الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
5783 - (غيرتان) تثنية غيرة وهي الحمية والأنفة (إحداهما يحبها اللّه والأخرى يبغضها اللّه ومخيلتان) تثنية مخيلة (إحداهما يحبها اللّه والأخرى يبغضها اللّه الغيرة في الريبة) أي عند قيام الريبة (يحبها اللّه والغيرة في غير الريبة) بل بمجرد سوء الظن (يبغضها اللّه) وهذه الغيرة تفسد المحبة وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه ومن الغيرة الفاسدة ما وقع لبعض الصوفية أنه قيل له: أتحب أن تراه قال: لا قيل: ولم قال: أنزه ذاك الجمال عن نظر مثلي وهذه شطحة مذمومة لا تعد من مناقب هذا القائل وإن جلّ فإن رؤيته تعالى أعلى نعيم الجنة وقد سألها من هو أعلى منزلة منه ومن غيره وهو المصطفى صلى اللّه عليه وسلم (والمخيلة إذا تصدق الرجل يحبها اللّه) لأن الإنسان يهزه رائحة السخاء [ص 408] فيعطيها طيبة بها نفسه ولا يستكثر كثيراً ولا يعطي منها شيئاً إلا وهو مستقل له (والمخيلة في الكبر يبغضها اللّه عز وجل) قال ابن حجر: وهذا الحديث ضابط الغيرة التي يلام صاحبها والتي لا يلام فيها قال: وهذا التفصيل يتمحض في حق الرجل لضرورة امتناع اجتماع زوجين لامرأة لطريق الحلّ وأما المرأة فحيث غارت من زوجها في ارتكاب محرم كزنا أو نقص حق وجور عليها لضرة وتحققت ذلك أو ظهرت القرائن فهي غيرة مشروعة فلو وقع ذلك بمجرد توهم عن غير ريبة فهي الغيرة في غير ريبة وأما لو كان الزوج عادلاً ووفى لكل من زوجتيه حقها فالغيرة منها إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من النساء فتعذر فيها ما لم يتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل وعليه حمل ما جاء عن السلف الصالح من النساء في ذلك كعائشة وزينب وغيرهما. - (حم طب ك) في الزكاة (عن عقبة بن عامر) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجال الطبراني رجال الصحيح غير عبد اللّه بن زيد الأزرق وهو ثقة. 5784 - (غيروا) ندباً (الشيب) بنحو حناء أو كتم لا بسواد لحرمته (ولا تشبهوا) قال ابن بطال: بفتح أوله وأصله تتشبهوا فحذف إحدى التاءين ويجوز ضم أوله وكسر الموحدة والأول أظهر (باليهود) في ترك الخضاب فإنهم لا يخضبون فخالفوهم ندباً وقد دل الكتاب وجاء صريح سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين التي أجمع الفقهاء عليها بمخالفتهم وترك التشبه بهم وإذا نهى عن التشبه بهم في بقاء بياض الشيب الذي ليس من فعلنا فلأن ينهى عن إحداث التشبه بهم أولى. - (حم ن عن الزبير) بن العوام (ت) في اللباس (عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وهو فيه تابع للترمذي لكن فيه عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال في الميزان: ضعفه ابن معين وشعبة ووثقه ابن حبان وقال النسائي: غير قوي وأبو حاتم: لا يحتج به ثم ساق هذا الخبر وأعاده في ترجمة يحيى بن أبي شيبة الرهاوي وقال: أجمعوا على ترك حديثه. 5785 - (غيروا الشيب) أي لونه ندباً قال الزين العراقي في شرح الترمذي: وصرفه عن الوجوب كون المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لم يختضب وكذا جمع من الصحابة انتهى وفيه نظر فما كان يأمر بشيء إلا كان أول آخذ به (ولا تشبهوا باليهود والنصارى) أي فيما يتعلق بتغيير الشيب فيحتمل أن المراد أنهم لا يغيرونه أصلاً وأنهم يغيرون بغير ما أذن فيه وهو الحناء والكتم والصفر قال الزين العراقي: والأولى أظهر بدليل خبر أن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم لكن بدل للثاني حديث عمر عند الطبراني السواد خضاب الكافر لكن لا يلزم من نسبته للكافر دخول اليهود والنصارى فيه وفيه ندب مخالفة اليهود والنصارى مطلقاً فإن العبرة بعموم اللفظ قال ابن تيمية: أمر بمخالفتهم وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمراً مقصوداً للشارع لأنه إن كان الأمر بجنس المخالفة حصل القصد وإن كان الأمر بها في تغيير الشيب فقط فهو لأجل ما فيه من المخالفة فالمخالفة إما علة مفردة أو علة أخرى أو بعض علة وكيف كان يكون مأموراً بها مطلوبة من الشارع لأن الفعل المأمور إذا عبر عنه بلفظ مشتق من معنى أعم من ذلك الفعل فلا بد أن يكون ما منه الاشتقاق أمراً مطلوباً سيما إن ظهر لنا أن المعنى المشتق منه مناسب للحكمة. - (حم حب عن أبي هريرة) ورواه النسائي بدون قوله والنصارى. 5786 - (غيروا الشيب ولا تقربوا السواد) قال في الفردوس: يعني أبا قحافة أبا أبي بكر الصديق وذلك أنه جيء بأبي قحافة [ص 409] يوم الفتح وكان رأسه ولحيته ثغامة بيضاء فقال ذلك قال ابن حجر: يستحب الخضاب إلا إن كانت عادة أهل بلده ترك الصبغ فإن من يتفرد به عنهم يصير في مقام الشهرة فالترك أولى. - (حم عن أنس) بن مالك قضية صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجاً في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد عزاه في الفردوس وغيره إلى مسلم بلفظ وجنبوه بدل ولا تقربوه قال الديلمي: وفي الباب أسماء. *2* 5787 - (الغازي في سبيل اللّه والحاج والمعتمر وفد اللّه) أي قادمون عليه امتثالاً لأمره (دعاهم) إلى الحج والغزو والاعتمار (فأجابوه وسألوه فأعطاهم) ما سألوه فيه ومقصود الحديث بيان أن الحاج حجاً مبروراً لا ترد دعوته. - (ه حب عن ابن عمر) بن الخطاب. 5788 - (الغبار في سبيل اللّه إسفار الوجوه يوم القيامة) أي يكون ذلك نوراً على وجوههم فيها. - (حل عن أنس) ورواه عنه الطبراني والديلمي. 5789 - (الغدو والرواح إلى المساجد من الجهاد في سبيل اللّه) أي مما يلحق به في الثواب أي فيه ثواب عظيم لما فيه من المجاهدة والمرادعة للنفس والشيطان ذكره ابن عساكر وغيره. - (طب) وكذا الديلمي (عن أبي أمامة) فيه القاسم أبو عبد الرحمن وفيه خلاف ذكره الهيثمي. 5790 - (الغدو والرواح في تعليم العلم) أي الشرعي (أفضل عند اللّه من الجهاد في سبيل اللّه) ما لم يتعين الجهاد. - (أبو مسعود الأصبهاني في معجمه وابن النجار) في تاريخه (فر عن ابن عباس) ورواه عنه أيضاً الحاكم وعنه أورده الديلمي مصرحاً فلو عزاه المصنف له لكان أولى. 5791 - (الغرباء في الدنيا أربعة قرآن في جوف ظالم ومسجد في نادي قوم لا يصلى فيه ومصحف في بيت لا يقرأ فيه ورجل صالح مع قوم سوء) قال في الفردوس: النادي والندى مجتمع القوم ودار الندوة أخذت من ذلك لأنهم كانوا يجتمعون ويتحدثون فيها والمراد أن كل واحد منهم كالغريب النائي عن وطنه النازل في غير منزلته اللائقة به. - (فر) وكذا ابن لال (عن أبي هريرة) وفيه عبد اللّه بن هارون الصوري قال الذهبي في الذيل: لا يعرف. 5792 - (الغرفة) أي في الجنة (من ياقوتة حمراء أو زبرجدة خضراء أو درة بيضاء ليس فيها فصم) بالفاء صدع ولا تكسر [ص 410] والفصم الكسر بلا إبانة وفي التنزيل - (الحكيم الترمذي عن سهل بن سعد) الساعدي. 5793 - (الغريب إذا مرض فنظر عن يمينه وعن شماله ومن أمامه ومن خلفه فلم ير أحداً يعرفه) ولا يعطف عليه (يغفر اللّه له ما تقدم من ذنبه) لأن المرض في الغربة من أعظم المصائب وأشد البلاء فجوزي عليه بالغفران والنجاة من النيران. - (ابن النجار) في تاريخه وكذا الديلمي (عن ابن عباس) قال السخاوي بعد ما أورد هذا الخبر وما أشبهه: لا يصح شيء من ذلك. 5794 - (الغريق شهيد والحريق شهيد والغريب شهيد والملدوغ شهيد والمبطون شهيد ومن وقع عليه البيت فهو شهيد ومن يقع من فوق البيت فتدق رجله أو عنقه فيموت فهو شهيد ومن وقع عليه الصخرة فهو شهيد والغيرى على زوجها) غيرة غير مذمومة متجاوزة للحدود الشرعية وكذلك الأمة على سيدها (كالمجاهد في سبيل اللّه فلها أجر شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون نفسه فهو شهيد ومن قتل دون أخيه) في الدين أي لدفع عنه والمراد أخوه في الإسلام وإن لم يكن أخوه في النسب (فهو شهيد ومن قتل دون جاره فهو شهيد والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر شهيد) أي إذا أمر ظالماً بمعروف أو نهاه عن منكر فقتله يكون شهيداً فهؤلاء كلهم شهداء في حكم الآخرة لا الدنيا. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن علي) أمير المؤمنين. 5795 - (الغريق في سبيل اللّه شهيد) أي الغازي في البحر إذا غرق فيه فهو شهيد يعني هو من شهداء الآخرة. - (تخ عن عقبة بن عامر). 5796 - (الغزو خير لوديك) يا من قلنا له ألا تغزو فقال غرست ودياً لي أي نخلاً صغاراً وأخاف أن تضيع فغزا الرجل ورجع فوجد وديه كأحسن الودى وأجوده. -(فر عن أبي الدرداء) ورواه عنه أيضاً أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمي فلو عزاه المصنف إلى الأصل لكان أولى. [ص 411] 5797 - (الغزو غزوان) قال القاضي: الغزو غزوان غزو على ما ينبغي وغزو على ما لا ينبغي فاختصر الكلام واستغنى بذكر الغزاة وعد أصنافها وشرح حالهم وبيان أحكامهم عن ذكر القسمين وشرح كل واحد منهما مفصلاً (فأما من غزا ابتغاء وجه اللّه تعالى) أي طلباً للأجر الأخروي منه لا لأجل حظه من الغنيمة ولا ليقال فلان شجاع (وأطاع الإمام) أي في غزوه فأتى به على ما أمره (وأنفق الكريمة) أي الناقة العزيزة عليه المختارة عنده وقيل نفسه (وياسر الشريك) أي أخذ باليسر والسهولة مع الرفيق نفعاً بالمعونة وكفاية للمؤونة (واجتنب الفساد في الأرض) بأن لم يتجاوز الحد المشروع في نحو قتل ونهب وتخريب (فإن نومه ونبهه) بفتح فسكون يقظته (أجر كله) أي ذو أجر وثواب والمراد أن من كان هذا شأنه فجميع حالاته من حركة وسكون ونوم ويقظة جالبة للثواب بمعنى أن كلاً من ذلك أجر فقوله كله مبتدأ وأجر خبره ولا يصح جعل كله تأكيداً ذكره القاضي والطيبي (وأما من غزا فخراً ورياء) بالمد (وسمعة) بضم السين أي ليراه الناس ويسمعونه (وعصى الإمام وأفسد في الأرض فإنه لن يرجع بالكفاف) أي الثواب وهو مأخوذ من كفاف الشيء وهو خياره أو من الرزق أي لم يرجع بخير أو بثواب يغنيه يوم القيامة أي لم يعد من الغزو رأساً برأس بحيث لا أجر ولا وزر بل عليه الوزر لأنه لم يغز. - (حم ت ك هب عن معاذ) بن جبل قال الحاكم: صحيح وقال المناوي: فيه بقية وفيه ضعيف. 5798 - (الغسل يوم الجمعة سنة) أي غير واجب وهذا ما عليه جماهير السلف والخلف وحكاه الخطابي عن عامة الفقهاء وعياض عن أئمة الأمصار ونقل ابن عبد البر عليه الإجماع ونوزع. - (طب حل عن ابن مسعود) ورواه عنه الديلمي أيضاً. 5799 - (الغسل واجب على كل مسلم في كل سبعة أيام) أي في كل سبعة أيام من يوم الجمعة كما فصح به في رواية ابن خزيمة والنسائي وبه احتج أبو ثور على أن الغسل لليوم (شعره وبشره) يعني أن كل من كان مسلماً يلزمه عقلاً أن يفعل ذلك وإلا لم يكن محافظاً على اتباع السنة فهو واجب في تحقق الصفة على الكمال فتدبر. - (طب عن ابن عباس). 5800 - (الغسل يوم الجمعة واجب) في الأخلاق الكريمة وحسن المجالسة (على كل محتلم) أي بالغ وهو مجاز لأن الاحتلام يستلزم البلوغ والقرينة المانعة من الحمل على الحقيقة أن الاحتلام إذا كان معه إنزال كان واجباً للغسل سواء كان يوم الجمعة أو غيره (وأن يستن) أي يدلك أسنانه بالسواك وأن مصدرية أي والاستنان وهو الاستياك (وأن يمس) بفتح الميم على الأفصح (طيباً) أي أيّ طيب كان (إن وجد) الطيب أو السواك والطيب لكن تأكدهما دون تأكد الغسل إذ لم يقل أحد في أحدهما بالوجوب كما قيل فيه ولهذا أخذ الجمهور من عطفها عليه عدم وجوبه لأنهما حيث وقع الاتفاق على عدم وجوبهما فما عطفا عليه يكون غير واجب وظاهر الحديث أن الغسل مشروع للبالغ وإن لم يرد حضور الجمعة، وظاهر خبر إذا جاء أحدكم أنه لمريدها ولو طفلاً وبه أخذ الشافعية. - (حم ق د [ص 412] عن أبي سعيد) الخدري. 5801 - (الغسل يوم الجمعة على كل محتلم) لم يذكر في هذا الطريق لفظة واجب (والسواك) عليه أيضاً قال ابن المنير: لما خصت الجمعة بطلب تحسين الظاهر من الغسل والتنظف والتطيب ناسب ذلك تطييب الفم الذي هو محل الذكر والمناجاة وإزالة ما يضر بالملائكة وبني آدم (ويمس من الطيب ما قدر عليه) يحتمل أنه هو للتأكيد أي يفعل منه ما أمكن قال عياض: ويرجحه قوله (ولو من طيب المرأة) المكروه للرجال لظهور لونه وخفاء ريحه فإباحته للرجال لفقد غيره بدل للتأكيد (إلا أن يكثر) أي طيب المرأة فلا يفعل، أفهم اقتصاره على المس الأخذ بالتخفيف وفيه تنبيه على الرفق وعلى تيسير الأمر في الطيب بأن يكون بأقل ما يمكن. فائدة: حكى ابن العربي وغيره أن بعضهم قال: يجزئ عن الغسل للجمعة التطيب لأن القصد النظافة وعن بعضهم أنه لا يشترط له الماء المطلق بل يجزئ بنحو ماء ورد ثم تعقبه بأنهم قوم وقفوا على المعنى وأغفلوا المحافظة على التعبد بالمعنى والجمع بين التعبد والمعنى أولى. - (ن حب عن أبي سعيد) الخدري. 5802 - (الغسل من الغسل) أي الغسل لبدن الغاسل واجب من غسله لبدن الميت (والوضوء) واجب (من الحمل) أي من حمل الميت، يفسره خبر من غسل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ وجرى على ذلك بعض الأئمة فأوجب الغسل على غاسل الميت والوضوء على حامله والأكثر على أن ذلك مندوب لا واجب فيأول الخبر بمعنى ما سبق. - (الضياء) المقدسي (عن أبي سعيد). 5803 - (الغسل صاع والوضوء مد) أي يسن أن يكون ماء الغسل صاعاً وهو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي وماء الوضوء مداً فإن نقص وأسبغ أجزأ وإن زاد كان إسرافاً وهذا فيمن بدنه كبدن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم نعومة ونحوها وإلا زيد ونقص لائق بالحال. - (طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن القطان: ضعيف ولم يبين وجه ضعفه وبينه الهيثمي فقال: فيه الحكم بن نافع ضعفه أبو زرعة ووثقه ابن معين قال ابن القطان: ومعناه ورد من طريق صحيح عند ابن السكن. 5804 - (الغسل في هذه الأيام واجب) أي هو كالواجب في التأكد (يوم الجمعة ويوم الفطر) أي يوم عيده (ويوم النحر) أي عيده (ويوم عرفة) يعني هو في هذه الأيام متأكد الندب على وتيرة ما سبق. - (فر عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن عبد الحميد قال الذهبي: قال أحمد كان يكذب جهاراً. 5805 - (الغضب من الشيطان) لأنه ناشئ عن وسوسته وإغوائه فأسند إليه لذلك (والشيطان خلق من النار والماء يطفئ النار فإذا غضب أحدكم فليغتسل) ظاهر الخبر أن الغضب عرض يتبعه غليان دم القلب لإرادة الانتقام وفي خبر آخر ما يقتضي أنه عجن بطينة الإنسان فإذا نوزع في غرض من أغراضه اشتعلت نار الغضب فيه وفارت فوراناً يغلي منه [ص 413] دم القلب وينتشر في العروق فيرتفع إلى أعالي البدن ارتفاع الماء في القدر ثم ينصب في الوجه والعينين حتى يحمرا منه إذ البشرة لصفائها تحكي ما وراءها. - (ابن عساكر) وأبو نعيم عن أبي مسلم الخولاني (عن معاوية) قال: كلم معاوية بشيء وهو على المنبر فغضب فنزل فاغتسل ثم عاد إلى المنبر فذكره. 5806 - (الغفلة) التي هي غيبة الشيء عن البال (في ثلاث) من الخصال (عن ذكر اللّه) باللسان والقلب (وحين يصلي الصبح إلى طلوع الشمس) بان لا يشغل ذلك الزمن بشيء من الأوراد المأثورة والدعوات المشهورة عند الصباح (وغفلة الرجل عن نفسه في الدين) بفتح الدال (حتى يركبه) بأن يسترسل في الاستدانة حتى يتراكم عليه الديون فيعجز عن وفائها. - (طب هب عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: فيه خديج بن صومي وهو مستور وبقية رجاله ثقات انتهى وفيه عند البيهقي عبد الرحمن بن محمد المحاربي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة قال ابن معين: يروي عن المجهولين مناكير وعبد الرحمن الأفريقي ضعفه النسائي وغيره قال أحمد: نحن لا نروي عنه شيئاً وخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة أيضاً. 5807 - (الغل) بالكسر الحقد بدليل قرنه بقوله (والحسد يأكلان الحسنات كما تأكل النار الحطب) تحقيق لوجه التشبيه. - (ابن صصري في أماليه عن الحسن بن عليّ) أمير المؤمنين. 5808 - (الغلة بالضمان) هو كخبر الخراج بالضمان والغلة ما يحصل من زرع وتمر ونتاج وإجارة ولبن وصوف. - (حم هق عن عائشة). 5809 - (الغناء ينبت النفاق في القلب) ذهب بعضهم إلى أن لفظه الغنى بالقصر وأن المراد غنى المال الذي هو ضد الفقر وصوب بعض الحفاظ أنه بالمد وأن المراد به التغني ولذلك أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الملاهي واستدل لصحة هذا بأن مخرجه أخرجه أيضاً من وجه آخر عن ابن مسعود موقوفاً أن الغنى ينبت النفاق في القلب كما بنيت الماء البقل والذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء الزرع فمقابلة الغناء بالذكر يدلّ على أن المراد به التغني (كما ينبت الماء البقل) أي هو سبب للنفاق ومنبعه وأسه وأصله وهذا تشبيه تمثيلي لأنه متبوع منتزع من عدة أمور متوهمة قال البغوي: الغناء رقية الزنا. - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذمّ الملاهي عن ابن مسعود) ورواه ابن عدي عن أبي هريرة والديلمي عنه وعن أنس قال ابن القطان: وهو ضعيف وقال النووي: لا يصح وأقره الزركشي وقال العراقي: رفعه غير صحيح لأن في إسناده من لم يسم. 5810 - (الغناء [ قال ابن حجر في النحفة ويكره الغناء بكسر أوله والمد بلا آلة وسماعه يعني استماعه لا مجرد سماعه بلا قصد لما صح عن ابن مسعود ومثله لا يقال من قبل الرأي فيكون في حكم المرفوع أنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل وقد جزم الشيخان في موضع بأنه معصية وينبغي حمله على ما فيه وصف نحو خمر أو تشبيب بأمرد أو أجنبية ونحو ذلك مما يحمل غالباً على معصية قال الأذرعي: أما ما اعتيد عند محاولة عمل وحمل ثقيل كحداء الأعراب لإبلهم والنساء لتسكين صغارهم فلا شك في جوازه بل ربما يندب إذا نشط على سير أو رغب في خير كالحداء في الحج والغزو وعلى هذا يحمل ما جاء عن بعض الصحابة اهـ. ومما يحرم اتفاقاً سماعه من أمرد أو أجنبية خشية فتنة وقضية قوله، بلا آلة حرمته مع الآلة اهـ. ملخصاً، وقال ابن الملقن في العجالة ويكره الغناء بلا آلة وسماعه لقوله تعالى ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع) فيا لها من صفقة في غاية الخسران حيث باع سماع الخطاب [ص 414] من الرحمن بسماع المعازف والألحان والجلوس على منابر الدر والياقوت بالجلوس في مجالس الفسوق ومذهب الشافعي أنه مكروه تنزيهاً عند أمن الفتنة وأخذ جمع بظاهره فحرموا فعله واستماعه مطلقاً قال ابن حجر: وزعم أن المراد بالغناء هنا غنى المال ردّ بأن الرواية إنما هي بالمد وغنى المال مقصور. - (هب عن جابر) وفيه علي بن حماد قال الدارقطني: متروك وعبد اللّه بن عبد العزيز بن أبي رواد قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة وقال ابن الجنيد: لا يساوي فلساً وإبراهيم ابن طهمان مختلف فيه. 5811 - (الغنى هو الإياس) أي القنوط (مما في أيدي الناس) أي ليس الغنى الحقيقي هو كثرة العرض والمال بل هو غنى النفس وقنعها بما قسم لها وقطع الآمال من الأموال التي بأيدي الناس والإعراض عنها بالقلب فيستغني بما حصل له لعلمه أنه لم يتغير وغنى النفس هو الاقتصار على ما يسد الخلة أو حصول الكمالات والتوكل على الرؤوف الغني أو كمال يمنع من ميل النفس وحرصها على الدنيا ولذتها حتى لا نفرق بين الحجر والذهب، والمعنى أنه إذا يئس مما في أيدي الناس استغنى قلبه بالحق وسكنت نفسه إلى ضمانه وصار حراً عن التذلل لغيره ويحصل ذلك بصفاء توحيد قلبه بأن الخلق من ذروة العرش إلى منتهى تخوم العرش لا يستقلون بنفع ولا ضرّ إلا بإذنه تعالى وتسخيره. - (حل والقضاعي) في مسند الشهاب (عن ابن مسعود) قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ما الغنى؟ فذكره وفيه أبو بكر إبراهيم بن زياد العجلي قال في اللسان: عن أبي حاتم مجهول والحديث الذي يرويه منكر ثم ساق هذا قال: مطين راويه عن إبراهيم قلت لإبراهيم: هذا رأيته في النوم فغضبت وقال: يقول لي هذا وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: قال الأزدي إبراهيم متروك. 5812 - (الغنى) بالكسر والقصر ضد الفقر والمراد هنا غنى النفس (الإياس مما في أيدي الناس) أي قطع الطمع عما في أيديهم والقناعة والرضى بالمقسوم فهذا هو الغنى المحمود المعتبر (ومن مشى منكم إلى طمع من طمع الدنيا فليمش رويداً) أي شيئاً برفق وتمهل وتأن فإنه لا يناله إلا ما قسم له فلا فائدة للكد. - (العسكري في المواعظ عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضاً أبو نعيم والديلمي باللفظ المذكور من هذا الوجه فاقتصار المصنف على العسكري تقصير أو قصور. 5813 - (الغنى الإياس مما في أيدي الناس وإياك والطمع) أي احذره واجتنبه (فإنه الفقر الحاضر) فإن الطامع كلما حصل على شيء طلب غيره وهلم جرا فنفسه فقيرة أبداً حتى يجذبه ملك الموت بخياشيمه ويقبض روحه من جسده وهو على تلك الحالة الخبيثة الرديئة من غير استعداد للموت ولا تأهب له. - (العسكري) في المواعظ (عن ابن عباس). [ص 415] 5814 - (الغنم بركة) أي زيادة في النمو والخير ومنافع الغنم ظاهرة لا تكاد تحصى - (ع عن البراء) بن عازب رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبد اللّه بن عبد اللّه الرزاز وهو ثقة. 5815 - (الغنم بركة والإبل عز لأهلها والخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة وعبدك أخوك) في الدين (فأحسن إليه) بالقول والفعل والقيام بحقه (وان وجدته مغلوباً فأعنه) على ما كلفته من العمل ويحرم تكليفه على الدوام ما لا يطيقه على الدوام. - (البزار) في مسنده (عن حذيفة) بن اليمان رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: فيه الحسن بن عمارة وهو ضعيف اهـ وأورده في الميزان من حديث أبي هريرة باللفظ المزبور في ترجمة أرطاة بن الأشعث وقال: إنه هالك. 5816 - (الغنم من دواب الجنة فامسحوا رغامها وصلوا في مرابضها) جمع مربض كمجلس مأواها ليلاً فلا تكره الصلاة فيه بخلاف الصلاة في عطن الإبل. - (خط عن أبي هريرة) ورواه عنه الحاكم أيضاً في التاريخ باللفظ المذكور وقال البيهقي: روي عن أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً والوقف أصح. 5817 - (الغنم أموال الأنبياء) أراد به أنها معظم أموال الأنبياء فنحو يحيى وعيسى الظاهر من قصصهما أنه لم يكن لهما أموال لا غنم ولا غيره. - (فر عن أبي هريرة) وفيه موسى بن مطير قال الذهبي: قال غير واحد متروك الحديث. 5818 - (الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء) أي شبهها بجامع أن كلاً منهما حصول نفع بلا جهد ومشقة والغنيمة الباردة ما حصل بلا حرب ولا مشقة. - (ت) في الصوم (عن عامر بن مسعود) وهذا مرسل إذ عامر المذكور تابعي لا صحابي وهو والد إبراهيم القرشي كما بينه الترمذي نفسه فقال: مرسل وعامر لا صحبة له اهـ فعدم بيان المصنف لكونه مرسلاً غير صواب. 5819 - (الغلام) أصله الشاب من الناس من الغلمة وهي شدة طلب النكاح وهيجان شهوته لكن المراد هنا المولود (مرتهن بعقيقته) أي هي لازمة له فيشبه في عدم انفكاكه منها بالرهن في يد مرتهنه يعني إذا لم يعق عنه فمات طفلاً لا يشفع في أبويه كذا نقله الخطابي عن أحمد واستجوده وتعقب لأنه لا يقال لمن يشفع في غيره مرهون فالأولى أن يقال إن العقيقة سبب لانفكاكه من الشيطان الذي طعنه حال خروجه فهي تخليص له من حبس الشيطان له في أسره ومنعه له من سعيه في مصالح آخرته فهي سنة مؤكدة عند الشافعي ومالك للحديث المذكور وهو حجة على أبي حنيفة في قوله إنها بدعة بل أخذ بظاهره الليث وجمع فأوجبوها وهي شاتان للذكر وشاة للأنثى عند الشافعي وعند مالك شاة للذكر كالأنثى (تذبح عنه) بالبناء للمفعول فأفاد أنه لا يتعين الذابح وعند الشافعية يتعين من تلزمه نفقة المولود وعند الحنابلة يتعين الأب إلا إن تعذر (يوم السابع) من يوم الولادة وهل يحسب يوم الولادة؟ وجهان رجح الرافعي الحسبان واختلف ترجيح النووي وتمسك به من قال بتأقيتها به وأن من ذبح قبله لم يقع الموقع وإنها تفوت بعده وهو قول مالك وعند الشافعية أن ذكر السابع للاختيار لا للتعيين ونقل الترمذي عن العلماء أنه يستحبون أن يذبح يوم السابع [ص 416] فإن لم يتهيأ فالرابع عشر فإن لم يتهيأ فالحادي والعشرون قال ابن حجر: ولم أره صريحاً إلا للبوشنجي (ويسمى) فيه باسم حسن ومن لا يعق عنه لا تؤخر تسميته إلى السابع بل يسمى غداة ولادته كما اقتضاه صنيع البخاري وقال ابن حجر: إنه جمع لطيف قال: لكن قد اختلف في هذه اللفظة هل هي يسمي أو يدمي بالدال بدل السين؟ والأصح يسمي وحمل بعضهم قوله ويسمي على التسمية عند الذبح كما خرجه ابن أبي شيبة عن قتادة يسمي على العقيقة كما يسمي على الأضحية باسم اللّه عقيقة فلان (ويحلق رأسه) أي كله للنهي عن القزح ولا يطلى بدم العقيقة كما كانت الجاهلية تفعله واستمر زمناً في صدر الإسلام ثم نسخ وأمرهم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بأن يجعلوا مكان الدم خلوقاً ويتصدق بزنة شعره ذهباً أو فضة ولذلك كره الجمهور التدمية وإطلاقه حلق الرأس يشمل الأنثى لكن حكى الماوردي كراهة حلق رأسها وعن بعض الحنابلة تحلق واستدل بقوله يذبح ويسمي ويحلق بالواو وعلى عدم اشتراط الترتيب لكن خرج أبو الشيخ [ابن حبان] عن سمرة يذبح يوم سابعه ثم يحلق وفي تهذيب البغوي يستحب الذبح قبل الحلق وصححه في المجموع. - (ت ك) من حديث الحسن (عن سمرة) بن جندب وظاهر صنيع المصنف أن الترمذي تفرد به عن الستة وليس كذلك فقد قال ابن حجر: رواه أحمد وأصحاب والسنن والحاكم والبيهقي عن سمرة وصححه الترمذي والحاكم وأحله بعضهم بأنه من رواية الحسن عن سمرة وهو مدلس لكن في البخاري أن الحسن سمع حديث العقيقة من سمرة قال أعني ابن حجر فكأنه نحى هذا. 5820 - (الغلام مرتهن بعقيقته) قال أحمد: محتبس عن الشفاعة لوالديه وتعقبه ابن القيم بأن شفاعة الولد في والده ليست بأولى من العكس وبأنه لا يقال لمن شفع لغيره إنه مرتهن بل المراد أن العقيقة تخليص له من الشيطان ومنعه من سعيه في مصالح آخرته (فأهريقوا عنه الدم) أمر من إهراق يهريق بسكون الهاء أهرياقاً نحو استطاع يستطيع استطياعاً وكأن الأصل أزاق فأبدلت الهمزة هاء ثم جعلت عوضاً عن ذهاب حركة العين فصارت كأنها من نفس الكلمة ثم أدخل عليه الهمزة ذكره القاضي (وأميطوا) أزيلوا وزناً ومعنى (عنه الأذى) أي شعر رأسه وما عليه من قذر طاهر أو نجس ليخلف الشعر شعر أقوى منه ولأنه أنفع للرأس مع ما فيه من فتح مسام الرأس ليخرج البخار بسهولة وفيه تقوية حواسه والشافعي ندب ذبح شاتين عن الذكر إظهاراً لشرفه وإبانة لمحله لذا فضل به على الأنثى كما فضله في الدية والإرث وغيرهما قالوا: وندب إماطة الأذى يعرفك أن ما اعتيد من لطخ رأس المولود بدم العقيقة غير جائز لأنه تنجس له بلا ضرورة وذلك من أكبر الأذى وقد جاء النهي عنه صريحاً لأنه فعل الجاهلية. - (هب عن سالم بن عامر) الضبي ظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه ولعله ذهول فقد عزاه في مسند الفردوس إلى عظيم الفن البخاري. 5821 - (الغلام) لفظ رواية مسلم إن الغلام (الذي قتله الخضر) وكان شاباً ظريفاً وضيء الوجه غير بالغ اسمه حنشور أو خنشور (طبع يوم طبع كافراً) أي جبل على الكفر وكتب في بطن أمه من الأشقياء ولا يعارضه خبر كل مولود يولد على الفطرة لأن المراد بالفطرة استعداد قبول الإسلام وذلك لا ينافي كونه شقياً في جبلته والمراد إن اللّه علم أنه لو بلغ كان كافراً لأنه كافر حالاً إذ أبواه مؤمنان (و) لكنه (لو عاش) حتى بلغ (لأرهق أبويه) أي لحملهما حبه على اتباعه في كفره فكان ذلك (طغياناً) مجاوزاً للحد في المعصية (وكفراً) جحوداً للنعمة لا يقال كفره [ص 417] مآلاً لا يبيح قتله حالاً لأنا نقول جاز ذلك في شرعهم أو نقول هذا علم لدني قال تعالى شفاها من الداء العضال الذي بها * غلام إذا هز القناة شفاها وقال صفوان لحسان: تلق ذباب السيف عني فإني * غلام إذا هوجيت لست بشاعر قال القرطبي: والصحيح ما قاله الجمهور وأن المراد بطبع خلق قلبه على صفة قلب الكافر من القسوة والجهل ومحبة الفساد وضرر العباد ولما علم اللّه منه ذلك أمر الخضر بقتله فقتله من باب دفع الضرر كقتل الحيات والسباع العادية لا من باب القتل المترتب على التكليف ولا إشكال فيه على أصول أهل السنة فإنه تعالى الفعال لما يريد لا وجوب عليه وفيه بيان حكمة فعل الخضر فكأنه خرج مخرج الاعتذار عنه. - (م د ت عن أبيِّ) بن كعب ورواه عنه الطيالسي وغيره. 5822 - (الغيبة ذكرك) بلفظ أو كتابة أو رمز أو إشارة أو محاكاة (أخاك) في الدين في غيبته (بما) أي بالشيء الذي (يكره) لو بلغه في دينه أو دنياه أو خلقه أو خلقه أو أهله أو خادمه أو ماله أو ثوبه أو حركته أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكره بلفظ أو إشارة أو رمز كما في الأذكار عن الحجة بل أو بالقلب قال: وممن يستعمل التعريض في ذلك كثير من الفقهاء في التصانيف وغيرها كقولهم قال بعض من يدعي العلم أو بعض من ينسب للصلاح ونحو ذلك مما يفهم السامع المراد به ومنه قولهم عند ذكره اللّه يعافينا أو يتوب علينا أو نسأله السلامة فكل ذلك من الغيبة قال الغزالي: وإياك وغيبة القراء المرائين وهي أن تفهم المقصود من غير تصريح فتقول أصلحه اللّه وقد ساءني وغمني ما جرى عليه فنسأل اللّه أن يصلحنا وإياه فإن هذا جمع بين خبيثين الغيبة إذ به حصل التفهيم والآخر تزكية النفس والثناء عليها بالتحرج والصلاح وإن كان قصدك الدعاء له بالصلاح فادع له سراً وإن اغتممت له فعلامته أن لا تريد فضيحته فيحرم، وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقوله؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته، وعلم منه أن ذكره بما يكره غيبة وإن كان صدقاً كما ذكره الغزالي. - (د) في الأدب (عن أبي هريرة) قضية تصرف المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول بل رواه مسلم في البر والصلة ولفظه أتدرون ما الغيبة قالوا: اللّه ورسوله أعلم قال: ذكرك أخاك بما يكره ورواه الترمذي في البر والنسائي في التفسير فاقتصاره على أبي داود تقصير. 5823 - (الغيبة تنقض الوضوء والصلاة) تمسك بظاهره قوم من المتنسكين والعباد فأوجبوا الوضوء من النطق المحرم وبالغ بعضهم فقال: إذا خطر في القلب خاطر غير اللّه فهو حدث يتوضأ منه وهذا غلو لا يوافق عليه الجمهور والحديث عندهم خرج مخرج الزجر عن الغيبة. (تتمة) حكى في علم الهدى عن بعضهم أنه رأى سائلاً عليه عباءة وبيده ركوة فقال: إني إنسان أقصد الورع ولا آكل إلا ما يلقيه الناس، ربما آخذ قشرة شيء فربما سبقني النمل فهل عليّ شيء في تناوله قال: فقلت في نفسي ما على وجه الأرض من يتورع مثل هذا كالمنكر عليه فنظرت فإذا الرجل واقف على أرض من فضة صافية فقال لي: الغيبة حرام، وغاب عن بصري. - (فر عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمي فإهمال المصنف للأصل واقتصاره على الفرع غير مرضي. [ص 418] 5824 - (الغيرة) بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية بعدها راء مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ما تكون ما بين الزوجين (من الإيمان) لأنها وإن تمازج فيها داعي الطبع وحق النفس بكونها مما يجدها المؤمن والكافر لكنها بالمؤمن أحق وهي له أوجب لأن فيها حفظ الرسوم الشرعية ذكره في المطامح (والبذاء من النفاق) كذا وقفت عليه في نسخ بالباء الموحدة لكن الذي أورده في النهاية المذاء بميم مكسورة يعني قيادة الرجل على أهله بأن يدخل الرجال عليهم ثم يخليهم يماذي بعضهم بعضاً يقال أمذى الرجل وماذى إذا قاد على أهله وقيل هو المذاء بالفتح ثم وقفت على مسند البزار فرأيته بالميم وفيه تتمته وهي كما قال قلت: ما المذاء قال: الذي لا يغار اهـ. بنصه كأنه من اللين والرخاوة من أمذيت الشراب إذا أكثرت مزاجه فذهبت شدته وحدته ويروى المذال باللام وهو أن يقلق الرجل عن فراشه الذي يضاجع عليه حليلته ويتحول عنه ليفترشه غيره والماذل الذي يطيب نفسه عن الشيء يتركه ويسترخي عنه.
|