الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
قوله: (من الشرك)، من: للتبعيض؛ فيدل على أن الشرك ليس مختصا بهذا الأمر. والاستغاثة: طلب الغوث، وهوإزالة الشدة. وكلام المؤلف رحمه الله ليس على إطلاقه، بل يقيد بما لا يقدر عليه المستغاث به، إما لكونه ميتا، أو غائبا، أويكون الشيء مما لا يقدر على أزالته إلا الله تعالى، فلواستغاث بميت ليدفع عنه أوبغائب أوبحي حاضر لينزل المطر، فهذا كله من الشرك، ولو استغاث بحي حاضر فيما يقدر عليه كان جائزا، قال الله تعالى: وإذا طلبت من أحد الغوث وهوقادر عليه؛ فإنه يجب عليك تصحيحا لتوحيدك أن تعتقد أنه مجرد سبب، وأنه لا تأثير له بذاته في إزالة الشدة؛ لأنك ربما تعتمد عليه وتنسى خالق السبب، وهذا قادح في كمال التوحيد. قوله: (أو يدعو غيره)، معطوف على قوله: (أن يستغيث)؛ فيكون المعنى: من الشرك أن يدعوغير الله، وذلك لأن الدعاء من العبادة، قال الله تعالى: وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ]. والدعاء ينقسم إلى قسمين: 1-ما يقع عبادة، وهذا صرفه لغير الله شرك، وهو المقرون بالرهبة والرغبة، والحب، والتضرع. 2-ما لا يقع عبادة؛ فهذا يجوز أن يوجه إلى المخلوق، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: قوله: (أن يستغيث)، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر، وخبرها مقدم، وهوقوله: من الشرك، والتقدير: من الشرك بغير الله، والمبتدأ يكون صريحا ومؤولا. فالمبتدأ الصريح مثل: زيد قائم، والمؤول مثل: وقوله: (أو يدعو) هذا من باب عطف العام على الخاص؛ لأن الاستغاثة دعاء بإزالة الشدة فقط، والدعاء عام لكونه لجلب منفعة، أولدفع مضرة. وقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب عدة آيات: * * * وقول الله تعالى: * § الآية الأولى قوله: ظاهر سياق الآية أن الخطاب للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسواء كان خاصا به أوعاما له ولغيره؛ فإن بعض العلماء قال: لا يصح أن يكون للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستحيل أن يقع منه ذلك، والآية على تقدير قل، وهذا ضعيف جدا، وإخراج للآيات عن سياقها. والصواب: أنه خاص بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والحكم له ولغيره، وأما عام لكل من يصح خطابه ويدخل فيه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وكونه يوجه إليه مثل هذا الخطاب لا يقتضي أن يكون ممكنا منه، قال تعالى: إذا؛ فالحكمة من النهي أن يكون غيره متأسيا به، فإذا كان النهي موجها إلى من لا يمكن منه باعتبار حاله؛ فهو إلى من يمكن منه من باب أولى. وقوله: الأول: دعاء عبادة وهو أن يكون قائما بأمرالله؛ لأن القائم بأمر الله -كالمصلي، والصائم، والمزكي - يريد بذلك الثواب والنجاة من العقاب، ففعله متضمن للدعاء بلسان الحال، وقد يصحب فعله هذا دعاء بلسان المقال. الثاني: دعاء مسألة، وهو طلب ما ينفع، أو طلب دفع ما يضره. فالأول لا يجوز صرفه لغير الله، والثاني فيه تفصيل سبق. قوله: (من دون الله)، أي: سوى الله. قوله: (ما لا ينفعك)، أي: ما لا يجلب لك النفع لو عبدته. (ولا يضرك): قيل: لا يدفع عنك الضر، وقيل: لو تركت عبادته لا يضرك؛ لأنه لا يستطيع الانتقام، وهو الظاهر من اللفظ. قوله: ومن القيد الذي ليس بشرط، بل هو لبيان الواقع قوله تعالى: فإن قوله: ومنه قوله تعالى: ومنه قوله تعالى: وكل قيد يراد به بيان الواقع؛ فإنه كالتعليل للحكم؛ فمثلا قوله تعالى: وقوله تعالى: وكذلك قوله تعالى: قوله: (إن): شرطية، وجواب الشرط جملة: (فإنك إذا). و(إذا)؛ أي: حال فعلك من الظالمين، وهوقيد، لأن (إذا) للظرف الحاضر، أي: فإنك حال فعله من الظالمين، لكن قد تتوب منه فيزول عنك وصف الظلم؛ فالإنسان قبل الفعل ليس بظالم، وبعد التوبة ليس بظالم، لكن حين فعل المعصية يكون ظالما كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ونوع الظلم هنا ظلم شرك، قال الله تعالى: * * * * الآية الثانية قوله: (وإن يمسسك)، أي: يصيبك بضر؛ كالمرض، والفقر، ونحوه. قوله: أي: ما أحد يكشفه أبدا إذا مسك الله بضر إلا الله، وهذا كقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ]. قوله: الجواب: هناك فرق معنوي، وهو أن الأشياء المكروهة لا تنسب إلى إرادة الله، بل تنسب إلى فعله؛ أي: مفعوله. فالمس من فعل الله، والضر من مفعولاته؛ فالله لا يريد الضر لذاته، بل يريده لغيره؛ لما يترتب عليه من الخير، ولما وراء ذلك من الحكم البالغة، وفي الحديث القدسي: أما الخير؛ فهومراد لله لذاته، ومفعول له، ويقرب من هذا ما في سورة الجن: فإذا أصيب الإنسان بمرض؛ فالله لم يرد به الضرر لذاته، بل أراد المرض، وهو يضره، لكن لم يرد ضرره، بل أراد خيرا من وراء ذلك، وقد تكون الحكمة ظاهرة في نفس المصاب، وقد تكون ظاهرة في غيره؛ كما قال الله تعالى: فالمهم أنه ليس لنا أن نتحجر حكمة الله؛ لأنها أوسع من عقولنا، لكننا نعلم علم اليقين أن الله لا يريد الضرر لأنه ضرر؛ فالضرر عند الله ليس مرادا لذاته، بل لغيره، ولا يترتب عليه إلا الخير، أما الخير؛ فهو مراد لذاته، ومفعول له، والله أعلم بما أراد بكلامه، لكن هذا الذي يتبين لي. قوله: وعليه؛ فنعتمد على الله في جلب النافع، ودفع المضار، وبقاء ما أنعم علينا به، ونعلم أن الأمة مهما بلغت من المكر والكيد والحيل لتمنع فضل الله؛ فإنها لا تستطيع. قوله: (يصيب به من يشاء)، الضمير إما أن يعود إلى الفضل؛ لأنه أقرب، أوإلى الخير؛ لأنه هو الذي يتحدث عنه، ولا يختلف المعنى بذلك. قوله: (من يشاء)، كل فعل مقيد بالمشيئة؛ فإنه مقيد بالحكمة؛ لأن وقوله: مشيئة الله ليست مجردة يفعل ما يشاء لمجرد أنه يفعله فقط؛ لأن من صفات الله الحكمة، ومن أسمائه الحكيم، قال الله تعالى: قوله: والرحيم؛ أي: ذوالرحمة، وهي صفة تليق بالله ـ عز وجل ـ تقتضي الإحسان والإنعام. الشاهد قوله: قوله في الآية الثانية: * * * * الآية الثالثة قوله: لو أتي المؤلف بأول الآية: قوله: (عند الله): عند الله: حال من الرزق، وقدم الحال مع أن موضعها التأخير عن صاحبها لإفادة الحصر؛ إذ إن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر؛ أي: فابتغوا الرزق حال كونه عند الله لا عند غيره. قوله: (واعبدوه)، أي: تذللوا بالطاعة؛ لأن العبادة مأخوذة من التعبيد، وهوالتذليل، ومنه قولهم: طريق معبد؛ أي: مذلل للسالكين، قد أزيل عنه الأحجار والأشجار المؤذية؛ لأنكم إذا تذللتم له بالطاعة؛ فهومن أسباب الرزق، قال تعالى: قوله: (واشكروا له)، إذا أضاف الله الشكر له متعديا باللام؛ فهو إشارة إلى الإخلاص؛ أي: واشكروا نعمة الله لله؛ فاللام هنا لإفادة الإخلاص؛ لأن الشاكر قد يشكر الله لبقاء النعمة، وهذا لا بأس به، ولكن كونه شكر لله وتأتي إرادة بقاء النعمة تبعًا هذا هو الأكمل والأفضل. والشكر فسروه بأنه: القيام بطاعة المنعم، وقالوا: إنه يكون في ثلاثة مواضع: 1ـ في القلب، وهو أن يعترف بقلبه أن هذه النعمة من الله، فيرى لله فضلًا عليه بها، قال تعالى: 2ـ اللسان، وهو أن يتحدث بها على وجه الثناء على الله والاعتراف وعدم الجحود، لا على سبيل الفخر والخيلاء والترفع على عباد الله؛ فيتحدث بالغنى لا ليكسر خاطر الفقير، بل لأجل الثناء على الله، وهذا جائز كما في قصة الأعمى من بني إسرائيل لما ذكرهم الملك بنعمة الله، قال: والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحدث بنعمة الله عليه بالسيادة المطلقة: فقال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) ] 3ـ الجوارح، وهو أن يستعملها بطاعة المنعم، وعلى حسب ما يختص بهذه النعمة. فمثلًا: شكر الله على نعمة العلم: أن تعمل به، وتعلمه الناس. وشكر الله على نعمة المال: أن تصرفه بطاعة الله، وتنفع الناس به. وشكر الله على نعمة الطعام: أن تستعمله فيما خلق له، وهو تغذية البدن؛ فلا تبني من العجين قصرًا مثلًا؛ فهولم يخلق لهذا الشيء. قوله: {إليه ترجعون}، الجار والمجرور متعلق بـ (ترجعون)، وتقديمه دل على الحصر، أي أن رجوعنا إلى الله ـ سبحانه ـ وهو الذي سيحاسبنا. وقوله: على ما حملنا إياه من الأمر بالعبادة، والأمر بالشكر، وطلب الرزق منه. والشاهد من هذه الآية: * الآية الرابعة قوله تعالى: (ومن أضل)، (من): اسم استفهام مبتدأ، و(أضل): اسم تفضيل؛ أي: لا أحد أضل من هذا. والضلال: أنه يتيه الإنسان عن الطريق الصحيح. وإذا كان الاستفهام مراد به النفي كان أبلغ من النفي المجرد؛ لأنه يحوله من نفي إلى تحد؛ أي: بين لي عن أحد أضل ممن يدعومن دون الله؟ فهومتضمن للتحدي، وهو أبلغ من قوله: لا أضل ممن يدعو؛ لأنه هذا نفي مجرد، وذلك نفي مشرب معنى التحدي. قوله: (ممن يدعو)، متعلق بأضل، ويراد بالدعاء هنا دعاء المسألة ودعاء العبادة. قوله: (من دون الله)، أي: سواه. قوله: وقوله: قوله: ومنه قوله تعالى: قوله: {عن دعائهم}، الضمير في دعائهم يعود إلى المدعوين، وهل المعنى: (وهم)؛ أي: الأصنام، {عن دعائهم}، أي: دعاء الداعين إياهم، فيكون من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، أوالمعنى: و(هم) عن دعاء العابدين لهم؛ فيكون (دعاء) مضافًا إلى فاعله، والمفعول محذوف؟ الأول أبلغ، أي عن دعاء العابدين إياهم أبلغ من دعاء العابدين على سبيل الإطلاق، فإذا قلت: (عن دعائهم)؛ أي: عن دعاء العابدين إياهم، وجعلت الضمير هنا يعود على المدعوين؛ صار المعني أن هذه الأصنام غافلة عن دعوة هؤلاء إياهم، ويكون هذا أبلغ في أن هذه الأصنام لا تفيد شيئًا في الدنيا ولا في الآخرة. قوله: الجواب: يشمل المعنيين، وهذا من بلاغة القرآن. الشاهد: قوله: فالذي يأتي للبدوي أوللدسوقي في مصر، فيقول: المدد! المدد! أو: أغثني؛ لا يغني عنه شيئًا، ولكن قد يبتلى فيأتيه المدد عند حصول هذا الشيء لا بهذا الشيء، وفرق بين ما يأتي بالشيء وما يأتي عند الشيء. مثال ذلك: امرأة دعت البدوي أن تحمل، فلما جامعها زوجها حملت، وكانت سابقًا لا تحمل؛ فنقول هنا: إن الحمل لم يحصل بدعاء البدوي، وإنما حصل عنده لقوله تعالى: أو يأتي للجيلاني في العراق، أو ابن عربي في سوريا، فيستغيث به؛ فإنه لا ينتفع، ولو بقي الواحد منهم إلى يوم القيامة يدعو ما أجابه أحد. والعجب أنهم في العراق يقولون: عندنا الحسين، فيطوفون بقبره ويسألونه، وفي مصر كذلك، وفي سوريا كذلك، وهذا سفه في العقول، وقوله: وضلال في الدين، والعامة قد لا يلامون في الواقع، لكن الذي يلام من عنده علم من العلماء ومن غير العلماء. * * * * الآية الخامسة قوله تعالى: (أمن)، أم: منقطعة، والفرق بين المنقطعة والمتصلة ما يلي: 1ـ المنقطعة بمعنى بل، والمتصلة بمعنى أو. 2ـ المتصلة لا بد فيها من ذكر المعادل، والمتصلة لا يشترط فيها ذكر المعادل. مثال ذلك: أعندك زيد أم عمرو؟ فهذه متصلة، وقوله تعالى: قوله: {المضطر}، أصلها: المضتر؛ أي: الذي أصابه الضرر، قال تعالى: قوله: {ويكشف السوء}، أي: يزيل السوء، والسوء: ما يسوء المرء، وهودون الضرورة؛ لأن الإنسان قد يساء بما لا يضره، لكن كل ضرورة سوء. وقوله: {ويكشف السوء} هل هي متعلقة بما قبلها في المعنى، وإنه إذا أجابه كشف سوءه، أوهي مستقلة يجيب المضطر إذا دعاه ثم أمر آخر يكشف السوء؟ الجواب: المعنى الأخير أعم؛ لأنها تشمل كشف سوء المضطر وغيره، ومن دعا الله ومن لم يدعه، وعلى التقدير الأول تكون خاصة بكشف سوء المضطر، ومعلوم أنه كلما كان المعنى أعم كان أولى، ويؤيد العموم قوله: قوله: قوله: (أإله مع الله)، الاستفهام للإنكار أو بمعنى النفي، وهما متقاربان أي: هل أحد مع الله يفعل ذلك؟! الجواب: لا، وإذا كان كذلك؛ فيجب أن تصرف العبادة لله وحده، وكذلك الدعاء؛ فالواجب على العبد أن يوجه السؤال إلى الله تعالى، ولا يطلب من أحد أن يزيل ضرورته ويكشف سوءه وهو لا يستطيع. * إشكال وجوابه: وهو أن الإنسان المضطر يسأل غير الله ويستجاب له، كمن اضطر إلى طعام وطلب من صاحب الطعام أن يعطيه فأعطاه؛ فهل يجوز أو لا؟ الجواب: أن هذا جائز، لكن يجب أن نعتقد أن هذا مجرد سبب لا أنه مستقل؛ فالله جعل لكل شيء سببًا، فيمكن أن يصرف الله قلبه فلا يعطيك، ويمكن أن تأكل ولا تشبع فلا تزول ضرورتك، ويمكن أن يسخره الله ويعطيك. * * * روى الطبراني بإسناده [الطبراني في (المعجم الكبير)، كما في (معجم الزوائد) (10/159).]: أنه كان في زمن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من هذا المنافق. قوله: (بإسناده)، يشير إلى أن هذا الإسناد ليس على شرط الصحيح، أو المتفق عليه بين الناس، بل هو إسناده الخاص، وعليه؛ فيجب أن يراجع هذا الإسناد فليس كل إسناد محدث قد تمت فيه شروط القبول. وذكر الهيثمي في (مجمع الزوائد): (إن رجاله رجال الصحيح)؛ غير ابن لهيعة، وهوحسن الحديث، وابن لهيعة خلط في آخر عمره لاحتراق كتبه)، ولم يذكر المؤلف الصحابي، وفي الشرح هو عبادة بن الصامت رضي الله عنه. قوله: (في زمن النبي)، أي: عهده، وكان الكافر أولًا يعلن كفره ولا يبالي، ولما قوي المسلمون بعد غزوة بدر خاف الكفار؛ فصاروا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر. قوله: (منافق)، المنافق: هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهؤلاء ظهروا بعد غزوة بدر. ولم يسم المنافق في هذا الحديث؛ فيحتمل أنه عبد الله بن أبي؛ لأنه مشهور بإيذاء المسلمين، ويحتمل غيره. فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: واعلم أن أذية المنافقين للمسلمين ليست بالضرب أوالقتل؛ لأنهم يتظاهرون بمحبة المسلمين، ولكن بالقول والتعريض كما صنعوا في قصة الإفك. قوله: (فقال بعضهم)، أي: الصحابة. قوله: (نستغيث)، أي: نطلب الغوث وهو إزالة الشدة. قوله: (من هذا المنافق)، إما بزجره، أو تعزيزه، أوبما يناسب المقام. وفي الحديث إيجاز حذف دل عليه السياق؛ أي: فقاموا إلى رسول الله، فقالوا: يا رسول الله! إنا نستغيث بك من هذا المنافق. قوله: فعلى الأول: يكون نفي الاستغاثة من باب سد الذرائع والتأدب في اللفظ، وليس من باب الحكم بالعموم؛ لأن نفي الاستغاثة بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس على إطلاقه، بل تجوز الاستغاثة به فيما يقدر عليه. أما إذا قلنا: إن النفي عائد إلى القضية المعنية التي استغاثوا بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منها؛ فإنه يكون على الحقيقة، أي: على النفي الحقيقي، أي: لا يستغاث بي في مثل هذه القضية؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يعامل المنافقين معاملة المسلمين، ولا يمكنه حسب الحكم الظاهر للمنافقين أن ينتقم من هذا المنافق انتقامًا ظاهرًا؛ إذ إن المنافقين يستترون، وعلى هذا؛ فلا يستغاث للتخلص من المنافق إلا بالله. * * *
|