الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
اعلم أن الكسوة منها فرض وهو ما يستر العورة ويدفع الحر والبرد والأولى كونه من القطن أو الكتان أو الصوف على وفاق السنة بأن يكون ذيله لنصف ساقه وكمه لرءوس أصابعه وفمه قدر شبر كما في النتف بين النفيس والخسيس إذ خير الأمور أوساطها، وللنهي عن الشهرتين وهو ما كان في نهاية النفاسة أو الخساسة، ومستحب: وهو الزائد لأخذ الزينة وإظهار نعمة الله تعالى قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» ومباح وهو الثوب الجميل للتزين في الأعياد والجمع ومجامع الناس لا في جميع الأوقات لأنه صلف وخيلاء، وربما يغيظ المحتاجين فالتحرز عنه أولى ومكروه وهو اللبس للتكبر، ويستحب الأبيض وكذا الأسود لأنه شعار بني العباس «ودخل عليه الصلاة والسلام مكة وعلى رأسه عمامة سوداء» ولبس الأخضر سنة كما في الشرعة ا هـ. من الملتقى وشرحه. وفي الهندية عن السراجية: لبس الثياب الجميلة مباح إذا لم يتكبر وتفسيره أن يكون معها كما كان قبلها ا هـ. ومن اللباس المعتاد: لبس الفرو ولا بأس به من السباع كلها وغير ذلك من الميتة المدبوغة والمذكاة ودباغها ذكاتها محيط، ولا بأس بجلود النمر والسباع كلها إذا دبغت أن يجعل منها مصلى أو منبر السرج ملتقط. ويكره للرجال السراويل التي تقع على ظهر القدمين عتابية، ولا بأس بنعل مخصوف بمسامير الحديد وفي الذخيرة ما فيه نجاسة تمنع جواز الصلاة هل يجوز لبسه ذكر في كراهية أبي يوسف في حديث سعيد بن جبير أنه كان يلبس قلنسوة الثعالب، ولا يصلي بها أن هذا زلة منه. قلت: هذا إشارة إلى أنه لا يجوز لبسه بلا ضرورة تتارخانية لكن قدم الشارح في شروط الصلاة أن له لبس ثوب نجس في غير صلاة وعزاه في البحر إلى المبسوط (قوله يحرم لبس الحرير إلخ) أي إلا لضرورة كما يأتي، قال في المغرب الحرير الإبريسم المطبوخ وسمي الثوب المتخذ منه حريرا (قوله قال في القنية إلخ) نقله عن أستاذه بديع وأنه قال لكن طلبت هذا عن أبي حنيفة في كثير من الكتب فلم أجد سوى ما عن برهان صاحب المحيط قال في الخيرية. فالحاصل أنه مخالف لما في المتون الموضوعة لنقل المذهب فلا يجوز العمل والفتوى به (قوله و قالا يحل في الحرب) أي لو صفيقا يحصل به اتقاء العدو كما يأتي والخلاف فيما لحمته حرير وسداه، أما ما لحمته فقط حرير أو سداه حرير فقط يباح لبسه حالة الحرب بالإجماع كما في التتارخانية ويأتي (قوله إلا قدر أربع أصابع إلخ) لما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما إنما «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير» فأما العلم وسدى الثوب فلا بأس به والمصمت الخالص، ولخبر مسلم: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع أصبع أو أصبعين أو ثلاث أو أربع» وهل المراد قدر الأربع أصابع طولا وعرضا بأن لا يزيد طول العلم وعرضه على ذلك أو المراد عرضها فقط، وإن زاد طوله على طولها المتبادر من كلامهم الثاني، ويفيده أيضا ما سيأتي في كلام الشارح عن الحاوي الزاهدي وعلم الثوب رقمه وهو الطراز كما في القاموس والمراد به ما كان من خالص الحرير نسجا أو خياطة، وظاهر كلامهم أنه لا فرق بينه وبين المطرف، وهو ما جعل طرفه مسجفا بالحرير في أنه يتقيد بأربع أصابع، خلافا للشافعية حيث قيدوا المطرز بالأربع أصابع، وبنوا المطرف على العادة الغالبة في كل ناحية، وإن جاوز أربع أصابع فالمراد بالعلم عندنا ما يشملهما، فيدخل فيه السجاف وما يحيط على أطراف الأكمام وما يجعل في طوق الجبة وهو المسمى قبة وكذا العروة والزر كما سيأتي،. ومثله فيما يظهر طرة الطربوش: أي القلنسوة ما لم تزد على عرض أربع أصابع وكذا بيت تكة السراويل، وما على أكتاف العباءة وعلى ظهرها وإزار الحمام المسمى بالشطرنجي، وما في أطراف الشاش سواء كان تطريزا بالإبرة أو نسجا وما يركب في أطراف العمامة المسمى صجقا فجميع ذلك لا بأس به إذا كان عرض أربع أصابع، وإن زاد على طولها بناء على ما مر، ومثله لو رقع الثوب بقطعة ديباج، بخلاف ما لو جعلها حشوا. قال في الهندية: ولو جعل القز حشوا للقباء فلا بأس به لأنه تبع، ولو جعلت ظهارته أو بطانته فهو مكروه لأن كليهما مقصود كذا في محيط السرخسي، وفي شرح القدوري عن أبي يوسف: أكره بطائن القلانس من إبريسم ا هـ. وعليه فلو كانت قبة الجبة أكثر من أربع أصابع كما هو العادة في زماننا فخيط فوقها قطعة كرباس يجوز لبسها لأن الحرير صار حشوا تأمل (قوله وظاهر المذهب عدم جمع المتفرق) أي إلا إذا كان خط منه قزا وخط منه غيره بحيث يرى كله قزا فلا يجوز كما سيذكره عن الحاوي، ومقتضاه حل الثوب المنقوش بالحرير تطريزا ونسجا إذا لم تبلغ كل واحدة من نقوشه أربع أصابع، وإن زادت بالجمع ما لم ير كله حريرا تأمل. قال ط: وهل حكم المتفرق من الذهب والفضة كذلك يحرر (قوله وفيها) أي القنية وقد رمز فيها بعد هذا النجم الأئمة المعتبر أربع أصابع كما هي على هيئتها لا أصابع السلف ثم رمز للكرماني منشورة ثم رمز للكرابيسي التحرز عن مقدار المنشورة أولى (قوله وإلا لا يحل للرجل زيلعي) عبارة الزيلعي مطلقة عن التقييد بالرجل، واعترض بأن هذا ليس من الحلي، فالظاهر أن حكم النساء فيه كالرجال. أقول: فيه نظر؛ لأن الحلي كما في القاموس ما يتزين به، ولا شك أن الثوب المنسوج بالذهب حلي. وقدمناه عن الخانية أن النساء فيما سوى الحلي من الأكل والشرب والادهان من الذهب والفضة والعقود بمنزلة الرجال؛ ولا بأس لهن بلبس الديباج والحرير والذهب والفضة واللؤلؤ ا هـ. وفي الهداية: ويكره أن يلبس الذكور من الصبيان الذهب والحرير ا هـ. وسيأتي وفي القنية لا بأس بالعلم المنسوج بالذهب للنساء فأما للرجال فقدر أربع أصابع وما فوقه يكره (قوله وفي المجتبى إلخ) قد علمت أن القول الثاني ظاهر المذهب وهذا مكرر مع ما مر من قوله ولو في عمامة (قوله وفيه) أي في المجتبى وكذا الضمائر بعده (قوله ومن ذهب يكره) قال في القنية كأنه اعتبره بالخاتم ا هـ. وفيها وكذا في القلنسوة في ظاهر المذهب يجوز قدر أربع أصابع وفي رواية عن محمد لا يجوز كما لو كانت من حرير ا هـ. قلت: ويأتي الكلام في علم الثوب من الذهب (قوله تكره الجبة المكفوفة بالحرير) هذا غير ما عليه العامة فإنه نقل في الهندية عن الذخيرة: أن لبس المكفوف بالحرير مطلق عند عامة الفقهاء. وفي التبيين {عن أسماء أنها أخرجت جبة طيالسة عليها لبنة شبر من ديباج كسرواني وفرجاها مكفوفان به فقالت هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبسها وكانت عند عائشة رضي الله تعالى عنها فلما قبضت عائشة قبضتها إلي فنحن نغسلها للمريض فيشتفي بها» رواه أحمد ومسلم ولم يذكر لفظة الشبر ا هـ. ط. وفي الهداية وعنه «عليه الصلاة والسلام أنه كان يلبس جبة مكفوفة بالحرير» ا هـ. وفي القاموس: كف الثوب كفا خاط حاشيته وهو الخياطة الثانية بعد الشل وفيه لبنة القميص نبيقته (قوله قلت) القائل صاحب المجتبى، وقد علمت حكم المبني عليه هذا القول (قوله البصرية) الذي رأيته في المجتبى المضربة من التضريب (قوله قلت ومفاده) قائله صاحب المجتبى أيضا (قوله وبه جزم) أي بالتقييد بالعرض، وكذا جزم به ابن الكمال والقهستاني ونقله في التتارخانية عن جامع الجوامع (قوله لكن إطلاق الهداية وغيرها يخالفه) أي يخالف التقييد بالعرض، وقد يقال يحمل المطلق على المقيد كما صرحوا به في كتب الأصول من أنه يحمل عليه عند اتحاد الحكم والحادثة على أن المتون كثيرا ما تطلق المسائل عن بعض قيودها تأمل ولكن إطلاق المتون موافق لإطلاق الأدلة، وهو أرفق بأهل هذا الزمان لئلا يقعوا في الفسق والعصيان (قوله وهو مخالف إلخ) نعم هذا مخالف للمتون صريحا فتقدم عليه (قوله قلت إلخ) هذا بعيد جدا ففي التتارخانية، وأما لبس ما علمه حرير أو مكفوف فمطلق عند عامة الفقهاء خلافا لبعض الناس وعن هشام عن أبي حنيفة لا يرى بأسا بالعلم في الثوب قدر أربع أصابع، وذكر شمس الأئمة السرخسي أنه لا بأس بالعلم في الثوب لأنه تبع ولم يقدر ا هـ. فكلامهم في العلم في الثوب الملبوس لا العلم الذي هو الراية؛ وإلا لم يبق معنى لقولهم في الثوب، ولا للتعليل بالتبعية. هذا: وفي التتارخانية ما نصه: بقي الكلام في النساء قال عامة العلماء: يحل لهن لبس الحرير الخالص وبعضهم قالوا: لا يحل، وأما لبس ما علمه حرير إلى آخر ما قدمناه والمتبادر من هذه العبارة أن ما ذكر من إطلاق العلم إنما هو في حق النساء فإن ثبت هذا فلا إشكال والتوفيق به أحسن وإلا فهما روايتان (قوله هو ما سداه إلخ) السدى بالفتح ما مد من الثوب واللحمة بالضم ما تدخل بين السدى والإبريسم بفتح السين وضمها الحرير (قوله الكلة بالكسر البشخانة والناموسية) كذا قاله ابن الشحنة وفي القاموس: الكلة بالكسر الستر الرقيق وغشاء رقيق يتوقى به من البعوض (قوله وتكره التكة) بالكسر رباط السراويل جمعها تكك قاموس (قوله هو الصحيح) ذكره في القنية عن شرح الإرشاد. وفي التتارخانية ولا تكره تكة الحرير، لأنها لا تلبس وحدها وفي شرح الجامع الصغير لبعض المشايخ لا بأس بتكة الحرير للرجال عند أبي حنيفة، وذكر الصدر الشهيد أنه يكره عندهما ا هـ. تأمل (قوله وكذا تكره القلنسوة) ذكر منلا مسكين عند قول المصنف في مسائل شتى آخر الكتاب، ولا بأس بلبس القلانس لفظ الجمع يشمل قلنسوة الحرير والذهب والفضة والكرباس والسواد والحمرة ا هـ. والظاهر أن المعتمد ما هنا لذكره في محله صريحا لا أخذا من العموم ط وفي الفتاوى الهندية: يكره أن يلبس الذكور قلنسوة من الحرير أو الذهب أو الفضة أو الكرباس الذي خيط عليه إبريسم كثير أو شيء من الذهب أو الفضة أكثر من قدر أربع أصابع ا هـ. وبه يعلم حكم العرقية المسماة بالطاقية، فإذا كانت منقشة بالحرير وكان أحد نقوشها أكثر من أربع أصابع لا تحل وإن كان أقل تحل، وإن زاد مجموع نقوشها على أربع أصابع بناء على ما مر من أن ظاهر المذهب عدم جمع المتفرق (قوله والكيس الذي يعلق) أي يعلقه الرجل معه لا الذي يوضع ولا الذي يعلقه في البيت، واحترز به عن الذي لا يعلق والظاهر في وجهه أن التعليق يشبه اللبس، فحرم لذلك لما علم أن الشبهة في باب المحرمات ملحقة باليقين رملي. والظاهر أن المراد بالكيس المعلق نحو كيس التمائم المسماة بالحمائل، فإنه يعلق بالعنق بخلاف كيس الدراهم إذا كان يضعه في جيبه مثلا بدون تعليق. وفي الدر المنتقى: ولا تكره الصلاة على سجادة من الإبريسم، لأن الحرام هو اللبس أما الانتفاع بسائر الوجوه، فليس بحرام كما في صلاة الجواهر وأقره القهستاني وغيره. قلت: ومنه يعلم حكم ما كثر السؤال عنه من بند السبحة فليحفظ ا هـ. فقوله هو اللبس أي ولو حكما لما في القنية استعمال اللحاف من الإبريسم لا يجوز، لأنه نوع لبس بقي الكلام في بند الساعة الذي تربط به، ويعلقه الرجل بزر ثوبه والظاهر أنه كبند السبحة الذي تربط به تأمل، ومثله بند المفاتيح وبنود الميزان وليقة الدواة وكذا الكتابة في ورق الحرير وكيس المصحف والدراهم، وما يغطى به الأواني وما تلف فيه الثياب وهو المسمى بقجة ونحو ذلك مما فيه انتفاع بدون لبس أو ما يشبه اللبس. وفي القنية دلال يلقي ثوب الديباج على منكبيه للبيع يجوز إذا لم يدخل يديه في الكمين وقال عين الأئمة الكرابيسي فيه كلام بين المشايخ ا هـ. ووجه الأول: أن إلقاء الثوب على الكتفين إنما قصد به الحمل دون الاستعمال فلم يشبه اللبس المقصود للانتفاع تأمل. ونقل في القنية: أنه تكره اللفافة الإبريسمية والظاهر أن المراد بها شيء يلف على الجسد أو بعضها لا ما يلف بها الثياب تأمل (قوله واختلف إلخ) في الهندية وعلى الخلاف لبس التكة من الحرير قيل: يكره بالاتفاق وكذا عصابة المفتصد وإن كانت أقل من أربع أصابع، لأنه أصل بنفسه كذا في التمرتاشي ا هـ. ط (قوله أن يزين بيته إلخ) ذكر الفقيه أبو جعفر في شرح السير لا بأس بأن يستر حيطان البيوت باللبود المنقشة وإذا كان قصد فاعله الزينة فهو مكروه، وفي الغياثية إرخاء الستر على الباب مكروه نص عليه محمد في السير الكبير، لأنه زينة وتكبر. والحاصل: أن كل ما كان على وجه التكبر يكره وإن فعل لحاجة وضرورة لا وهو المختار ا هـ. هندية وظاهره أنه لو كان لمجرد الزينة بلا تكبر ولا تفاخر يكره لكن نقل بعده عن الظهيرية ما يخالفه تأمل. [تنبيه] يؤخذ من ذلك أن ما يفعل أيام الزينة من فرش الحرير ووضع أواني الذهب والفضة بلا استعمال جائز إذا لم يقصد به التفاخر بل مجرد امتثال أمر السلطان، بخلاف إيقاد الشموع والقناديل في النهار فإنه لا يجوز، لأنه إضاعة مال إلا إذا خاف من معاقبة الحاكم وحيث كانت مشتملة على منكرات لا يجوز التفرج عليها، وقد مر في كتاب الشهادات مما ترد به الشهادة الخروج لفرجة قدوم أمير أي لما تشتمل عليه من المنكرات ومن اختلاط النساء بالرجال لهذا أولى فتنبه (قوله لف عمامة طويلة) لعلهم تعافوها كذلك فإن كان عرف بلاد أخر أنها تعظم بغير الطول يفعل لإظهار مقام العلم ولأجل أن يعرفوا فيسألوا عن أمور الدين ط (قوله وفيها) أي في القنية ونصفها يضره النظر الدائم إلي الثلج وهو يمشي فيه لا بأس بأن يشد على عينيه خمارا أسود من الإبريسم قلت ففيه العين الرمدة أولى ا هـ. وفي التتارخانية أما للحاجة فلا بأس بلبسه لما روي عن «عبد الرحمن بن عوف والزبير رضي الله تعالى عنهما أنه كان بهما جرب كثير فاستأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في لبس الحرير فأذن لهما» ا هـ. أقول لكن صرح الزيلعي قبيل الفصل الآتي أنه عليه السلام رخص ذلك خصوصية لهما تأمل (قوله فقد رخص الشرع في الكفاف إلخ) الكفاف موضع الكف من القميص، وذلك في مواصل البدن والدخاريص أو حاشية الذيل مغرب قال ط وفيه أن الوارد عن الشارع صلى الله عليه وسلم أنه لبس الجبة المكفوفة بحرير وليس فيه ذكر فضة ولا ذهب فليتأمل وليحرر ا هـ. أقول الظاهر أن وجه الاستشكال أن كلا من العلم والكفاف في الثوب إنما حل لكونه قليلا وتابعا غير مقصود كما صرحوا به وقد استوى كل من الذهب والفضة والحرير في الحرمة فترخيص العلم والكفاف من الحرير ترخيص لهما من غيره أيضا بدلالة المساواة ويؤيد عدم الفرق ما مر من إباحة الثوب المنسوج من ذهب أربعة أصابع وكذا كتابة الثوب بذهب أو فضة والإناء ونحوه المضبب بهما فتأمل. والإشكال الوارد هنا وارد أيضا على ما قدمه عن المجتبى في علم العمامة. (قوله ويحل توسده) الوسادة المخدة منح وتسمى مرفقة وإنما حل لما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على مرفقة حرير» وكان على بساط ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفقة حرير وروي أن أنسا رضي الله تعالى عنه حضر وليمة فجلس على وسادة حرير ولأن الجلوس على الحرير استخفاف وليس بتعظيم فجرى مجرى الجلوس على بساط فيه تصاوير منح عن السراج (قوله وقالا إلخ) قيل أبو يوسف مع أبي ح وقيل مع محمد (قوله كما في المواهب) ومثله في متن درر البحار قال القهستاني وبه أخذ كثير من المشايخ كما في الكرماني ا هـ. ونقل مثله ابن الكمال (قوله لكنه خلاف المشهور) قال فيه الشرنبلالية قلت هذا التصحيح خلاف ما عليه المتون المعتبرة المشهورة والشروح (قوله وأما جعله دثارا) الدثار بالكسر ما فوق الشعار من الثياب والشعار ككتاب ما تحت الدثار من اللباس وهو ما يلي شعر الجسد ويفتح جمعه أشعر قاموس فالدثار مالا يلاقي الجسد والشعار بخلافه وشمل الدثار ما لو كان بين ثوبين وإن لم يكن ظاهرا إلا إذا كان حشوا كما قدمناه عن الهندية (قوله فإنه يكره بالإجماع) وأما ما نقله صاحب المحيط من أنه إنما يحرم ما مس الجلد تقدم، فلعله لم يعتبره لضعفه أفاده ط (قوله فحرام بالإجماع) لأنه استعمال تام إذ الذهب والفضة لا يلبسان زيلعي. أقول: ولعله عبر هنا بالحرمة وفيما قبله بالكراهة لشبهة الخلاف؛ فإن ما نقله صاحب المحيط عن الإمام قد نقل عن ابن عباس أيضا رضي الله تعالى عنهما تأمل. [تتمة] يجري الاختلاف المار بين الإمام وصاحبيه في ستر الحرير وتعليقه على الأبواب كما في الهداية، وكذا لا يكره وضع ملاءة الحرير على مهد الصبي، وقدمنا كراهة استعمال اللحاف من الإبريسم، لأنه نوع لبس بخلاف الصلاة على السجادة منه، لأن الحرام هو اللبس دون الانتفاع. أقول: ومفاده جواز اتخاذ خرقة الوضوء منه بلا تكبر إذ ليس بلبس لا حقيقة ولا حكما بخلاف اللحاف والتكة وعصابة المفتصد تأمل لكن نقل الحموي عن شرح الهاملية للحدادي أنه تكره الصلاة على الثوب الحرير للرجال ا هـ. قلت: والأول أوجه إذ لا فرق يظهر بين الافتراش للجلوس أو النوم أو الصلاة تدبر ويؤخذ من مسألة اللحاف والكيس المعلق ونحو ذلك أن ما يمد على الركب عند الأكل فيقي الثوب ما يسقط من الطعام والدسم ويسمى بشكيرا يكره إذا كان من حرير لأنه نوع لبس وما اشتهر على ألسنة العامة أنه يقصد به الإهانة فذلك فيما ليس فيه نوع لبس كالتوسد والجلوس، فإن الإهانة في التكة وعصابة الفصادة أبلغ ومع هذا تكره فكذا ما ذكر تأمل (قوله ولحمته غيره) سواء كان مغلوبا أو غالبا أو مساويا للحرير وقيل لا يلبس إلا إذا غلبت اللحمة على الحرير والصحيح الأول كما في المحيط وأقره القهستاني وغيره در منتقى (قوله وخز) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الزاي ويأتي معناه (قوله فكانت هي المعتبرة دون السدى) لما عرف أن العبرة في الحكم لآخر وصفي العلة كفاية (قوله كالعتابي) هو مثل القطني والأطلس في زماننا (قوله ونحوه في الاختيار) حيث قال: وما كان سداه ظاهرا كالعتابي قيل يكره، لأن لابسه في منظر العين لابس حرير وفيه خيلاء وقيل لا يكره اعتبارا باللحمة ا هـ. ط (قوله قلت ولا يخفى إلخ) اعلم أن المتون مطلقة في حل لبس ما سداه إبريسم ولحمته غيره كعبارة المصنف: وهي كذلك في الجامع الصغير للإمام محمد رحمه الله وقد علل المشايخ المسألة بتعليلين الأول ما قدمه الشارح، وهو المذكور في الهداية والثاني ما نقل عن الإمام أبي منصور الماتريدي رحمه الله تعالى، وهو أن اللحمة تكون على ظاهر الثوب ترى وتشاهد فالتعليل الأول ناظر إلى اعتبار اللحمة مطلقا؛ لأنها كآخر وصفي العلة كما مر، والثاني ناظر إلى ظهورها فعلى التعليل الأول يجوز لبس العتابي ونحوه وعلى الثاني يكره كما ذكره شراح الهداية وفي تقرير الزيلعي هنا خفاء، وظاهر إطلاق المتون اعتبار التعليل الأول؛ ولذا قال في الهداية بعده والاعتبار للحمة على ما بينا. (قوله بل في المجتبى إلخ) ونصه إنما يجوز ما كان سداه إبريسما ولحمته قطن إذا كان مخلوطا لا يتبين فيه الإبريسم، أما إذا صار على وجهه كالعتابي في زماننا والششتري والقتبي فإنه يكره للتشبه بزي الجبابرة قلت: ولكن أكثر المشايخ أفتوا على خلافه ا هـ. (قوله قلت وهذا) أي كون الخز صوف غنم البحر قال في التتارخانية: والخز اسم لدابة يكون على جلدها خز وأنه ليس من جملة الحرير ثم قال بعده قال الإمام ناصر الدين الخزفي زمانهم من أوبار الحيوان المائي (قوله وحل عكسه في الحرب فقط) حاصل المسألة على ثلاثة أوجه قال في التتارخانية ما لحمته غير حرير وسداه حرير يباح لبسه في حالة الحرب أي وغيرها وما لحمته حرير وسداه غير حرير يباح لبسه في حالة الحرب بالإجماع، وأما ما لحمته وسداه حرير ففي لبسه حالة الحرب خلاف بين أصحابنا وعلمائنا ا هـ. وظاهر التقييد بحالة الحرب أن المراد وقت الاشتغال بها لكن في القهستاني وعن محمد لا بأس للجندي إذا تأهب للحرب بلبس الحرير، وإن لم يحضره العدو ولكن لا يصلي فيه إلا أن يخاف العدو ا هـ. (قوله لو صفيقا) ضد الرقيق (قوله فلو رقيقا إلخ) اعلم أن لبس الحرير لا يجوز بلا ضرورة مطلقا فما كان سداه غير حرير ولحمته حرير يباح لبسه في الحرب للضرورة وهي شيئان التهيب بصورته وهو بريقه ولمعانه والثاني ضعف معرة السلاح أي مضرته إتقاني فإذا كان رقيقا لم تتم الضرورة فحرام إجماعا بين الإمام وصاحبيه (قوله فيكره فيها) أي في الحرب عنده لأن الضرورة تندفع بالأدنى، وهو المخلوط وهو ما لحمته حرير فقط، لأن البريق واللمعان بظاهره واللحمة على الظاهر، ويدفع معرة السلاح أيضا والمخلوط وإن كان حريرا في الحكم ففيه شبهة الغزل فكان دون الحرير الخالص والضرورة اندفعت بالأدنى فلا يصار إلى الأعلى وما رواه الشعبي إن صح يحمل على المخلوط إتقاني (قوله خلافا لهما) قال في التتارخانية إنما لا يكره عندهما لبس الحرير في الحرب إذا كان صفيقا يدفع معرة السلاح، فلو رقيقا لا يصلح لذلك كره بالإجماع ا هـ. أقول: والحاصل أنه عند الإمام لا يباح الحرير الخالص في الحرب مطلقا، بل يباح ما لحمته فقط حرير لو صفيقا وأما عندهما فيباح كل منهما في الحرب لو صفيقا ولو رقيقا فلا خلاف في الكراهة فافهم وتأمل فيما في الشرنبلالية (قوله قلت ولم أر إلخ) مأخوذ من حاشية شيخه الرملي وتمام عبارته ثم رأيت في الحاوي الزاهدي بعلامة جمع التفاريق، وما كان من الثياب الغالب عليه غير القز كالخز ونحوه لا بأس به فقد وافق بحثنا المنقول ولله الحمد ا هـ. ثم نقل عبارة الحاوي التي ذكرها الشارح ولم يزد بعدها شيئا، فلذا قال الشارح وأقره شيخنا وأجاب الشارح أيضا في شرحه على الملتقى بقوله: ثم رأيته في الأشباه في قاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام ألحقه بمسألة الأواني وحينئذ فيحل لو حريرا للحمة مساويا وزنا أو أقل لا أزيد ا هـ. وبين الجوابين فرق فإن ما في الأشباه مصرح بحل المساواة، وما ذكره الرملي وتبعه الشارح ساكت عنه، وقد أجاب البيري بعبارة الزاهدي المارة أيضا: وأقول: تحتمل عبارة الزاهدي أن تكون مبنية على القول الضعيف من اعتبار غلبة اللحمة على الحرير كما قدمناه فلا تصلح للجواب تأمل (قوله ما كان ظاهره قز) اسم كان ضمير الشأن والجملة من المبتدإ والخبر خبرها والقز الإبريسم كما في القاموس أو نوع منه كما في الصحاح (قوله أو خط منه خز إلخ) أقول: ليس المراد بالخط ما يكون في السدى طولا، لأن السدى لا يعتبر ولو كان كله قزا بل المراد بالخط ما يكون في اللحمة عرضا، فإذا كان المراد ذلك ظهر منه جواب آخر عن المسألة السابقة بأن يقال إذا خلطت اللحمة بإبريسم وغيره بحيث يرى كله إبريسما كره وإن كان كل واحد مستبينا كالطراز لم يكره، لأن ظاهر المذهب عدم الجمع فيما لم يبلغ أربع أصابع، ويظهر لي أن هذا الجواب أحسن من الجواب السابق فتأمل. فيه (قوله قلت وقد علمت إلخ) استدراك على ما في الحاوي وعلى شيخه حيث أقره، فإن قوله يكره ما كان ظاهره قز مفرع على اعتبار الظاهر وكراهة نحو العتابي والمرجح خلافه كما مر ولا يرد هذا على ما استظهرناه آنفا في الجواب، لأن عدم اعتبار الظاهر إنما هو في السدى وكلامنا السابق في اللحمة (قوله على الظاهر) أي الراجح وليس المراد ظاهر الرواية كما هو اصطلاحه في إطلاق هذا اللفظ تأمل (قوله لا بأس بلبس الثوب الأحمر) وقد روي ذلك عن الإمام كما في الملتقط ا هـ. ط (قوله ومفاده أن الكراهة تنزيهية) لأن كلمة لا بأس تستعمل غالبا فيما تركه أولى منح (قوله في التحفة) أي تحفة الملوك منح (قوله فأفاد أنها تحريم إلخ) هذا مسلم لو لم يعارضه تصريح غيره بخلافه ففي جامع الفتاوى قال أبو حنيفة والشافعي ومالك: يجوز لبس المعصفر وقال جماعة من العلماء: مكروه بكراهة التنزيه، وفي منتخب الفتاوى قال صاحب الروضة يجوز للرجال والنساء لبس الثوب الأحمر والأخضر بلا كراهة، وفي الحاوي الزاهدي يكره للرجال لبس المعصفر والمزعفر والمورس والمحمر أي الأحمر حريرا كان أو غيره إذا كان في صبغه دم وإلا فلا، ونقله عن عدة كتب، وفي مجمع الفتاوى لبس الأحمر مكروه وعند البعض لا يكره، وقيل يكره إذا صبغ بالأحمر القاني لأنه خلط بالنجس وفي الواقعات مثله ولو صبغ بالشجر البقم لا يكره ولو صبغ بقشر الجوز عسليا لا يكره لبسه إجماعا ا هـ. فهذه النقول مع ما ذكره عن المجتبى والقهستاني وشرح أبي المكارم تعارض القول بكراهة التحريم إن لم يدع التوفيق بحمل التحريم على المصبوغ أو بالنجس أو نحو ذلك (قوله وللشرنبلالي فيه رسالة) سماها تحفة الأكمل والهمام المصدر لبيان جواز لبس الأحمر وقد ذكر فيها كثيرا من النقول منها ما قدمناه وقال لم نجد نصا قطعيا لإثبات الحرمة ووجدنا النهي عن لبسه لعلة قامت بالفاعل من تشبه بالنساء أو بالأعاجم أو التكبر وبانتفاء العلة تزول الكراهة بإخلاص النية لإظهار نعمة الله تعالى وعروض الكراهة للصبغ بالنجس تزول بغسله، ووجدنا نص الإمام الأعظم على الجواز ودليلا قطعيا على الإباحة، وهو إطلاق الأمر بأخذ الزينة ووجدنا في الصحيحين موجبه، وبه تنتفي الحرمة والكراهة بل يثبت الاستحباب اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ا هـ. ومن أراد الزيادة على ذلك فعليه بها. أقول: ولكن جل الكتب على الكراهة كالسراج والمحيط والاختيار والمنتقى والذخيرة وغيرها وبه أفتى العلامة قاسم وفي الحاوي الزاهدي ولا يكره في الرأس إجماعا (قوله ثمانية أقوال) نقلها عن القسطلاني (قوله منها أنه مستحب) هذا ذكره الشرنبلالي بحثا كما قدمناه وليس من الثمانية. (قوله ولا يتحلى) أي لا يتزين درر قوله مطلقا) سواء كان في حرب أو غيره ط وأما جواز الجوشن والبيضة في الحرب فقدمنا أنه قولهما (قوله ومنطقة) بكسر الميم وفتح الطاء قهستاني وهي اسم لما يسميه الناس بالحياصة مصباح، والحياصة: سير يشد به حزام السرج قاموس وفيه منطقة كمكنسة ما ينتطق به، وانتطق الرجل شد وسطه بمنطقة كتنطق ا هـ. وهذا أنسب هنا، لأن الحياصة للدابة والكلام في تحلية الرجل نفسه تأمل، ثم رأيت في بعض الشروح أن المنطقة بالفارسية الكمر وعلى عرف الناس الحياصة ا هـ. (قوله وحلية سيف) وحمائله من جملة حليته شرنبلالية والشرط أن لا يضع يده على موضع الفضة كما قدمه (قوله منها) أي الفضة لا من الذهب درر وقال في غرر الأفكار: حال كون كل من الخاتم والمنطقة والحلية منها أي الفضة لورود آثار اقتضت الرخصة منها في هذه الأشياء خاصة ا هـ. (قوله إذا لم يرد به التزين) الظاهر أن الضمير في به راجع إلى الخاتم فقط لأن تحلية السيف والمنطقة لأجل الزينة، لا لشيء آخر بخلاف الخاتم ويدل عليه ما في الكفاية، حيث قال: قوله إلا بالخاتم هذا إذا لم يرد به التزين وذكر الإمام المحبوبي، وإن تختم بالفضة قالوا إن قصد به التجبر يكره، وإن قصد به التختم ونحوه لا يكره ا هـ. لكن سيأتي أن ترك التختم لمن لا يحتاج إلى الختم أفضل، وظاهره أنه لا يكره للزينة بلا تجبر ويأتي تمامه تأمل. (قوله وقيل يحل إلخ) لم يعبر في المجتبى بلفظة قيل بل رمز للأول إلى كتاب ثم رمز لهذا إلى كتاب آخر ومقتضى الأول عدم التقدير بشيء وهو ظاهر المتون في الفضة. وفي الحاوي القدسي: إلا الخاتم قدر درهم والمنطقة وحلية السيف من الفضة ا هـ. وهكذا عامة عباراتهم مطلقة، لكن في القنية لا بأس باستعمال منطقة حلقتاها فضة لا بأس إذا كان قليلا وإلا فلا ا هـ. وفي الظهيرية وعن أبي يوسف: لا بأس بأن يجعل في أطراف سيور اللجام، والمنطقة الفضة ويكره أن يجعل جميعه أو عامته الفضة ا هـ. فتأمل. ولم أر من قدر حلية السيف بشيء (قوله وسيجيء) أي آخرا قبيل الفروع (قوله ولا يتختم إلا بالفضة) هذه عبارة الإمام محمد في الجامع الصغير أي بخلاف المنطقة فلا يكره فيها حلقة حديد ونحاس كما قدمه، وهل حلية السيف كذلك يراجع قال الزيلعي: وقد وردت آثار في جواز التختم بالفضة وكان للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم خاتم فضة وكان في يده الكريمة، حتى توفي صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم في يد أبي بكر رضي الله تعالى عنه إلى أن توفي، ثم في يد عمر رضي الله تعالى عنه إلى أن توفي، ثم في يد عثمان رضي الله تعالى عنه إلى أن وقع من يده في البئر فأنفق مالا عظيما في طلبه فلم يجده، ووقع الخلاف فيما بينهم والتشويش من ذلك الوقت إلى أن استشهد رضي الله تعالى عنه. (قوله فيحرم بغيرها إلخ) لما روى الطحاوي بإسناده إلى عمران بن حصين وأبي هريرة قال: «نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن خاتم الذهب»، وروى صاحب السنن بإسناده إلى عبد الله بن بريدة عن أبيه: {أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وعليه خاتم من شبه فقال له: مالي أجد منك ريح الأصنام فطرحه ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال: مالي أجد عليك حلية أهل النار فطرحه فقال: يا رسول الله من أي شيء أتخذه؟ قال: اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالا» فعلم أن التختم بالذهب والحديد والصفر حرام فألحق اليشب بذلك لأنه قد يتخذ منه الأصنام، فأشبه الشبه الذي هو منصوص معلوم بالنص إتقاني والشبه محركا النحاس الأصفر قاموس وفي الجوهرة والتختم بالحديد والصفر والنحاس والرصاص مكروه للرجل والنساء (قوله جواز اليشب) بالباء أو الفاء أو الميم وفتح أوله وسكون ثانيه وتحريكه خطأ كما في المغرب، قال القهستاني: وقيل إنه ليس بحجر فلا بأس به وهو الأصح كما في الخلاصة ا هـ. (قوله والعقيق) قال في غرر الأفكار والأصح أنه لا بأس به، «لأنه عليه الصلاة والسلام تختم بعقيق» وقال: «تختموا بالعقيق فإنه مبارك» ولأنه ليس بحجر إذ ليس له ثقل الحجر، وبعضهم أطلق التختم بيشب وبلور وزجاج (قوله وعمم منلا خسرو) أي عمم جواز التختم بسائر الأحجار حيث قال بعد كلام فالحاصل: أن التختم بالفضة حلال للرجال بالحديث وبالذهب والحديد والصفر حرام عليهم بالحديث وبالحجر حلال على اختيار شمس الأئمة وقاضي خان أخذا من قول الرسول وفعله صلى الله عليه وسلم لأن حل العقيق لما ثبت بهما ثبت حل سائر الأحجار، لعدم الفرق بين حجر وحجر وحرام على اختيار صاحب الهداية والكافي أخذا من عبارة الجامع الصغير المحتملة: لأن يكون القصر فيها بالإضافة إلى الذهب، ولا يخفى ما بين المأخذين من التفاوت ا هـ. أقول: لا يخفى أن النص معلول كما قدمناه، فالإلحاق بما ورد به النص في العلة التي فيه أخذ من النص أيضا والنص على الجواز بالعقيق يحتمل عدم الثبوت عند المجتهد أو ترجيح غيره عليه، على أن العقيق أو اليشب ليسا من الحجر كما مر، فقياس غيرهما عليهما يحتاج إلى دليل، واتباع المجتهد اتباع للنص، لأنه تابع للنص غير مشرع قطعا وتأويل عبارة المجتهد العارف بمحاورات الكلام عدول عن الانتظام، كيف ولو كان القصر فيها بالإضافة إلى الذهب لزم منها إباحة نحو الصفر والحديد مع أن مراد المجتهد عدمها (قوله لما مر) أي من قوله ولا يتختم إلا بالفضة الذي هو لفظ محرر المذهب الإمام محمد رحمه الله تعالى فافهم. (قوله فإذا ثبت إلخ) نقله ابن الشحنة عن ابن وهبان، ثم قال: والظاهر أنه لم يقف على التصريح بكراهة بيعها، وقد وقفت عليه في القنية قال ويكره بيع خاتم الحديد والصفر ونحوه بيع طين الأكل أما بيع الصورة فلم أقف عليها والوجه فيها ظاهر (قوله وصيغها) صوابه وصوغها ا هـ. ح ورأيت في بعض النسخ وصنعها بالنون بين الصاد والعين المهملتين، والذي في شرح الوهبانية صيغتها، وفي القاموس: صاغ الله فلانا صيغة حسنة خلقه والشيء هيأه على مثال مستقيم فانصاغ وهو صواغ وصائغ وصياغ والصياغة بالكسر حرفته ا هـ. وظاهر قوله وصياغ أنه جاء يائي العين تأمل (قوله لما فيه من الإعانة إلخ) قال ابن الشحنة إلا أن المنع في البيع أخف منه في اللبس إذ يمكن الانتفاع بها في غير ذلك ويمكن سبكها وتغيير هيئتها (قوله وكل ما أدى إلخ) يتأمل فيه مع قول أئمتنا بجواز بيع العصير من خمار شرنبلالي، ويمكن الفرق بما يأتي من أن المعصية لم تقم بعين العصير بل بعد تغيره. [فرع] لا بأس بأن يتخذ خاتم حديد قد لوي عليه فضة وألبس بفضة حتى لا يرى تتارخانية (قوله وحل مسمار الذهب إلخ) يريد به المسمار ليحفظ به الفص تتارخانية لأنه تابع كالعلم في الثوب فلا يعد لابسا له هداية، وفي شرحها للعيني فصار كالمستهلك أو كالأسنان المتخذة من الذهب على حوالي خاتم الفضة، فإن الناس يجوزونه من غير نكير ويلبسون تلك الخواتم قال ط: ولم أر من ذكر جواز الدائرة العليا من الذهب بل ذكرهم حل المسمار فيه يقتضي حرمة غيره ا هـ. أقول: مقتضى التعليل المار جوازها ويمكن دخولها في الفضة أيضا تأمل (قوله في حجر الفص) أي ثقبه هداية ومقتضاه أنه بتقديم الجيم على الحاء وهي رواية وفي أخرى بالعكس قال في المغرب وهي الصواب؛ لأن الجحر جحر الضب أو الحية أو اليربوع وهو غير لائق هنا (قوله ويجعله) أي الفص لبطن كفه بخلاف النسوان لأنه تزين في حقهن هداية (قوله في يده اليسرى) وينبغي أن يكون في خنصرها دون سائر أصابعه ودون اليمنى ذخيرة (قوله فيجب التحرز عنه) عبارة القهستاني عن المحيط: جاز أن يجعله في اليمنى إلا أنه شعار الروافض ا هـ. ونحوه في الذخيرة تأمل (قوله ولعله كان وبان) أي كان ذلك من شعارهم في الزمن السابق، ثم انفصل وانقطع في هذه الأزمان، فلا ينهى عنه كيفما كان. وفي غاية البيان قد سوى الفقيه أبو الليث في شرح الجامع الصغير بين اليمين واليسار، وهو الحق؛ لأنه قد اختلفت الروايات عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك وقول بعضهم إنه في اليمين من علامات أهل البغي ليس بشيء، لأن النقل الصحيح عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ينفي ذلك ا هـ. وتمامه فيه (قوله أو اسم الله تعالى) فلو نقش اسمه تعالى أو اسم نبيه صلى الله عليه وسلم استحب أن يجعل الفص في كمه إذا دخل الخلاء، وأن يجعله في يمينه إذا استنجى قهستاني. (قوله لا تمثال إنسان) التمثال بالفتح التمثيل وبالكسر الصورة قاموس (قوله أو طير) لحرمة تصوير ذي الروح لكنه سبق في مكروهات الصلاة أن نقش غير المستبين الذي لا يبصر من بعد لا يضر، وقد نقش في خاتم دانيال لبؤة بين يديها صغير ترضعه، وكان في خاتم بعض السلف ذبابتان فليراجع ط. أقول: الذي سبق إنما هو في عدم كراهة الصلاة بها لا في نقشها والكلام هنا في فعل النقش، وفي التتارخانية قال الفقيه لو كان على خاتم فضة تماثيل لا يكره، وليس كتماثيل في الثياب في البيوت لأنه صغير وروي عن أبي هريرة أنه كان على خاتمه ذبابتان ا هـ. تأمل (قوله ولا محمد رسول الله) في محل نصب عطفا على تمثال وذلك لأنه «نقش خاتمه صلى الله عليه وسلم وكان ثلاثة أسطر كل كلمة سطر». وقد {نهى عليه الصلاة والسلام أن ينقش أحد عليه» كما رواه في الشمائل: أي على هيئته أو مثل نقشه، ونقش خاتم أبي بكر، نعم القادر الله، وعمر كفى بالموت واعظا وعثمان: لتصبرن أو لتندمن، وعلي: الملك لله وأبي حنيفة: قل الخير وإلا فاسكت وأبي يوسف: من عمل برأيه فقد ندم ومحمد: من صبر ظفر ا هـ. قهستاني عن البستان (قوله ولا يزيده على مثقال) وقيل لا يبلغ به المثقال ذخيرة. أقول: ويؤيده نص الحديث السابق من قوله عليه الصلاة والسلام: «ولا تتممه مثقالا» (قوله وترك التختم إلخ) أشار إلى أن التختم سنة لمن يحتاج إليه كما في الاختيار قال القهستاني: وفي الكرماني نهى الحلواني بعض تلامذته عنه، وقال: إذا صرت قاضيا فتختم وفي البستان عن بعض التابعين لا يتختم إلا ثلاثة: أمير، أو كاتب، أو أحمق وظاهره أنه يكره لغير ذي الحاجة لكن قول المصنف أفضل كالهداية وغيرها يفيد الجواز، وعبر في الدرر بأولى وفي الإصلاح بأحب، فالنهي للتنزيه وفي التتارخانية عن البستان: كره بعض الناس اتخاذ الخاتم إلا لذي سلطان وأجازه عامة أهل العلم، وعن يونس بن أبي إسحاق قال: رأيت قيس بن أبي حازم وعبد الرحمن بن الأسود والشعبي وغيرهم يتختمون في يسارهم وليس لهم سلطان ولأن السلطان يلبس للزينة والحاجة إلى الختم وغيره في حاجة الزينة والختم سواء فجاز لغيره وبه نأخذ ا هـ. فهو اختيار للجواز كما هو قول العامة، ولا ينافي أن تركه أولى لغير ذي حاجة فافهم. ومقتضاه أنه لا يكره لقصد الزينة والختم وأما لقصد الزينة فقط فقد مر فتدبر. (قوله وذي حاجة إليه كمتول) قال في المنح وظاهر كلامهم أنه لا خصوصية لهما أي للسلطان والقاضي؛ بل الحكم في كل ذي حاجة كذلك، فلو قيل وتركه لغير ذي حاجة إليه أفضل، ليدخل فيه المباشر ومتولي الأوقاف وغيرهما ممن يحتاج إلى الختم لضبط المال كان أعم فائدة كما لا يخفى ا هـ. أقول: قول الاختيار: التختم سنة لمن يحتاج إليه كالسلطان والقاضي ومن في معناهما صريح في ذلك، ومثله في الخانية وانظر هل يدخل في الحاجة ختمه لنحو إجازة أو شهادة، أو إرسال كتاب ولو نادرا فلا يكون ترك التختم في حقه أولى يحرر. [تتمة] إنما يجوز التختم بالفضة لو على هيئة خاتم الرجال أما لو له فصان أو أكثر حرم قهستاني وذكر العلامة عبد البر بن الشحنة أن والده أنشده قوله: تختم كيف شئت ولا تبالي بخنصرك اليمين أو الشمال سوى حجر وصفر أو حديد أو الذهب الحرام على الرجال وإن أحببت باسمك فانقشنه وباسم الله ربك ذي الجلال. (قوله المتحرك) قيد به لما قال الكرخي إذا سقطت ثنية رجل فإن أبا حنيفة يكره أن يعيدها، ويشدها بفضة أو ذهب ويقول هي كسن ميتة ولكن يأخذ سن شاة ذكية يشد مكانها وخالفه أبو يوسف فقال لا بأس به ولا يشبه سنه سن ميتة استحسن ذلك وبينهما فرق عندي وإن لم يحضرني ا هـ. إتقاني. زاد في التتارخانية قال بشر قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن ذلك في مجلس آخر فلم ير بإعادتها بأسا (قوله وجوزهما محمد) أي جوز الذهب والفضة أي جوز الشد بهما وأما أبو يوسف فقيل معه وقيل مع الإمام (قوله لأن الفضة تنتنه) الأولى تنتن بلا ضمير وأشار إلى الفرق للإمام بين شد السن، واتخاذ الأنف فجوز الأنف من الذهب لضرورة نتن الفضة لأن المحرم لا يباح إلا لضرورة وقد اندفعت في السن بالفضة فلا حاجة إلى الأعلى وهو الذهب. قال الأتقاني: ولقائل أن يقول مساعدة لمحمد لا نسلم أنها في السن ترتفع بالفضة لأنها تنتن أيضا وأصل ذلك ما روى الطحاوي بإسناده إلى «عرفجة بن أسعد أنه أصيب أنفه يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب، ففعل»، والكلاب بالضم والتخفيف: اسم واد كانت فيه وقعة عظيمة للعرب هذا وظاهر كلامه جواز الأنف منهما اتفاقا، وبه صرح الإمام البزدوي وذكر الإمام الإسبيجابي أنه على الاختلاف أيضا. وفي التتارخانية وعلى هذا الاختلاف إذا جدع أنفه أو أذنه أو سقط سنه، فأراد أن يتخذ سنا آخر فعند الإمام يتخذ وذلك من الفضة فقط، وعند محمد من الذهب أيضا ا هـ. وأنكر الأتقاني ثبوت الاختلاف في الأنف بأنه لم يذكر في كتب محمد والكرخي والطحاوي، وبأنه يلزم عليه مخالفة الإمام للنص ونازعه المقدسي بأن الإسبيجابي حجة في النقل، وبأن الحديث قابل للتأويل، واحتمال أن ذلك خصوصية لعرفجة كما خص عليه الصلاة والسلام الزبير وعبد الرحمن بلبس الحرير لحكة في جسدهما، كما في التبيين أقول: يمكن التوفيق بأن ما ذكره الإسبيجابي رواية شاذة عن الإمام فلذا لم تذكر في كتب محمد والكرخي والطحاوي والله تعالى أعلم. (قوله وكره إلخ) لأن النص حرم الذهب والحرير على ذكور الأمة بلا قيد البلوغ، والحرية والإثم على من ألبسهم لأنا أمرنا بحفظهم ذكره التمرتاشي. وفي البحر الزاخر: ويكره للإنسان أن يخضب يديه ورجليه، وكذا الصبي إلا لحاجة بناية، ولا بأس به للنساء ا هـ. مزيد ا هـ. ط. أقول: ظاهره أنه كما يكره للرجل فعل ذلك بالصبي يكره للمرأة أيضا وإن حل لها فعله لنفسها (قوله لا يكره خرقة إلخ) هذا هو ما صححه المتأخرون لتعامل المسلمين، وذكر في غاية البيان عن أبي عيسى الترمذي أنه لم يصح في هذا الباب شيء أي من كراهة أو غيرها؛ وقد رخص قوم من الصحابة ومن بعدهم التمندل بعد الوضوء، وتمامه فيه. ثم هذا في خارج الصلاة لما في البزازية، وتكره الصلاة مع الخرقة التي يمسح بها العرق، ويؤخذ بها المخاط لا لأنها نجسة، بل لأن المصلى معظم والصلاة عليها لا تعظيم فيها (قوله بقية بلله) الوضوء بالضم الفعل وبالفتح ماؤه قاموس فما ذكره تفسير مراد وهو على تقدير مضافين، بل ثلاثة أي لمسح بقية بلل وضوئه. والظاهر أنه لا حاجة إلى لفظ بقية ومثله قوله تعالى: {فقبضت قبضة من أثر الرسول} أي من أثر حافر فرس الرسول. (قوله لو لحاجة) الأولى لأنه لحاجة تأمل (قوله ولو للتكبر تكره) والخرقة المقومة دليل الكبر بزازية وبه علم أنه لا يصح أن يراد بالخرقة ما يشمل الحرير وبه صرح بعضهم. [تتمة] كره بعض الفقهاء وضع الستور والعمائم والثياب على قبور الصالحين والأولياء قال في فتاوى الحجة وتكره الستور على القبور ا هـ. ولكن نحن نقول الآن إذا قصد به التعظيم في عيون العامة حتى لا يحتقروا صاحب القبر، ولجلب الخشوع والأدب للغافلين الزائرين، فهو جائز لأن الأعمال بالنيات، وإن كان بدعة فهو كقولهم بعد طواف الوداع يرجع القهقرى، حتى يخرج من المسجد إجلالا للبيت حتى قال في منهاج السالكين إنه ليس فيه سنة مروية، ولا أثر محكي وقد فعله أصحابنا ا هـ. كذا في كشف النور عن أصحاب القبور للأستاذ عبد الغني النابلسي قدس سره (قوله ولا الرتيمة) جمعها رتائم وتسمى رتمة بالفتحات الثلاث وجمعها رتم بالفتحات أيضا يقال: أرتمت الرجل إرتاما إذا عقدت في أصبعه خيطا يستذكر به حاجته إتقاني عن أبي عبيدة قال الشاعر: إذا لم تكن حاجاتنا في نفوسكم *** فليس بمغن عنك عقد الرتائم قال في الهداية: وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعض أصحابه بذلك ا هـ. وفي المنح إنما ذكر هذا لأن من عادة بعض الناس شد الخيوط على بعض الأعضاء، وكذا السلاسل وغيرها، وذلك مكروه لأنه محض عبث فقال إن الرتم ليس من هذا القبيل كذا في شرح الوقاية ا هـ. قال ط: علم منه كراهة الدملج الذي يضعه بعض الرجال في العضد. (قوله التميمة المكروهة) أقول: الذي رأيته في المجتبى التميمة المكروهة ما كان بغير القرآن، وقيل: هي الخرزة التي تعلقها الجاهلية ا هـ. فلتراجع نسخة أخرى. وفي المغرب وبعضهم يتوهم أن المعاذات هي التمائم وليس كذلك إنما التميمة الخرزة، ولا بأس بالمعاذات إذا كتب فيها القرآن، أو أسماء الله تعالى، ويقال رقاه الراقي رقيا ورقية إذا عوذه ونفث في عوذته قالوا: إنما تكره العوذة إذا كانت بغير لسان العرب، ولا يدرى ما هو ولعله يدخله سحر أو كفر أو غير ذلك، وأما ما كان من القرآن أو شيء من الدعوات فلا بأس به ا هـ. قال الزيلعي: ثم الرتيمة قد تشتبه بالتميمة على بعض الناس: وهي خيط كان يربط في العنق أو في اليد في الجاهلية لدفع المضرة عن أنفسهم على زعمهم، وهو منهي عنه وذكر في حدود الإيمان أنه كفر ا هـ. وفي الشلبي عن ابن الأثير: التمائم جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم، فأبطلها الإسلام، والحديث الآخر: «من علق تميمة فلا أتم الله له» لأنهم يعتقدون أنه تمام الدواء والشفاء، بل جعلوها شركاء لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم وطلبوا دفع الأذى من غير الله تعالى الذي هو دافعه ا هـ. ط وفي المجتبى: اختلف في الاستشفاء بالقرآن بأن يقرأ على المريض أو الملدوغ الفاتحة، أو يكتب في ورق ويعلق عليه أو في طست ويغسل ويسقى. وعن «النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعوذ نفسه» قال رضي الله عنه: وعلى الجواز عمل الناس اليوم، وبه وردت الآثار ولا بأس بأن يشد الجنب والحائض التعاويذ على العضد إذا كانت ملفوفة ا هـ. قال ط: وانظر هل كتابة القرآن في نحو التمائم حروفا مقطعة تجوز أم لا لأنه غير ما وردت به كتابة القرآن وحرره ا هـ. وفي الخانية: بساط أو مصلى كتب عليه في النسج الملك لله يكره استعماله وبسطه، والقعود عليه، ولو قطع الحرف من الحرف أو خيط على بعض الحروف: حتى لم تبق الكلمة متصلة لا تزول الكراهة لأن للحروف المفردة حرمة وكذا لو كان عليها الملك أو الألف وحدها أو اللام ا هـ. وفيها: امرأة أرادت أن تضع تعويذا ليحبها زوجها ذكر في الجامع الصغير: أن ذلك حرام لا يحل، ويأتي بيان ذلك قبيل إحياء الموات، وفيها يكره كتابة الرقاع في أيام النيروز وإلزاقها بالأبواب، لأن فيه إهانة اسم الله تعالى واسم نبيه عليه الصلاة والسلام، وفيها لا بأس بوضع الجماجم في الزرع والمبطخة لدفع ضرر العين، لأن العين حق تصيب المال، والآدمي والحيوان ويظهر أثره في ذلك عرف بالآثار فإذا نظر الناظر إلى الزرع يقع نظره أولا على الجماجم، لارتفاعها فنظره بعد ذلك إلى الحرث لا يضره روي: «أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقالت نحن من أهل الحرث وإنا نخاف عليه العين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل فيه الجماجم» ا هـ. [تتمة] في شرح البخاري للإمام العيني من باب: العين حق. روى أبو داود من حديث عائشة أنها قالت: «كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين» قال عياض: قال بعض العلماء: ينبغي إذا عرف واحد بالإصابة بالعين أن يجتنب ويحترز منه، وينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس، ويلزمه بيته وإن كان فقيرا رزقه ما يكفيه فضرره أكثر من ضرر آكل الثوم والبصل، ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر رضي الله عنه وفي النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه شيئا يعجبه فليدع بالبركة فإن العين حق» والدعاء بالبركة أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين اللهم بارك فيه ويؤمر العائن بالاغتسال ويجبر إن أبى ا هـ. ملخصا وتمامه فيه والله سبحانه وتعالى أعلم. (قوله والمس) زاده لتكلم المصنف عليه وعدم الذكر في الترجمة لا يعد عيبا وإن كان الذكر أولى ليعلم محله فليراجع عند الحاجة ط (قوله وينظر الرجل من الرجل إلخ) ذكر في العناية وغيرها أن مسائل النظر أربع: نظر الرجل إلى المرأة ونظرها إليه، ونظر الرجل إلى الرجل، ونظر المرأة إلى المرأة والأولى على أربعة أقسام: نظره إلى الأجنبية الحرة، ونظره إلى من تحل له من الزوجة والأمة ونظره إلى ذوات محارمه ونظره إلى أمة الغير فافهم ا هـ. (قوله بلغ حد الشهوة) أي بأن صار مراهقا فالمراد حد الشهوة الكائنة منه ط. أقول: وقدم الشارح في شروط الصلاة ما نصه وفي السراج لا عورة للصغير جدا ثم ما دام لم يشته فقبل ودبر ثم تتغلظ إلى عشر سنين ثم كبالغ، وفي الأشباه يدخل على النساء إلى خمس عشرة سنة ا هـ. فتأمل. (قوله ولو أمرد صبيح الوجه) قال في الهندية والغلام إذا بلغ مبلغ الرجال ولم يكن صبيحا فحكمه حكم الرجال وإن كان صبيحا فحكمه حكم النساء، وهو عورة من قرنه إلى قدمه لا يحل النظر إليه عن شهوة، وأما الخلوة والنظر إليه لا عن شهوة فلا بأس به ولذا لم يؤمر بالنقاب كذا في الملتقط، ولم يذكر الشهوة الموجبة للتحريم، هل هي ميل القلب أو الانتشار ويحرر ط. أقول: ذكر الشارح في فصل المحرمات من النكاح أن حد الشهوة في المس والنظر الموجبة لحرمة المصاهرة تحرك آلته أو زيادته به يفتى وفي امرأة ونحو شيخ تحرك قلبه أو زيادته ا هـ. ونقله القهستاني عن أصحابنا ثم قال: وقال عامة العلماء: أن يميل بالقلب ويشتهي أن يعانقها وقيل أن يقصد مواقعتها، ولا يبالي من الحرام كما في النظم وفي حق النساء الاشتهاء بالقلب لا غير ا هـ. وقال القهستاني: في هذا الفصل وشرط لحل النظر إليها وإليه الأمن بطريق اليقين من شهوة أي ميل النفس إلى القرب منها أو منه أو المس لها أو له مع النظر، بحيث يدرك التفرقة بين الوجه الجميل والمتاع الجزيل، فالميل إلى التقبيل فوق الشهوة المحرمة ولذا قال السلف: اللوطيون أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون، وفيه إشارة إلى إنه لو علم منه الشهوة أو ظن أو شك حرم النظر كما في المحيط وغيره ا هـ. أقول: حاصله أن مجرد النظر واستحسانه لذلك الوجه الجميل، وتفضيله على الوجه القبيح كاستحسان المتاع الجزيل لا بأس به، فإنه لا يخلو عنه الطبع الإنساني، بل يوجد في الصغار، فالصغير المميز يألف صاحب الصورة الحسنة أكثر من صاحب الصورة القبيحة ويرغب فيه، ويحبه أكثر بل قد يوجد ذلك في البهائم، فقد أخبرني من رأى جملا يميل إلى امرأة حسناء ويضع رأسه عليها، كلما رآها دون غيرها من الناس، فليس هذا نظر شهوة، وإنما الشهوة ميله بعد هذا ميل لذة إلى القرب منه أو المس له زائدا على ميله إلى المتاع الجزيل، أو الملتحي لأن ميله إليه مجرد استحسان ليس معه لذة وتحرك قلب إليه كما في ميله إلى ابنه أو أخيه الصبيح، وفوق ذلك الميل إلى التقبيل أو المعانقة أو المباشرة أو المضاجعة، ولو بلا تحرك آلة وأما اشتراطه في حرمة المصاهرة، فلعله للاحتياط والله تعالى أعلم. ولا يخفى أن الأحوط عدم النظر مطلقا قال في التتارخانية: وكان محمد بن الحسن صبيحا، وكان أبو حنيفة يجلسه في درسه خلف ظهره. أو خلف سارية مخافة خيانة العين مع كمال تقواه ا هـ. وراجع ما كتبناه في شروط الصلاة. (قولهم لئلا يتوهم أن الأول عين الثاني) لأن الثاني معرفة كالأول وهذه القاعدة ليست كلية قال تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب} ويمكن أن يقال: أن أل في الأول والثاني جنسية والمعرف بها في حكم النكرة ط (قوله وكذا الكلام فيما بعد) وهو قوله ونظر المرأة من المرأة (قوله قلت إلخ) يشير إلى أن ما ذكروه من أن المعرفة أو النكرة إذا أعيدت معرفة، فهي عين الأول، أو نكرة فغيره إنما هو عند الإطلاق، وخلو المقام عن القرائن كما صرح به في التلويح (قوله وهي غير بادية) أي ظاهرة وفي الذخيرة وغيرها وإن كان على المرأة ثياب فلا بأس بأن يتأمل جسدها وهذا إذا لم تكن ثيابها ملتزقة بها بحيث تصف ما تحتها، ولم يكن رقيقا بحيث يصف ما تحته، فإن كانت بخلاف ذلك فينبغي له أن يغض بصره ا هـ. وفي التبيين قالوا: ولا بأس بالتأمل في جسدها وعليها ثياب ما لم يكن ثوب يبين حجمها، فلا ينظر إليه حينئذ لقوله عليه الصلاة والسلام: «من تأمل خلف امرأة ورأى ثيابها حتى تبين له حجم عظامها لم يرح رائحة الجنة» ولأنه متى لم يصف ثيابها ما تحتها من جسدها يكون ناظرا إلى ثيابها وقامتها دون أعضائها فصار كما إذا نظر إلى خيمة هي فيها ومتى كان يصف يكون ناظرا إلى أعضائها ا هـ. أقول: مفاده أن رؤية الثوب بحيث يصف حجم العضو ممنوعة ولو كثيفا لا ترى البشرة منه، قال في المغرب يقال مسست الحبلى، فوجدت حجم الصبي في بطنها وأحجم الثدي على نحر الجارية إذا نهز، وحقيقته صار له حجم أي نتو وارتفاع ومنه قوله حتى يتبين حجم عظامها ا هـ. وعلى هذا لا يحل النظر إلى عورة غيره فوق ثوب ملتزق بها يصف حجمها فيحمل ما مر على ما إذا لم يصف حجمها فليتأمل (قوله فالركبة عورة) لرواية الدارقطني «ما تحت السرة إلى الركبة عورة» والركبة كما في الهداية هي ملتقى عظمي الساق والفخذ، وفي البرجندي: ما تحت السرة هو ما تحت الخط الذي يمر بالسرة، ويدور على محيط بدنه بحيث يكون بعده عن موقعه في جميع جوانبه على السواء ا هـ. وفي الهداية: السرة ليست بعورة خلافا لأبي عصمة والشافعي والركبة عورة خلافا للشافعي، والفخذ عورة خلافا لأصحاب الظواهر، وما دون السرة إلى منبت الشعر عورة خلافا لابن الفضل معتمدا فيه العادة لأنه لا معتبر بالعادة مع النص بخلافها وحكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ وفي الفخذ أخف منه في السوأة حتى أن كاشف الركبة ينكر عليه برفق، وكاشف الفخذ يعنف عليه وكاشف السوأة يؤدب عليه إن لج ا هـ. ملخصا (قوله ومن عرسه وأمته) فينظر الرجل منهما وبالعكس إلى جميع البدن من الفرق إلى القدم ولو عن شهوة، لأن النظر دون الوطء الحلال قهستاني (قول الحلال) جعله في المنح قيدا للأمة كما في الهداية، والأولى جعله قيدا للعرس أيضا لما في القهستاني لا ينظر إلى فرج المظاهر منها على ما قاله أبو حنيفة وأبو يوسف، وينظر إلى الشعر والظهر والصدر منها كما في قاضي خان ا هـ. وأما الحائض، فإنه يحرم عليه قربان ما تحت الإزار قال الشارح في باب الحيض: وأما حل النظر ومباشرتها له ففيه تردد (قوله له وطؤها) الجار والمجرور متعلق بالحلال ووطؤها فاعل أي التي يحل له وطؤها (قوله أو مصاهرة) بأن كانت موطوءته أو بنتها ط (قوله فحكمها كالأجنبية) أي كالأمة الأجنبية بدليل ما في العناية، حيث قال قيد بقوله من أمته التي تحل له، لأن حكم أمته المجوسية، والتي هي أخته من الرضاع حكم أمة الغير في النظر إليها لأن إباحة النظر إلى جميع البدن مبنية على حل الوطء فينتفي بانتفائه ا هـ. (قوله ويشكل) أي تقييد الأمة التي يحل له وطؤها بما لو كانت مفضاة وهي التي احتلط مسلكاها (قوله فإنه لا يحل له وطؤها) إلا أن يعلم أنه يمكنه أن يأتيها في القبل من غير الوقوع في الدبر، فإن شك فليس له أن يطأها كما في الهندية. (قوله والأولى تركه) قال في الهداية: الأولى أن لا ينظر كل واحد منهما إلى عورة صاحبه لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ما استطاع ولا يتجردان تجرد العير» ولأن ذلك يورث النسيان لورود الأثر، وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول: الأولى أن ينظر ليكون أبلغ في تحصيل معنى اللذة ا هـ. لكن في شرحها للعيني أن هذا لم يثبت عن ابن عمر لا بسند صحيح ولا بسند ضعيف، وعن أبي يوسف سألت أبا حنيفة عن الرجل يمس فرج امرأته، وهي تمس فرجه ليتحرك عليها هل ترى بذلك بأسا قال: لا وأرجو أن يعظم الأجر ذخيرة (قوله لأنه يورث النسيان) ويضعف البصر ا هـ. ط. [تنبيه] قدمنا أن الرجل ينظر من أمته الحلال، وهي منه إلى جميع البدن قال منلا مسكين: وأما حكم نظر السيدة إلى جميع بدن أمتها والأمة إلى سيدتها فغير معلوم ا هـ. وذكر محشيه أبو السعود أنه مستفاد من قول المصنف والمرأة للمرأة. أقول: الظاهر أنه كذلك إذ لو كانت المرأة كالرجل في ذلك لنصوا عليه ولأنهم أناطوا حل النظر إلى غير مواضع الزينة بحل الوطء كما مر وفي العناية والنهاية قبيل الاستبراء ما نصه والنساء كلهن في حل نظر بعضهن إلى بعضهن سواء (قوله أو سبب) كالرضاع والمصاهرة (قوله ولو بزنا) أي ولو كان عدم حل نكاحها له بسبب زناه بأصولها أو فروعها قال الزيلعي: وقيل: إنها كالأجنبية والأول أصح اعتبارا للحقيقة، لأنها محرمة عليه على التأبيد (قوله فمن قصره على الأول) أي قصر التقييد على الأمن من جانب الرجل، وهو تعريض بتاج الشريعة والمصنف أيضا (قوله لا إلى الظهر والبطن إلخ) أي مع ما يتبعهما من نحو الجنبين والفرجين والأليتين والركبتين قهستاني (قوله وتلك المذكورات مواضع الزينة) أشار إلى أنه ليس المراد في الآية نفس الزينة، لأن النظر إليها مباح مطلقا، بل المراد مواضعها فالرأس موضع التاج، والوجه موضع الكحل، والعنق والصدر موضع القلادة والأذن موضع القرط، والعضد موضع الدملوج، والساعد موضع السوار والكف موضع الخاتم والخضاب، والساق موضع الخلخال، والقدم موضع الخضاب زيلعي والشعر موضع العقص إتقاني والدملوج كعصفور والدملج مقصور منه مصباح وهو من حلي العضد والعقص سير يجمع به الشعر وقيل خيوط سود تصل بها المرأة شعرها مغرب (قوله ولو مدبرة أو أم ولد) وكذا المكاتبة ومعتقة البعض عنده قهستاني (قوله فينظر إليها كمحرمه) لأنها تخرج لحوائج مولاها وتخدم أضيافه وهي في ثياب مهنتها، فصار حالها خارج البيت في حق الأجانب كحال المرأة داخله في حق المحارم الأقارب، وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى جارية متقنعة علاها بالدرة وقال: ألقي عنك الخمار يا دفار أتتشبهين بالحرائر هداية ودفار بالدال المهملة كفعال مبني على الكسر من الدفر وهو النتن (قوله أو شك) معناه استواء الأمرين تتارخانية (قوله إلا من أجنبية) أي ما بين السرة والركبة ا هـ. (قوله فلا يحل مس وجهها) أي وإن جاز النظر إليه على ما يأتي (قوله ولذا تثبت به حرمة المصاهرة) تعليل لكونه أغلظ من النظر والمراد إذا كان عن شهوة ويشمل المحارم والإماء حتى لو مس عمته أو أمته بشهوة حرمت عليه بنتها (قوله أما العجوز إلخ) وفي رواية يشترط أن يكون الرجل أيضا غير مشتهى ا هـ. قهستاني عن الكرماني، قال في الذخيرة: وإن كانت عجوزا لا تشتهي، فلا بأس بمصافحتها أو مس يدها، وكذلك إذا كان شيخا يأمن على نفسه وعليها فلا بأس أن يصافحها وإن كان لا يأمن على نفسه أو عليها فليجتنب، ثم إن محمدا أباح المس للرجل إذا كانت المرأة عجوزا ولم يشترط كون الرجل بحال لا يجامع مثله، وفيما إذا كان الماس هي المرأة فإن كانا كبيرين لا يجامع مثله، ولا يجامع مثلها فلا بأس بالمصافحة فليتأمل عند الفتوى ا هـ. (قوله جاز سفره بها) ولا يكون إلا في المحارم وأمة الغير ولم يذكر محمد الخلوة والمسافرة بإماء الغير، وقد اختلف المشايخ في الحل وعدمه، وهما قولان مصححان ط. أقول: لكن هذا في زمانهم لما سيذكره الشارح عن ابن كمال أنه لا تسافر الأمة بلا محرم في زماننا لغلبة أهل الفساد وبه يفتى فتأمل. (قوله الخلوة بالأجنبية) أي الحرة لما علمت من الخلاف في الأمة، وقوله: حرام قال في القنية مكروهة كراهة تحريم وعن أبي يوسف ليس بتحريم ا هـ. (قوله أو كانت عجوزا شوهاء) قال في القنية: وأجمعوا أن العجوز لا تسافر بغير محرم، فلا تخلو برجل شابا أو شيخا، ولها أن تصافح الشيوخ في الشفاء عن الكرميني العجوز الشوهاء والشيخ الذي لا يجامع مثله بمنزلة المحارم ا هـ. والمتبادر أنهما بمنزلة المحارم بالنسبة إلى غيرهما من الأجانب ويحتمل أن يكون المراد أنه معها كالمحارم ويؤيد احتمال الوجهين ما قدمناه آنفا عن الذخيرة وعلى الثاني ففي إطلاق الشارح نظر فتدبر. (قوله أو بحائل) قال في القنية: سكن رجل في بيت من دار وامرأة في بيت آخر منها ولكل واحد غلق على حدة، لكن باب الدار واحد لا يكره ما لم يجمعهما بيت ا هـ. ورمز له ثلاثة رموز، ثم رمز إلى كتاب آخر هي خلوة فلا تحل ثم رمز ولو طلقها بائنا، وليس إلا بيت واحد يجعل بينهما سترة لأنه لولا السترة تقع الخلوة بينه وبين الأجنبية، وليس معهما محرم فهذا يدل على صحة ما قالوه ا هـ. لأن البيتين من دار كالسترة بل أولى وما ذكره من الاكتفاء بالسترة مشروط بما إذا لم يكن الزوج فاسقا إذ لو كان فاسقا يحال بينهما بامرأة ثقة تقدر على الحيلولة بينهما كما ذكره في فصل الإحداد. وقد بحث صاحب البحر هناك بمثل ما قاله في القنية فقال: يمكن أن يقال في الأجنبية كذلك وإن لم تكن معتدته إلا أن يوجد نقل بخلافه، وذكر في الفتح أن كذلك حكم السترة إذا مات زوجها؛ وكان من ورثته من ليس بمحرم لها. أقول: وقول القنية وليس معهما محرم يفيد أنه لو كان فلا خلوة والذي تحصل من هذا أن الخلوة المحرمة تنتفي بالحائل، وبوجود محرم أو امرأة ثقة قادرة وهل تنتفي أيضا بوجود رجل آخر أجنبي لم أره لكن في إمامة البحر عن الإسبيجابي يكره أن يؤم النساء في بيت وليس معهن رجل ولا محرم، مثل زوجته وأمته وأخته فإن كانت واحدة منهن، فلا يكره وكذا إذا أمهن في المسجد لا يكره ا هـ. وإطلاق المحرم على من ذكره تغليب بحر. والظاهر أن علة الكراهة الخلوة، ومفاده أنها تنتفي بوجود رجل آخر، لكنه يفيد أيضا أنها لا تنتفي بوجود امرأة أخرى فيخالف ما مر من الاكتفاء بامرأة ثقة ثم رأيت في منية المفتي ما نصه: الخلوة بالأجنبية مكروهة وإن كانت معها أخرى كراهة تحريم ا هـ. ويظهر لي أن مرادهم بالمرأة الثقة أن تكون عجوزا لا يجامع مثلها مع كونها قادرة على الدفع عنها وعن المطلقة فليتأمل (قوله إلا الأخت رضاعا) قال في القنية: وفي استحسان القاضي الصدر الشهيد، وينبغي للأخ من الرضاع أن لا يخلو بأخته من الرضاع، لأن الغالب هناك الوقوع في الجماع ا هـ. وأفاد العلامة البيري أن ينبغي معناه الوجوب هنا (قوله والصهرة الشابة) قال في القنية: ماتت عن زوج وأم فلهما أن يسكنا في دار واحدة إذا لم يخافا الفتنة وإن كانت الصهرة شابة، فللجيران أن يمنعوها منه إذا خافوا عليهما الفتنة ا هـ. وأصهار الرجل كل ذي رحم محرم من زوجته على اختيار محمد والمسألة مفروضة هنا في أمها والعلة تفيد أن الحكم كذلك في بنتها ونحوها كما لا يخفى (قوله وإلا لا) أي وإلا تكن عجوزا بل شابة لا يشمتها، ولا يرد السلام بلسانه قال في الخانية: وكذا الرجل مع المرأة إذا التقيا يسلم الرجل أولا، وإذا سلمت المرأة الأجنبية على رجل إن كانت عجوزا رد الرجل عليها السلام بلسانه بصوت تسمع، وإن كانت شابة رد عليها في نفسه، وكذا الرجل إذا سلم على امرأة أجنبية فالجواب فيه على العكس ا هـ. وفي الذخيرة: وإذا عطس فشمتته المرأة فإن عجوزا رد عليها وإلا رد في نفسه ا هـ. وكذا لو عطست هي كما في الخلاصة (قوله في نقل القهستاني) أي عن بيع المبسوط (قوله زائدة) يبعده قوله في القنية رامزا ويجوز الكلام المباح مع امرأة أجنبية ا هـ. وفي المجتبى رامزا، وفي الحديث دليل على أنه لا بأس بأن يتكلم مع النساء بما لا يحتاج إليه، وليس هذا من الخوض فيما لا يعنيه إنما ذلك في كلام فيه إثم ا هـ. فالظاهر أنه قول آخر أو محمول على العجوز تأمل، وتقدم في شروط الصلاة أن صوت المرأة عورة على الراجح ومر الكلام فيه فراجعه (قوله للضرورة) وهي معرفة لين بشرتها وذلك غرض صحيح فحل اللمس إتقاني (قوله في زماننا) لعل وجه التقييد به أنه لغلبة الشر في زماننا ربما يؤدي المس إلى ما فوقه، بخلافه في زمن السلف قال في الاختيار: وإنما حرم المس لإفضائه إلى الاستمتاع وهو الوطء (قوله وبه جزم في الاختيار) وكذا في الخانية والمبتغى وعزاه في الهداية وغيرها لمشايخه در منتقى، ونقل الأتقاني عن شرح الجامع الصغير لفخر الإسلام، عن محمد أنه كره للشاب المس، لأن بالنظر كفاية، ولم ير أبو حنيفة بذلك بأسا لضرورة العلم ببشرتها (قوله وأمة بلغت حد الشهوة) بأن تصلح للجماع، ولا اعتبار للسن من سبع أو تسع كما صححه الزيلعي وغيره في باب الإمامة ثم إن ما مشى عليه المصنف تبعا للدرر هو رواية عن محمد، وهو خلاف ما مشى عليه في الكنز والملتقى ومختصر القدوري وغيرها قال في الهداية: وإذا حاضت الأمة لم تعرض في إزار واحد، ومعناه بلغت وعن محمد إذا كانت تشتهى، ويجامع مثلها فهي كالبالغة لا تعرض في إزار واحد لوجود الاشتهاء ا هـ. تأمل (قوله وكفيها) تقدم في شروط الصلاة أن ظهر الكف عورة على المذهب ا هـ. ولم أر من تعرض له هنا (قوله قيل والقدم) تقدم أيضا في شروط الصلاة أن القدمين ليسا عورة على المعتمد ا هـ. وفيه اختلاف الرواية، والتصحيح، وصحح في الاختيار أنه عورة خارج الصلاة لا فيها ورجح في شرح المنية كونه عورة مطلقا بأحاديث كما في البحر (قوله إذا أجرت نفسها للخبز) أي ونحوه من الطبخ وغسل الثياب قال الأتقاني، وعن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ساعدها ومرفقها للحاجة إلى إبدائهما إذا أجرت نفسها للطبخ والخبز ا هـ. والمتبادر من هذه العبارة: أن جواز النظر ليس خاصا بوقت الاشتغال بهذه الأشياء بالإجارة بخلاف العبارة الأولى، وعبارة الزيلعي أوفى بالمراد، وهي وعن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ذراعها أيضا لأنه يبدو منها عادة ا هـ. فافهم (قوله وعبدها كالأجنبي معها) لأن خوف الفتنة منه كالأجنبي بل أكثر لكثرة الاجتماع والنصوص المحرمة مطلقة، والمراد من قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانهن} الإماء دون العبيد قاله الحسن وابن جبير ا هـ. اختيار وتمامه في المطولات. (قوله خلاصة) عزو للمسألتين وذكرهما في الخانية أيضا (قوله فإن خاف الشهوة) قدمنا حدها أول الفصل (قوله مقيد بعدم الشهوة) قال في التتارخانية، وفي شرح الكرخي النظر إلى وجه الأجنبية الحرة ليس بحرام، ولكنه يكره لغير حاجة ا هـ. وظاهره الكراهة ولو بلا شهوة (قوله وإلا فحرام) أي إن كان عن شهوة حرم (قوله وأما في زماننا فمنع من الشابة) لا لأنه عورة بل لخوف الفتنة كما قدمه في شروط الصلاة (قوله لا المس) تصريح بالمفهوم (قوله في الأصح) لأنه يوجد من لا يشتهي، فلا ضرورة بخلاف حالة الأداء هداية والمفهوم منه أن الخلاف عند خوف الشهوة لا مطلقا فتنبه (قوله ولو عن شهوة) راجع للجميع وصرح به للتوضيح، وإلا فكلام المصنف في النظر بشهوة بمقتضى الاستثناء (قوله بنية السنة) الأولى جعله قيدا للجميع أيضا على التجوز لئلا يلزم عليه إهمال القيد في الأولين لما قال الزيلعي وغيره: ويجب على الشاهد والقاضي أن يقصد الشهادة والحكم لا قضاء الشهوة تحرزا عن القبيح، ولو أراد أن يتزوج امرأة فلا بأس أن ينظر إليها، وإن خاف أن يشتهيها لقوله عليه الصلاة والسلام للمغيرة بن شعبة حين خطب امرأة: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» رواه الترمذي والنسائي وغيرهما ولأن المقصود إقامة السنة لا قضاء الشهوة ا هـ. والأدوم والإيدام الإصلاح والتوفيق إتقاني. [تنبيه] تقدم الخلاف في جواز المس بشهوة للشراء، وظاهر قول الشارح لا المس أنه لا يجوز للنكاح، وبه صرح الزيلعي حيث قال: ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفيها وإن أمن الشهوة لوجود الحرمة وانعدام الضرورة والبلوى ا هـ. ومثله في غاية البيان عن شرح الأقطع معللا بأن المس أغلظ فمنع بلا حاجة، وفي درر البحار وشرحه لا يحل المس للقاضي والشاهد والخاطب، وإن أمنوا الشهوة لعدم الحاجة، وعبارة الملتقى موهمة ولذا قال الشارح وأما المس مع الشهوة للنكاح، فلم أر من أجازه بل جعلوه كالحاكم لا يمس، وإن أمن فليحفظ وليحرر كلام المصنف ا هـ. بقي لو كان للمرأة ابن أمرد وبلغ للخاطب استواؤهما في الحسن، فظاهر تخصيص النظر إليها أنه لا يحل للخاطب النظر إلى ابنها إذا خاف الشهوة ومثله بنتها، وتقييد الاستثناء بما كان لحاجة أنه لو اكتفى بالنظر إليها بمرة حرم الزائد لأنه أبيح لضرورة فيتقيد بها، وظاهر ما في غرر الأفكار جواز النظر إلى الكفين أيضا، ويظهر من كلامهم أنه إذا لم يمكنه النظر يجوز إرسال نحو امرأة تصف له حلاها بالطريق الأولى، ولو غير الوجه والكفين وهل يحل لها أن تنظر للخاطب مع خوف الشهوة لم أره والظاهر: نعم للاشتراك في العلة المذكورة في الحديث السابق، بل هي أولى منه في ذلك لأنه يمكنه مفارقة من لا يرضاها بخلافها (قوله وختان) كذا جزم به في الهداية والخانية وغيرهما وقيل: إن الاختتان ليس بضرورة، لأنه يمكن أن يتزوج امرأة أو يشتري أمة تختنه إن لم يمكنه أن يختن نفسه كما سيأتي. وذكر في الهداية الخافضة أيضا لأن الختان سنة للرجال من جملة الفطرة لا يمكن تركها وهي مكرمة في حق النساء أيضا كما في الكفاية، وكذا يجوز أن ينظر إلى موضع الاحتقان لأنه مداواة ويجوز الاحتقان للمرض، وكذا للهزال الفاحش على ما روي عن أبي يوسف لأنه أمارة المرض هداية، لأن آخره يكون الدق والسل، فلو احتقن لا لضرورة بل لمنفعة ظاهرة بأن يتقوى على الجماع لا يحل عندنا كما في الذخيرة (قوله وينبغي إلخ) كذا أطلقه في الهداية والخانية. وقال في الجوهرة: إذا كان المرض في سائر بدنها غير الفرج يجوز النظر إليه عند الدواء، لأنه موضع ضرورة، وإن كان في موضع الفرج، فينبغي أن يعلم امرأة تداويها فإن لم توجد وخافوا عليها أن تهلك أو يصيبها وجع لا تحتمله يستروا منها كل شيء إلا موضع العلة ثم يداويها الرجل ويغض بصره ما استطاع إلا عن موضع الجرح ا هـ. فتأمل. والظاهر أن " ينبغي " هنا للوجوب (قوله سراج) ومثله في الهداية (قوله وكذا تنظر المرأة إلخ) وفي كتاب الخنثى من الأصل أن نظر المرأة من الرجل الأجنبي بمنزلة نظر الرجل إلى محارمه، لأن النظر إلى خلاف الجنس أغلظ هداية والمتون على الأول فعليه المعول (قوله حرم استحسانا إلخ) أقول: الذي في التتارخانية عن المضمرات فأما إذا علمت أنه يقع في قلبها شهوة أو شكت ومعنى الشك استواء الظنين فأحب إلي أن تغض بصرها هكذا ذكر محمد في الأصل، فقد ذكر الاستحباب في نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي وفي عكسه قال: فليجتنب وهو دليل الحرمة، وهو الصحيح في الفصلين جميعا ا هـ. ملخصا ومثله في الذخيرة ونقله ط عن الهندية وفي نسخة التتارخانية التي عليها خط الشارح الاستحسان بالسين والنون بعد الحاء بدل الاستحباب بالباءين، والظاهر أنها تحريف كما يدل عليه سياق الكلام فيوافق ما في الذخيرة والهندية، فقول الشارح حرم استحسانا أوقعه فيه التحريف تأمل، ثم على مقابل الصحيح وجه الفرق كما في الهداية أن الشهوة عليهن غالبة، وهو كالمحقق اعتبارا، فإذا اشتهى الرجل كانت الشهوة موجودة في الجانبين، ولا كذلك إذا اشتهت المرأة لأن الشهوة غير موجودة في جانبه حقيقة واعتبارا فكانت من جانب واحد والمتحقق من الجانبين في الإفضاء إلى المحرم أقوى من المتحقق في جانب واحد ا هـ. (قوله والذمية) محترز قوله المسلمة (قوله فلا تنظر إلخ) قال في غاية البيان: وقوله تعالى: {أو نسائهن} أي الحرائر المسلمات، لأنه ليس للمؤمنة أن تتجرد بين يدي مشركة أو كتابية ا هـ. ونقله في العناية وغيرها عن ابن عباس، فهو تفسير مأثور وفي شرح الأستاذ عبد الغني النابلسي على هدية ابن العماد عن شرح والده الشيخ إسماعيل على الدرر والغرر: لا يحل للمسلمة أن تنكشف بين يدي يهودية أو نصرانية أو مشركة إلا أن تكون أمة لها كما في السراج، ونصاب الاحتساب ولا تنبغي للمرأة الصالحة أن تنظر إليها المرأة الفاجرة لأنها تصفها عند الرجال، فلا تضع جلبابها ولا خمارها كما في السراج ا هـ. (قوله وشعر رأسها) الأولى تأخيره عما بعده ليكون نصا في عود الضمير إلى الحرة (قوله وعظم ذراع حرة ميتة) احترز بالذراع عن عظم الكف والوجه مما يحل النظر إليه في الحياة، وقيد بالحرة لأن ذراع الأمة يحل بالنظر إليه في حياتها بخلاف نحو عظم ظهرها. [تنبيهات: الأول] ذكر بعض الشافعية أنه لو أبين شعر الأمة ثم عتقت لم يحرم النظر إليه، لأن العتق لا يتعدى إلى المنفصل ا هـ. ولم أره لأئمتنا وكذا لم أر ما لو كان المنفصل من حرمة أجنبية، ثم تزوجها ومقتضى ما ذكر من التعليل حرمة النظر إليه، وقد يقال إذا حل له جميع ما اتصل بها فحل المنفصل بالأولى، وإن كان منفصلا قبل زمن الحل والله تعالى أعلم. الثاني: لم أر ما لو نظر إلى الأجنبية من المرآة أو الماء وقد صرحوا في حرمة المصاهرة بأنها لا تثبت برؤية فرج من مرآة أو ماء، لأن المرئي مثاله لا عينه، بخلاف ما لو نظر من زجاج أو ماء هي فيه لأن البصر ينفذ في الزجاج والماء، فيرى ما فيه ومفاد هذا أنه لا يحرم نظر الأجنبية من المرآة أو الماء، إلا أن يفرق بأن حرمة المصاهرة بالنظر ونحوه شدد في شروطها، لأن الأصل فيها الحل، بخلاف النظر لأنه إنما منع منه خشية الفتنة والشهوة، وذلك موجود هنا ورأيت في فتاوى ابن حجر من الشافعية ذكر فيه خلافا بينهم ورجح الحرمة بنحو ما قلناه والله أعلم. الثالث: ذكر بعض الشافعية أنه كما يحرم النظر لما لا يحل يحرم التفكر فيه لقوله تعالى: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} فمنع من التمني كما منع من النظر، وذكر العلامة ابن حجر في التحفة أنه ليس منه ما لو وطئ حليلته متفكرا في محاسن أجنبية حتى خيل إليه أنه يطؤها، ونقل عن جماعة منهم الجلال السيوطي والتقي السبكي أنه يحل لحديث: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها» ولا يلزم من تخيله ذلك عزمه على الزنا بها، حتى يأثم إذا صمم على ذلك لو ظفر بها، وإنما اللازم فرض موطوءته تلك الحسناء، وقيل ينبغي كراهة ذلك ورد بأن الكراهة لا بد لها من دليل وقال ابن الحاج المالكي: إنه يحرم لأنه نوع من الزنا كما قال علماؤنا فيمن أخذ كوزا يشرب منه، فتصور بين عينيه أنه خمر فشربه أن ذلك الماء يصير حراما عليه ا هـ. ورد بأنه في غاية البعد ولا دليل عليه ا هـ. ملخصا ولم أر من تعرض للمسألة عندنا وإنما قال في الدرر: إذا شرب الماء وغيره من المباحات بلهو وطرب على هيئة الفسقة حرم ا هـ. والأقرب لقواعد مذهبنا عدم الحل، لأن تصور تلك الأجنبية بين يديه يطؤها فيه تصوير مباشرة المعصية على هيئتها، فهو نظير مسألة الشرب ثم رأيت صاحب تبيين المحارم من علمائنا نقل عبارة ابن الحاج المالكي، وأقرها وفي آخرها حديث عنه صلى الله عليه وسلم: «إذا شرب العبد الماء على شبه المسكر كان ذلك عليه حراما» ا هـ. فإن قلت: لو تفكر الصائم في أجنبية حتى أنزل لم يفطر فإنه يفيد إباحته؟ قلت: لا نسلم ذلك فإنه لو نظر إلى فرج أجنبية حتى أنزل لا يفطر أيضا مع أنه حرام اتفاقا (قوله وقلامة ظفر رجلها) أي الحرة لا بقيد كونها ميتة وهذا بناء على كون القدمين عورة كما مر (قوله النظر إلى ملاءة الأجنبية بشهوة حرام) قدمنا عن الذخيرة وغيرها لو كان على المرأة ثياب لا بأس بأن يتأمل جسدها، ما لم تكن ملتزقة بها تصف ما تحتها لأنه يكون ناظرا إلى ثيابها وقامتها، فهو كنظره إلى خيمة هي فيها ولو كانت تصف يكون ناظرا إلى أعضائها، ويؤخذ مما هنا تقييده بما إذا كان بغير شهوة فلو بها منع مطلقا والعلة والله أعلم خوف الفتنة، فإن نظره بشهوة إلى ملاءتها أو ثيابها وتأمله في طول قوامها ونحوه قد يدعوه إلى الكلام معها إلى غيره، ويحتمل أن تكون العلة كون ذلك استمتاعا بما لا يحل بلا ضرورة، ولينظر هل يحرم النظر بشهوة إلى الصورة المنقوشة محل تردد ولم أره فليراجع. (قوله سواء كان شعرها أو شعر غيرها) لما فيه من التزوير كما يظهر مما يأتي وفي شعر غيرها انتفاع بجزء الآدمي أيضا: لكن في التتارخانية، وإذا وصلت المرأة شعر غيرها بشعرها فهو مكروه، وإنما الرخصة في غير شعر بني آدم تتخذه المرأة لتزيد في قرونها، وهو مروي عن أبي يوسف، وفي الخانية ولا بأس للمرأة أن تجعل في قرونها وذوائبها شيئا من الوبر (قوله: «لعن الله الواصلة» إلخ) الواصلة: التي تصل الشعر بشعر الغير والتي يوصل شعرها بشعر آخر زورا والمستوصلة: التي يوصل لها ذلك بطلبها والواشمة: التي تشم في الوجه والذراع، وهو أن تغرز الجلد بإبرة ثم يحشى بكحل أو نيل فيزرق والمستوشمة: التي يفعل بها ذلك بطلبها والواشرة: التي تفلج أسنانها أي تحددها وترقق أطرافها تفعله العجوز تتشبه بالشواب والمستوشرة: التي يفعل بها بأمرها ا هـ. اختيار، ومثله في نهاية ابن الأثير وزاد أنه روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: ليس الواصلة بالتي تعنون. ولا بأس أن تعرى المرأة عن الشعر، فتصل قرنا من قرونها بصوف أسود وإنما الواصلة التي تكون بغيا في شبيهتها فإذا أسنت وصلتها بالقيادة والواشرة كأنه من وشرت الخشبة بالميشار غير مهموز ا هـ. (قوله والنامصة إلخ) ذكره في الاختيار أيضا وفي المغرب. النمص: نتف الشعر ومنه المنماص المنقاش ا هـ. ولعله محمول على ما إذا فعلته لتتزين للأجانب، وإلا فلو كان في وجهها شعر ينفر زوجها عنها بسببه، ففي تحريم إزالته بعد، لأن الزينة للنساء مطلوبة للتحسين، إلا أن يحمل على ما لا ضرورة إليه لما في نتفه بالمنماص من الإيذاء. وفي تبيين المحارم إزالة الشعر من الوجه حرام إلا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالته بل تستحب ا هـ. وفي التتارخانية عن المضمرات: ولا بأس بأخذ الحاجبين وشعر وجهه ما لم يشبه المخنث ا هـ. ومثله في المجتبى تأمل (قوله والخصي) فعيل من خصاه نزع خصيتيه والمجبوب من قطع ذكره وخصيتاه، والمخنث المتزيي بزي النساء والمتشبه بهن في محلية الوطء، وتليين الكلام عن اختيار قهستاني: أي الذي يمكن غيره من نفسه احترازا عن المخنث الذي في أعضائه لين وتكسر بأصل الخلقة ولا يشتهي النساء فإنه رخص بعض مشايخنا في ترك مثله مع النساء استدلالا بقوله تعالى: {أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال} قيل هو المخنث الذي لا يشتهي النساء، وقيل هو المجبوب الذي جف ماؤه وقيل المراد به الأبله الذي لا يدري ما يصنع بالنساء، وإنما همه بطنه إذا كان شيخا كبيرا ماتت شهوته والأصح أن نقول إن قوله تعالى: {أو التابعين} من المتشابهات وقوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} محكم فنأخذ به عناية (قوله كالفحل) لأن الخصي قد يجامع، وقيل هو أشد جماعا لأنه لا ينزل دفقا بل قطرة فقطرة، ويثبت نسب ولده منه والمجبوب يسحق وينزل والمخنث فحل فاسق قهستاني مزيدا (قوله وجاز عزله) هو أن يجامع، فإذا جاء وقت الإنزال نزع فأنزل خارج الفرج (قوله أي بإذن حرة أو مولى أمة) ظاهر المتن أن الإذن للأمة المنكوحة لأن العرس يشملها لكن حاول الشارح لما في غاية البيان أن الإذن لمولاها في قولهم جميعا بلا خلاف في ظاهر الرواية كذا في الجامع الصغير، وعنهما أنه لها ا هـ. ثم هذا في البالغة، أما الصغيرة فله العزل عنها بلا إذن كما مر في نكاح الرقيق (قوله وقيل يجوز إلخ) قال في الهندية: ظاهر جواب الكتاب أنه لا يسعه، وذكر هنا يسعه كذا في الكبرى وله منع امرأته من العزل كذا في الوجيز للكردري ا هـ. ط. وفي الذخيرة اقتصر على ما ذكره الشارح، وهو الذي مشى عليه في نكاح الرقيق تبعا للخانية وغيرها، وقدمنا هناك عن النهر بحثا أن لها سد فم رحمها كما تفعله النساء مخالفا لما بحثه في البحر من أنه يحرم بغير إذن الزوج، لكن يخالف ما في الكبرى إلا أن يحمل على عدم خوف الفساد تأمل. وفي الذخيرة: لو أرادت إلقاء الماء بعد وصوله إلى الرحم قالوا إن مضت مدة ينفخ فيه الروح لا يباح لها وقبله اختلف المشايخ فيه والنفخ مقدر بمائة وعشرين يوما بالحديث ا هـ. قال في الخانية: ولا أقول به لضمان المحرم بيض الصيد لأنه أصل الصيد، فلا أقل من أن يلحقها إثم وهذا لو بلا عذر ا هـ. ويأتي تمامه قبيل إحياء الموات والله أعلم.
|