) النِّكَاحُ (إنْ عَتَقَ) الْعَبْدُ (مَعَ قَبُولِهِ) النِّكَاحَ (كـَ) قَوْلِ سَيِّدِهِ لَهُ (أَعْتَقْتُك مَعَ قَبُولِك النِّكَاحَ) أَوْ يَكُونُ السَّيِّدُ وَكِيلًا عَنْ عَبْدِهِ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ، فَيَقُولُ بَعْدَ إيجَابِ النِّكَاحِ لِعَبْدِهِ: قَبِلْت لَهُ هَذَا النِّكَاحَ، وَأَعْتَقْته؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ بَعْدَ الْعَقْدِ يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِيهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَتِيقَ كُلَّهُ كُفْءٌ لِحُرَّةِ الْأَصْلِ. (وَ) الرَّابِعُ (صِنَاعَةٌ غَيْرُ رَزِيَّةٍ): أَيْ: دَنِيئَةٍ (فَلَا تُزَوَّجُ بِنْتُ بَزَّازٍ) أَيْ: تَاجِرٍ فِي الْبَزِّ وَهُوَ الْقُمَاشُ (بِحَجَّامٍ، وَلَا) تُزَوَّجُ (بِنْتُ تَانِئٍ صَاحِبَ عَقَارٍ بِحَائِكٍ) وَنَحْوِهِ كَكَسَّاحٍ وَزَبَّالٍ وَنَفَّاطٍ وَدَبَّاغٍ وَحَارِسٍ وَمُكَارٍ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ؛ أَشْبَهَ نَقْصَ النَّسَبِ، وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ «الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءُ إلَّا حَائِكًا أَوْ حَجَّامًا» قِيلَ لِأَحْمَدَ: كَيْف تَأْخُذُ بِهِ وَأَنْتَ تُضَعِّفُهُ؟ قَالَ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِأَهْلِ الْعُرْفِ. (وَ) الْخَامِسُ (يَسَارٌ بِحَسَبِ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ): فَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا، وَإِنْ كَانَ مَالُ الْمَرْأَةِ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْمَالِ هُوَ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ): قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يَتَقَدَّرَ الْمَالُ بِمِقْدَارِ مِلْكِ النِّصَابِ أَوْ غَيْرِهِ، بَلْ إنْ كَانَ حَالُ أَبِيهَا مِمَّنْ لَا يُزْرِي عَلَيْهَا بِتَزْوِيجِهَا بِالزَّوْجِ، بِأَنْ يَكُونَ مُوَازِيًا أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَقْدِرُ بِهِ عَلَى نَفَقَةِ الْمُوسِرِينَ (بِحَيْثُ لَا تَتَغَيَّرُ عَلَيْهَا عَادَتُهَا عِنْدَ أَبِيهَا فِي بَيْتِهِ) فَذَلِكَ الْمُعْتَبَرُ. انْتَهَى. (فَلَا تُزَوَّجُ مُوسِرَةٌ بِمُعْسِرٍ) لِأَنَّ عَلَيْهَا ضَرَرًا فِي إعْسَارِ زَوْجِهَا؛ لِإِخْلَالِهِ بِنَفَقَتِهَا وَمُؤْنَةِ أَوْلَادِهِ، وَلِهَذَا مَلَكَتْ الْفَسْخَ بِإِعْسَارِهِ بِالنَّفَقَةِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصًا فِي عُرْفِ النَّاسِ يَتَفَاضَلُونَ بِهِ كَتَفَاضُلِهِمْ فِي النَّسَبِ (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (وَ) مِمَّا يَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ فِي الْكَفَاءَةِ (فَقْدُ الْعُيُوبِ) الْمُثْبَتَةِ لِخِيَارِ الْفَسْخِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَصْحَابُنَا، لَكِنْ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ شَرْطٌ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ أَنَّهَا لَا تُزَوَّجُ بِمَعِيبٍ، وَإِنْ أَرَادَتْ، فَعَلَى هَذَا السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ مِنْ جُمْلَةِ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا الْكَفَاءَةُ هُنَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا، لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْكَفَاءَةَ الْمُخْتَلَفِ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ، أَوْ لِمَنْ يَحْدُثُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَالسَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِفَقْدِهَا مَعَ رِضَى الْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ قَوْلًا وَاحِدًا. انْتَهَى. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَلَا تُزَوَّجُ صَحِيحَةٌ بِنَحْوِ مَجْذُومٍ) كَمَنْ بِهِ بَرَصٌ وَجُنُونٌ (كَمَا يَأْتِي) فِي بَابِ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ الصِّفَاتُ) وَهِيَ الدِّينُ وَالْمَنْصِبُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالصِّنَاعَةُ غَيْرُ الرَّزِيَّةِ وَالْيَسَارُ (فِي الْمَرْأَةِ) لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ أَبِيهِ لَا بِشَرَفِ أُمِّهِ، فَلَيْسَتْ الْكَفَاءَةُ شَرْطًا فِي حَقِّهَا لِلرَّجُلِ (فَيَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ بِمَنْ شَاءَ) «وَقَدْ تَزَوَّجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ، وَتَسَرَّى بِالْإِمَاءِ» (وَلَيْسَ مَوْلَى الْقَوْمِ كُفْئًا لَهُمْ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ (وَالْعَرَبُ مِنْ قُرَشِيٍّ وَغَيْرِهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ قَالَ: إنَّ الْهَاشِمِيَّةَ لَا تُزَوَّجُ بِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ فَهَذَا مَارِقٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ؛ إذْ قِصَّةُ تَزْوِيجِ الْهَاشِمِيَّاتِ مِنْ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِنَّ بِغَيْرِ الْهَاشِمَيْنِ ثَابِتٌ فِي السُّنَّةِ ثُبُوتًا لَا يَخْفَى، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَى هَذَا خِلَافًا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَا أُصُولُهُ تَقْتَضِيهِ. انْتَهَى. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمِقْدَادِ بْنَ الْأَسْوَدَ الْكِنْدِيَّ تَزَوَّجَ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَزَوَّجَ أَبُو بَكْرٍ أُخْتَهُ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ، وَزَوَّجَ عَلِيٌّ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَسَائِرُ النَّاسِ) أَيْ: بَاقِيهِمْ بَعْدَ الْعَرَبِ (بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ. .بَابُ مَوَانِعِ النِّكَاحِ: .[الْمُحَرَّمَاتُ عَلَى الْأَبَدِ]: .[القِسْمُ الأولُ: الْمُحَرَّمَاتُ بِالنَّسَبِ]: .[الْقِسْمُ الثَّانِي: الْمُحَرَّمَاتُ بِالرَّضَاعِ]: .[الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْمُحَرَّمَاتُ بِالْمُصَاهَرَةِ]: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَ الْقُرْآنُ؛ أَيْ: عَمِّمُوا حُكْمَهَا فِي كُلِّ حَالٍ، وَلَا تُفَصِّلُوا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَبِيبَتَهُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ. (وَ) الثَّانِيَةُ (حَلَائِلُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ) أَيْ: زَوْجَاتُ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ، سُمِّيَتْ امْرَأَةُ، الرَّجُلِ حَلِيلَةً، لِأَنَّهَا تَحِلُّ إزَارَ زَوْجِهَا، وَهِيَ مُحَلَّلَةٌ لَهُ (وَمِثْلُهُنَّ) أَيْ: مِثْلُ حَلَائِلِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ زَوْجَاتُ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ (مِنْ رَضَاعٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ} مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» (خِلَافًا لِلشَّيْخِ) تَقِيِّ الدِّينِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: لَمْ يَقُلْ الشَّارِعُ: مَا يَحْرُمُ بِالْمُصَاهَرَةِ، فَأُمُّ امْرَأَتِهِ بِرَضَاعٍ وَامْرَأَةُ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ الَّتِي لَمْ تُرْضِعْهُ، وَبِنْتُ امْرَأَتِهِ بِلَبَنِ غَيْرِهِ حُرِّمْنَ مِنْ الْمُصَاهَرَةِ، لَا بِالنَّسَبِ، وَلَا مُصَاهَرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ، فَلَا تَحْرِيمَ. انْتَهَى. وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ زَوْجَةُ ابْنِهِ مِنْ صُلْبِهِ أَوْ مِنْ الرَّضَاعِ، لَا زَوْجَةُ ابْنِهِ الَّذِي تَبَنَّاهُ، وَلَا زَوْجَةَ ابْنِهِ (مِنْ زِنًا)، لِأَنَّهُ يُنْسَبُ لِأُمِّهِ؛ فَزَوْجَتُهُ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْ الزَّانِي، وَكَذَلِكَ لَا يَحْرُمُ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا زَوْجَةُ أَبِيهِ الزَّانِي؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ، كَذَا قَالَ. وَفِي حَاشِيَةِ الْإِقْنَاعِ حَلِيلَةُ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ مِنْ الزِّنَا حَرَامٌ، أَخَذَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مِنْ تَحْرِيمِ بِنْتِهِ مِنْ الزِّنَا عَلَى ابْنِهِ وَأَخِيهِ وَأَبِيهِ. انْتَهَى. (فَيُحَرَّمْنَ) أَيْ: الْمَذْكُورَاتُ مِنْ زَوْجَاتِ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. وَيَدْخُلُ فِيهِ زَوْجَةُ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَزَوْجَةُ الِابْنِ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ وَابْنُ ابْنَتِهِ وَإِنْ نَزَلَ، وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، (وَ) يَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، أَمَّا ثُبُوتُ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ؛ فَإِجْمَاعٌ، وَتَصِيرُ مُحَرَّمًا لِمَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ؛ أَشْبَهَ النَّسَبَ، وَأَمَّا ثُبُوتُ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ (بـِ) الْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ (فَاسِدٍ) أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ أَوْ وَطِئَ امْرَأَةً ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَفِيهِ (خِلَافٌ) قِيلَ: لَا يَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْقَاضِي، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَهُ غَيْرُهُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: فَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ كَتَعَلُّقِهِ بِالْوَطْءِ الْمُبَاحِ إجْمَاعًا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا وَطِئَ امْرَأَةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ وَأَجْدَادِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، لِأَنَّهُ وَطْءٌ يَلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ، فَأَثْبَتَ التَّحْرِيمَ كَالْوَطْءِ الْمُبَاحِ، وَلَا يَصِيرُ بِهِ الرَّجُلُ مَحْرَمًا لِمَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَلَا يُبَاحُ لَهُ بِهِ النَّظَرُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ بِمُبَاحٍ، وَلِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِكَمَالِ حُرْمَةِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا إبَاحَةٌ، وَلِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ لَمْ نَسْتَبِحْ النَّظَرَ إلَيْهَا، فَلَأَنْ لَا نَسْتَبِيحَ النَّظَرَ إلَى غَيْرِهَا بِهِ أَوْلَى انْتَهَى (وَلَا) تُحَرَّمُ (بَنَاتُهُنَّ) أَيْ: بَنَاتُ حَلَائِلِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ (وَأُمَّهَاتُهُنَّ) فَتَحِلُّ لَهُ رَبِيبَةُ وَالِدِهِ، وَوَلَدِهِ، وَأُمُّ زَوْجَةِ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (وَ) الرَّابِعَةُ (الرَّبَائِبُ) وَلَوْ كُنَّ فِي غَيْرِ حِجْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّرْبِيَةَ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي التَّحْرِيمِ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} فَإِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِذَلِكَ تَعْرِيفًا لَهَا بِغَالِبِ أَحْوَالِهَا، وَمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِمَفْهُومِهِ (وَهُنَّ) أَيْ: الرَّبَائِبُ الْمُحَرَّمَاتُ (بَنَاتُ زَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ سَفَلْنَ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (أَوْ كُنَّ) بَنَاتٍ (لِرَبِيبٍ أَوْ) كُنَّ بَنَاتٍ (لِابْنٍ) قَرِيبَاتٍ كُنَّ أَوْ بَعِيدَاتٍ، وَارِثَاتٍ أَوْ غَيْرِ وَارِثَاتٍ (فَإِنْ مَاتَتْ) الزَّوْجَةُ (قَبْلَ دُخُولٍ) لَمْ تَحْرُمْ بَنَاتُهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (أَوْ أَبَانَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةَ (بَعْدَ خَلْوَةٍ وَقَبْلَ وَطْءٍ لَمْ يُحَرَّمْنَ) أَيْ بَنَاتُهَا لِلْآيَةِ، وَالْخَلْوَةُ لَا تُسَمَّى دُخُولًا (وَتَحِلُّ زَوْجَةُ رَبِيبٍ) بَانَتْ مِنْهُ لِزَوْجِ أُمِّهِ (وَ) تَحِلُّ (بِنْتُ زَوْجِ أُمٍّ) لِابْنِ امْرَأَةٍ (وَ) تَحِلُّ (زَوْجَةُ زَوْجِ أُمٍّ) لِابْنِ امْرَأَتِهِ (وَ) تَحِلُّ (لِأُنْثَى ابْنِ زَوْجَةٍ) لِابْنِهَا كَشَخْصٍ، لَهُ أُمٌّ مُتَزَوِّجَةٌ بِشَخْصٍ، وَهَذَا الشَّخْصُ لَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى، فَأَبَانَهَا؛ فَلِابْنِ زَوْجَتِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِمُبَانَتِهِ (وَ) يَحِلُّ (لِأُنْثَى ابْنِ زَوْجَةٍ ابْنُهَا) كَامْرَأَةٍ لَهَا ابْنٌ مُتَزَوِّجٌ بِامْرَأَةٍ وَلِزَوْجَةِ ابْنِهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ؛ فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ (وَ) يَحِلُّ لِأُنْثَى (زَوْجُ زَوْجَةِ أَبِيهَا وَ) كَذَلِكَ يَحِلُّ لَهَا (زَوْجُ زَوْجَةِ ابْنِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفُرُوجِ الْحِلُّ؛ إلَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهِ (وَلَا يُحَرِّمُ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَطْءٌ (فِي مُصَاهَرَةٍ، إلَّا تَغْيِيبَ حَشَفَةٌ أَصْلِيَّةٌ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ وَلَوْ دُبُرًا) قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ فَرْجٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ إذَا وُجِدَ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ، وَكَذَا فِي الزِّنَا، وَفِيهِ مَعَ مَا يَأْتِي نَوْعُ تَنَاقُضٍ، فَإِنَّ هَذَا يُعْطِي أَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ لَا يَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ، مَعَ أَنَّهُ يَأْتِي فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ فِي فَصْلٍ وَيُسْقِطُ الصَّدَاقَ كُلَّهُ إلَى آخِرِهِ لَا إنْ تَحَمَّلَتْ بِمَائِهِ، وَيَثْبُتُ بِهِ عِدَّةٌ إلَى أَنْ قَالَ: وَكَذَا مُصَاهَرَةٌ. وَمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ مَشَى بِهِ عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ، وَمَا هُنَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ فَتَنَبَّهْ لَهُ، (أَوْ) كَانَ الْوَطْءُ (بِشُبْهَةٍ أَوْ بِزِنًا) فَلَوْ زِنَا بِامْرَأَةٍ حُرِّمَتْ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ، وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا كَوَطْءِ الْحَلَالِ وَالشُّبْهَةِ؛ وَلَوْ وَطِئَ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ بِنْتَ امْرَأَتِهِ؛ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا يُثْبِتُ هَذَا الْوَطْءُ مَحْرَمِيَّةً وَلَا إبَاحَةَ نَظَرٍ. (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ أَنَّ الْوَطْءَ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ مُوجِبٌ لِلتَّحْرِيمِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُبَاحًا (أَوْ) مُحَرَّمًا (بِحَائِلٍ) غَيْرِ صَفِيقٍ إنْ أَحَسَّ بِالْحَرَارَةِ (أَوْ) بِدُونِهِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ، لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ، وَهُوَ يُسَمَّى نِكَاحًا؛ فَدَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ} الْآيَةَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (بِشَرْطِ حَيَاتِهِمَا) أَيْ: الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ، فَلَوْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِ مَيِّتَةٍ (أَوْ) أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ حَشَفَةَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا؛ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَيَأْتِي (وَ) بِشَرْطِ (كَوْنُ مِثْلِهِمَا يَطَأُ وَيُوطَأُ) فَلَا يَتَعَلَّقُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ صَغِيرٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: اشْتِرَاطُ كَوْنِ مِثْلِهَا يَطَأُ وَيُوطَأُ (فَلَوْ عَقَدَ ابْنُ تِسْعٍ عَلَى امْرَأَةٍ وَأَصَابَهَا وَفَارَقَهَا؛ حَلَّتْ لَهُ بِنْتُهَا) إذْ لَا تَأْثِيرَ لِهَذِهِ الْإِصَابَةِ؛ فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا (وَكَذَا عَكْسُهُ) كَمَا لَوْ أَصَابَ ابْنُ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ دُونِ تِسْعِ سِنِينَ، وَفَارَقَهَا، فَبَلَغَتْ، وَاتَّصَلَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ، حَلَّتْ تِلْكَ الْبِنْتُ لِمُصِيبِ أُمِّهَا حَالَ صِغَرِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، وَلَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِذَلِكَ، هَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَا تَحْرِيمَ بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ وَنَظَرٍ) إلَى (فَرْجٍ لِشَهْوَةٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ، (وَ) لَا تَحْرِيمَ أَيْضًا (بِمُسَاحَقَةِ نِسَاءٍ) ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ مَحَلُّ وِفَاقٍ. (وَيَحْرُمُ بِوَطْءِ ذَكَرٍ) لَا بِدَوَاعِيهِ مِنْ قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا (مَا يَحْرُمُ بِوَطْءِ أُنْثَى، فَلَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْ لَائِطٍ وَمُلُوطٍ بِهِ) بَالِغًا كَانَ الْمَلُوطُ بِهِ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ (أُمَّ الْآخَرِ وَلَا ابْنَتَهُ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ فَنَشَرَ الْحُرْمَةَ كَوَطْءِ الْمَرْأَةِ (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ لَائِطٍ وَمُلُوطٍ بِهِ أُمَّ الْآخَرِ (وَإِنْ عَلَتْ) كَأُمِّ أُمِّ أُمِّهِ وَأُمِّ أُمِّ أَبِيهِ (أَوْ نَزَلَتْ) كَبِنْتِهِ وَبِنْتِ بِنْتِ بِنْتِهِ وَبِنْتِ ابْنِهِ (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ) يَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أُمُّ الْآخَرِ وَبِنْتُهُ (بِشَرْطِ) كَوْنِ مَلُوطٍ بِهِ يَتَأَتَّى إمْكَانُ (وَطْءِ مِثْلِهِ) بِأَنْ كَانَ يُطِيقُ الْجِمَاعَ (وَإِلَّا) يُوطَأُ مِثْلُهُ؛ كَكَوْنِهِ صَغِيرًا لَا يُطِيقُ الْجِمَاعَ (فَلَيْسَ) وَطْؤُهُ (أَوْلَى) بِعَدَمِ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ (بـِ) اعْتِبَارِ أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَى وَطْءِ الصَّغِيرَةِ (الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ) عِنْدَ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ بِأَنَّهُ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ أَلْبَتَّةَ، فَهُوَ بِالنَّظَرِ أَشْبَهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. تَتِمَّةٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْته مِنْ الزِّنَا، وَبِنْتَ ابْنِهِ وَبِنْتَ بِنْتِهِ وَإِنْ نَزَلَتْ، وَبِنْتَ أَخِيهِ وَبِنْتَ أُخْتِهِ مِنْ الزِّنَا، وَعَمَّتَهُ وَخَالَتَهُ، وَكَذَا الْأَبُ وَالِابْنُ مِنْ الزِّنَا، لِدُخُولِهِنَّ فِي الْعُمُومَاتِ السَّابِقَةِ. .[الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الْمُحَرَّمَةُ بِاللِّعَانِ]: .[الْقِسْمُ الْخَامِسُ: زَوْجَاتُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: .[الْقِسْمُ السَّادِسُ: الْمُرْتَدَّةُ التي لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهَا]: .فَصْلٌ:[الضَّرْبُ الثَّانِي: الْمُحَرَّمَاتِ إلَى أَمَدٍ]: .[النَّوْعُ الأولُ: ما يُحَرَّمُ لِأَجْلِ الْجَمْعِ]: (وَ) يَحْرُمُ الْجَمْعُ أَيْضًا (بَيْنَ خَالَتَيْنِ بِأَنْ يَنْكِحَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ابْنَةَ الْآخَرِ، فَيُولَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (بِنْتٌ) فَكُلٌّ مِنْ الْبِنْتَيْنِ خَالَةُ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ أُمِّهَا لِأَبِيهَا (وَ) يَحْرُمُ الْجَمْعُ أَيْضًا (بَيْنَ عَمَّتَيْنِ، بِأَنْ يَنْكِحَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (أُمَّ الْآخَرِ، فَيُولَدُ لِكُلِّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بِنْتٌ) فَكُلٌّ مِنْ الْبِنْتَيْنِ عَمَّةُ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ أَبِيهَا لِأُمِّهِ (أَوْ) أَيْ: وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ أَيْضًا بَيْنَ عَمَّةٍ (وَخَالَةٍ، بِأَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ) امْرَأَةً وَيَنْكِحَ ابْنُهُ أُمَّهَا، فَيُولَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بِنْتٌ) فَبِنْتُ الِابْنِ خَالَةُ بِنْتِ الْأَبِ، وَبِنْتُ الْأَبِ عَمَّةُ بِنْتِ الِابْنِ. (وَ) يَحْرُمُ الْجَمْعُ (بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ نِكَاحُهُ) أَيْ: الذَّكَرُ (لَهَا) أَيْ: الْأُنْثَى (لِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ) لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي حَرُمَ الْجَمْعُ مِنْ أَجْلِهِ، إفْضَاؤُهُ إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ الْقَرِيبَةِ؛ لِمَا فِي الطِّبَاعِ مِنْ التَّنَافُرِ وَالْغَيْرَةِ بَيْنِ الضَّرَائِرِ، وَأُلْحِقَ بِالْقَرَابَةِ الرَّضَاعُ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ». وَ(لَا) يَحْرُمُ الْجَمْعُ (بَيْنَ مُبَانَةِ شَخْصٍ وَبِنْتِهِ مِنْ غَيْرِهَا) وَلَوْ فِي عَقْدٍ، لِأَنَّهُ وَإِنْ حُرِّمَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا، لَمْ يَكُنْ تَحْرِيمُهَا إلَّا مِنْ أَجْلِ الْمُصَاهَرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا رَضَاعَ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ (بَيْنَ أَمَةٍ وَسَيِّدَتُهَا) فِي نِكَاحٍ، لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا (وَلَا بَيْنَ أُخْتِ شَخْصٍ مِنْ أَبِيهِ وَأُخْتِهِ مِنْ أُمِّهِ) وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا حَلَّتْ لَهُ الْأُخْرَى، فَإِنْ وُلِدَ لَهَا وَلَدٌ فَالرَّجُلُ عَمُّهُ وَخَالُهُ (وَكُرِهَ جَمْعٌ بَيْنَ بِنْتَيْ عَمَّيْهِ أَوْ) بِنْتَيْ (عَمَّتَيْهِ وَ) بَيْنَ بِنْتَيْ (خَالَيْهِ وَ) بِنْتَيْ (خَالَتَيْهِ أَوْ) بَيْنَ (بِنْتِ عَمِّهِ وَ) بِنْتِ (عَمَّتِهِ أَوْ) بَيْنَ (بِنْتِ خَالِهِ وَ) بِنْتِ (خَالَتِهِ) لِمَا رَوَى أَبُو حَفْصٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُزَوَّجَ الْمَرْأَةُ عَلَى ذِي قَرَابَتِهَا مَخَافَةَ الْقَطِيعَةِ»؛ أَيْ: لِإِفْضَائِهِ إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ لَمْ يَحْرُمْ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} وَلِبُعْدِ الْقَرَابَةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ نِكَاحُهَا وَكَانَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ أَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ بِنْتٌ وَوَطِئَا) أَمَةً لَهُمَا أَوْ (امْرَأَةً) بِشُبْهَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ ذَكَرٍ، وَ(أُلْحِقَ وَلَدُهَا بِهِمَا فَتَزَوَّجَ رَجُلٌ بِالْمَرْأَةِ) الْمَوْطُوءَةِ (وَبِالْبِنْتَيْنِ) أَوْ بِهِمَا وَبِالْأَمَةِ (فَقَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ شَخْصٍ وَأُخْتَيْهِ) وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ مُبَانَةَ شَخْصٍ وَبِنْتِهِ، وَقَدْ نَظَّمَهَا بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَبْرُ الَّذِي يَجْلُو ذَكَاهُ كُلَّ غُمَّهْ أَفْتِنَا فِي رَجُلٍ زَوَّجَ أُخْتَيْهِ وَأُمَّهْ رَجُلًا حُرًّا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَالْعَقْدُ ثَمَّهُ جَائِزَ لَا خُلْفَ فِيهِ بَيْنَ أَعْيَانِ الْأَئِمَّهْ (فَمَنْ تَزَوَّجَ نَحْوَ أُخْتَيْنِ) كَامْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ؛ بَطَلَا (أَوْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ مَعًا) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (بَطَلَا) أَيْ الْعَقْدَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا، (وَلَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى؛ فَيَبْطُلُ فِيهِمَا؛ كَ) مَا لَوْ تَزَوَّجَ (خَمْسَ) زَوْجَاتٍ (بِعَقْدٍ) وَاحِدٍ؛ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ فِي الْكُلِّ، وَلَا مَزِيَّةَ لِوَاحِدَةِ عَلَى غَيْرِهَا، (فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ، (وَإِنْ تَزَوَّجَ الْأُخْتَيْنِ) أَوْ نَحْوَهُمَا (فِي عَقْدَيْنِ فِي زَمَنَيْنِ) وَاحِدَةً بَعْدَ الْأُخْرَى؛ فَإِنَّهُ (يَبْطُلُ) عَقْدُ (مُتَأَخِّرٍ) لِأَنَّ الْجَمْعَ حَصَلَ بِهِ (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا جَمْعَ فِيهِ؛ (كـَ) عَقْدٍ (وَاقِعٍ) عَلَى نَحْوِ أُخْتٍ (فِي عِدَّةِ) الْأُخْتِ (الْأُخْرَى وَلَوْ) كَانَتْ الْمُعْتَدَّةُ (بَائِنًا) كَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ خُلْعٍ أَوْ طَلَاقِ ثَلَاثٍ أَوْ عَلَى عِوَضٍ، وَكَمَا لَوْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً فِي عِدَّةِ رَابِعَةٍ، وَلَوْ مُبَانَةً؛ لِأَنَّ الْبَائِنَةَ مَحْبُوسَةٌ عَنْ النِّكَاحِ لِحَقِّهِ، فَأَشْبَهَتْ الرَّجْعِيَّةَ (فَإِنْ جَهِلَ) أَسْبَقَ الْعَقْدَيْنِ (فُسِخَا) أَيْ: فَسَخَهُمَا الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يُطَلِّقْهُمَا لِبُطْلَانِ النِّكَاحِ فِي إحْدَاهُمَا وَتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَلَا تُعْرَفُ الْمُحَلَّلَةُ لَهُ: فَقَدْ أَشْتَبَهَتَا عَلَيْهِ وَنِكَاحُ إحْدَاهُمَا صَحِيحٌ، وَلَا يُتَيَقَّنُ بَيْنُونَتُهَا مِنْهُ إلَّا بِطَلَاقِهَا أَوْ فَسْخِ نِكَاحِهِمَا، فَوَجَبَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ، وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا. قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُفَارِقَ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ يُجَدَّدُ عَقْدَ الْأُخْرَى، وَيُمْسِكُهَا؛ فَلَا بَأْسَ، وَسَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ بِقُرْعَةٍ أَوْ لَا (وَلِإِحْدَاهُمَا) أَيْ: إحْدَى مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا فِي زَمَنَيْنِ، وَجَهِلَ أَسْبِقَهُمَا، وَطَلَّقَهَا أَوْ فَسَخَ نِكَاحَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (نِصْفُ) مَهْرِهَا (الْمُسَمَّى بِقُرْعَةٍ) بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ، فَتَأْخُذُ مَنْ تَخْرُجُ لَهَا الْقُرْعَةُ، وَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى إحْدَاهُمَا فِي الْحَالِ بَعْدَ فِرَاقِ الْأُخْرَى قَبْلَ الدُّخُولِ، لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ، (فَإِنْ) كَانَ (أَصَابَ إحْدَاهُمَا) دُونَ الْأُخْرَى: ثُمَّ طَلَّقَهَا، أَوْ فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَهُمَا، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا (فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهَا) أَيْ: الْمُصَابَةِ (فـَ) لَهَا الْمَهْرُ (الْمُسَمَّى) جَمِيعُهُ؛ لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى، (وَإِلَّا) تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ لِلْمُصَابَةِ بِأَنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهَا (فـَ) لِلْمُصَابَةِ (مَهْرُ مِثْلِهَا) بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا (وَنِصْفُ) مَهْرٍ (مُسَمًّى لِلْأُخْرَى)، لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَهُ نِكَاحُ الْمُصَابَةِ فِي الْحَالِ، لَا الْأُخْرَى حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُصَابَةِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا وَأَصَابَهُمَا، فَلِإِحْدَاهُمَا الْمُسَمَّى، وَلِلْأُخْرَى مَهْرُ الْمِثْلِ، يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا: لِتَمْيِيزِ مَنْ تَأْخُذُ مِمَّنْ تَأْخُذُ مَهْرَ الْمِثْلِ إنْ تَفَادَتَا وَلَا يَنْكِحُ إحْدَاهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأُخْرَى (وَإِنْ وَلَدَتَا مِنْهُ) كِلْتَاهُمَا أَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ إحْدَاهُمَا (لَحِقَهُ النَّسَبُ) لِأَنَّهُ إمَّا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ. (وَمَنْ مَلَكَ أُخْت زَوْجَتِهِ أَوْ) مَلَكَ (عَمَّتَهَا أَوْ) مَلَكَ (خَالَتَهَا) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (صَحَّ) مِلْكُهُ لَهَا، لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَغَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ صَحَّ شِرَاؤُهُ أُخْتَهُ مِنْ رَضَاعٍ (وَحَرُمَ أَنْ يَطَأَهَا) أَيْ: الَّتِي مَلَكَهَا (أَوْ يُبَاشِرَهَا وَنَحْوَهُ) كَأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا بِشَهْوَةٍ؛ إذْ دَوَاعِي الْوَطْءِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا حُكْمُ الْمَقَاصِدِ (حَتَّى يُفَارِقَ زَوْجَتَهُ، وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) لِئَلَّا يَجْمَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ؛ وَنَحْوِهِمَا، وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ، لِحَدِيثِ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعُ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ». وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ. تَتِمَّةٌ: وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَوَطِئَهَا حَلَّ لَهُ شِرَاءُ أُمِّهَا وَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا؛ كَمَا يَحِلُّ لَهُ شِرَاءُ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمُزَوَّجَةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ لِنَحْوِ رَضَاعٍ.
|