الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **
بن رفاعة عد مصر ثم في باقيها الوليد بن رفاعة وهي سنة تسع ومائة. فيها غزا أسد بن عبد الله القسري الترك فهزم خاقان وافتتح قزوين وفيها غزا معاوية ابن الخليفة أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك الروم وفتح حصنًا يقال له: الطينة. وفيها توفي لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي البصري في قول الفلاس وهو أبو مجلز المقدم ذكره وهو من الطبقة الثانية وكان بمرو لما قتل قتيبة بن مسلم فولاه أهل مرو أمرهم حتى قدم وكيع بن أبي سود. وكان لاحق هذا يركب مع قتيبة في موكبه فيسبح الله اثنتي عشرة ألف تسبيحة يعدها على أصابعه لا يعلم به أحد. وفيها حج بالناس إبراهيم بن هشام وهو عامل مكة والمدينة والطائف وخطب الناس وقال: سلوني فأنا ابن الوحيد فإنكم لا تسألون أحدًا أعلم مني فسأله رجل من أهل العراق عن الأضحية واجبة هي فما درى ولا أجاب ونزل ولم يتكلم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربعة أذرع وخمسة عشر إصبعًا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وخمسة أصابع. بن رفاعة على مصر وهي سنة عشر ومائة. فيها غزا مسلمة بن عبد الملك بلاد الخزر وتسمى هذه الغزوة غزوة الطين والتقى مسلمة مع ملك الخزر واقتتلوا أيامًا وكانت ملحمة عظيمة هزم الله فيها الكفار في سابع جمادى الآخرة. وفيها افتتح معاوية ابن الخليفة هشام بن عبد الملك حصنين كبيرين من أرض الروم. وفيها توفي الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد المعروف بالحسن البصري. كنيته أبو سعيد مولى زيد بن ثابت ويقال: مولى حميد بن قحطبة. وكان الحسن إمام أهل البصرة وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة قال الذهبي: بل كان إمام أهل العصر. ولد بالمدينة سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر. وكانت أمه مولاةً لأم سلمة أم المؤمنين فكانت تذهب أمه لأم سلمة في الحاجة فتشاغله أم سلمة بثديها فربما در عليه. قال: وقد سمع من عثمان وهو يخطب وشهد يوم الدار ورأى طلحة وعليًا وروى عن عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وعبد الرحمن بن سمرة وأبي بكرة والنعمان بن بشير وخلق كثير من الصحابة وغيرهم ومناقب الحسن كثيرة ومحاسنه غزيرة وعلومه مشهورة. وفيها توفي محمد بن سيرين أبو بكر الأنصاري البصري الإمام الرباني من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة مولى أنس بن مالك وهو صاحب التعبير. وكان أبوه سيرين من سبي جرجرايا فكاتب أنسًا على مال جزيل فوفاه له ومولده لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه. وفيها جمع خالد القسري الصلاة والأحداث والشرطة والقضاء بالبصرة لبلال بن أبي بردة وعزل ثمامة عن القضاء. وفيها حج بالناس إبراهيم بن هشام. وفيها توفي الفرزدق مقدم شعراء عصره وكنيته أبو فراس واسمه همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية التميمي البصري. روى عن علي بن أبي طالب وغيره وكان يرسل وروى عن أبي هريرة وعن جماعة وكان يقال: الفرزدق أشعر الناس عامة وجرير أشعر الناس خاصة. قاد محمد بن سلام: أتى الفرزدق إلى الحسن البصري فقال: إني قد هجوت إبليس فاسمع قال: لا حاجة لنا بما تقول قال: لتسمعن أو لأخرجن فلأقولن للناس إن الحسن ينهى عن هجاء إبليس قال: فاسكت فإنك عن لسانه تنطق. وللفرزدق هذا مع زوجته النوار حكايات ظريفة. ومن شعره: الكامل. إن المهالبة الكرام تحملوا دفع المكاره عن ذوي المكروه زانوا قديمهم بحسن حديثهم وكريم أخلاق بحسن وجوه وفيها توفى جرير بن الخطفي وهو جرير بن عطية بن حذيفة بن بدر بن سلمة أبو حزرة التميمي البصري الشاعر المشهور هو من الطبقة الأولى من شعراء الإسلام. مدح يزيد بن معاوية ومن بعده من الأمويين. قال محمد بن سلام: ذاكرت مروان بن أبي حفصة فقال: الكامل # ذهب الفرزدق بالفخار وإنما حلو القريض ومره لجرير وعن هشام بن محمد الكلبي عن أبيه: أن أعرابيًا مدح عبد الملك بن مروان فأحسن فقال له عبد الملك: هل تعرف أهجى بيتٍ في الإسلام قال: نعم قول جرير: الوافر فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبًا بلغت ولا كلابا قال: أصبت فهل تعرف أرق بيت قيل في الإسلام. قال: نعم قول جرير: إن العيون التي في طرفها مرض قتلننا ثم لم يحيين قتلانا # يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا قال: أحسنت فهل تعرف جريرًا قال: لا والله وإني إلى رؤيته لمشتاق. قال: فهذا جرير وهذا الأخطل وهذا الفرزدق فأنشأ الأعرابي يقول: المتقارب فحيا الإله أبا حزرةٍ وأرغم أنفك يا أخطل فأنشأ الفرزدق يقول: البسيط بل أرغم الله أنفًا أنت حامله يا ذا الخنا ومقال الزور والخطل ما أنت بالحكم فأترضى حكومته ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل فغضب جرير وقال أبياتًا ثم وثب وقبل رأس الأعرابي وقال: يا أمير المؤمنين جائزتي له وكانت كل سنة خمسة عشر ألفًا فقال له عبد الملك: وله مثلها مني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربعة أذرع وخمسة عشر إصبعًا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وستة عشر إصبعًا. السنة الثالثة من ولاية الوليد بن رفاعة على مصر وهي سنة إحدى عشرة ومائة: فيها عزل الخليفة هشام بن عبد الملك أشرس بن عبد الله السلمي عن هراسان وولاها الحفيد بن عبد الرحمن المر وسبب عزل أشرس لما فعله بالمدينة وكيف انتقضت عليه السعد وتخلف أهل بخارا واستجاشوا عليه بخاقان ملك الترك وفتح على المسلمين بابًا واسعًا ذهبت فيه الأموال وضعفت العساكر من سوء تدبيره. وفيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام الصائفة ووغل في بلاد الروم. وغزا أيضًا أخوه سعيد بن هشام فوصل إلى قيسارية. وفيها ولى هشام الجراح بن عبد الله الحكمي على أرمينية. وفيها حج بالناس إبراهيم بن هشام. وفيها توفي يزيد بن عبد الله بن الشخير أبوا لعلاء من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة وكان من كلامه يقول: لأن أعافى فأشكر أحب من أن أبتلى فأصبر. وفيها غزا في البحر عبد الله بن أبي مريم. وفيها سارت الترك إلى أذربيجان فلقيهم الحارث بن عمرو فهزمهم بعد قتال كثير واستباح عسكرهم. وفيها عزل عبيدة بن عبد الرحمن عامل إفريقية عثمان بن أبي نسعة عن الأندلس واستعمل عليها الهيثم بن عبد الله الكناني. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرع سواء. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وستة عشر إصبعًا. بن رفاعة على مصر وهي سنة اثنتا عشرة ومائة: فيها زحف الجراح بن عبد الله الحكمي بالمسلمين من برذعة إلى ابن خاقان ليدفعه عن أردبيل فالتقى الجمعان وعظم القتال واشتد البلاء وانكسر المسلمون وقتل منهم خلق منهم أمير الجيش الجراح بن عبد الله الحكمي المذكور وكان أحد الأبطال. وغلبت الخزر على أذربيجان وحصل وهن عظيم على ا لإسلام. وفيها توفي رجاء بن حيوة أبو المقدام الكندي الأزدي كان ثقةً فاضلًا كثير الحديث وكان سيد أهل زمانه قال ابن عون: ثلاثة لم أر مثلهم كأنهم التقوا فتواصوا: ابن سيرين بالعراق والقاسم بن محمد بالحجاز ورجاء بن حيوة بالشأم. وكان رجاء عظيمًا عند بني أمية لاسيما عند عمر بن عبد العزيز كان إذا قدمت لعمر بن عبد العزيز حلل يعزل منها حلة ويقول: هذه لخليلي رجاء بن حيوة. وفيها توفي شهر بن حوشب أبو عبد الله الأشعري وقيل أبو الجعد من الطبقة الثانية من تابعي أهل الشأم قرأ القرآن على عبد الله بن عباس سبع مرات. وفيها توفي طلحة بن مصرف بن عمرو أبو عبد الله وقيل أبو محمد الكوفي الهمداني من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الكوفة. كان قارىء أهل الكوفة يقرأون عليه. فلما كثروا عليه كأنه كره ذلك فمشى إلى الأعمش وقرأ عليه فمال الناس إلى الأعمش وتركوه. وفيها حج بالناس إبراهيم بن هشام المخزومي وقيل: سليمان بن هشام بن عبد الملك أعني ابن الخليفة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربعة أذرع سواء. مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وأربعة عشر إصبعًا. السنة الخامسة من ولاية الوليد بن رفاعة على مصر وهي سنة ثلاث عشرة ومائة. وفيها غزا الجنيد المري ناحية طخارستان فجاشت الترك بسمرقند فالتقاهم الجنيد بقرب سمرقند فاقتتلوا قتالًا شديدًا فكتب الجنيد من البحر إلى سورة الداري بنجدة على سمرقند فخرج سورة في جنده فلقيته الترك على غرة فقتلته. فعاد الجنيد أيضًا لقتال الترك بعد قتل سورة ثانيًا وقاتلهم حتى هزمهم ودخل سمرقند. وفيها توفي مكحول الشامي أبو عبد الله من الطبقة الثانية من تابعي أهل الشأم. قال: كنت مولى لعمرو بن سعيد بن العاص فوهبني لرجل من هذيل فأنعم علي بها. فما خرجت من مصر حتى ظننت أنه ليس بها علم إلا سمعته. ثم أتيت المدينة وقال كما قال أملأ. ثم أتيت الشعبي وفيها حج بالناس الخليفة هشام بن عبد الملك. وفيها دخل جماعة من دعاة بني العباس إلى خراسان فأخذهم الجنيد ومثل بهم وقتلهم. وفيها توفي أبو محمد البطال وقيل: أبو يحيى واسمه عبد الله أحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام ومن سارت بذكره الركبان. كان أحد أمراء بني أمية وكان على طلائع مسلمة بن عبد الملك بن مروان في غزواته وكان ينزل بأنطاكية. شهد عدة حروب وأوطأ الروم خوفًا وذلًا. قلت: والعامة تكذب على أبي محمد هذا بأقوال كثيرة ويسمونه البطال في سير كثيرة لا صحة لها. وفيها حج بالناس سليمان بن هشام بن عبد الملك وقيل إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي. وفيها توفي حرام بن سعد بن محيصة أبو سعيد وعمره سبعون سنة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرع سواء. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا سواء. السنة السادسة من ولاية الوليد فيها عزل الخليفة هشام أخاه مسلمة بن عبد الملك عن إمرة أذربيجان والجزيرة بابن عمه مروان بن محمد المعروف بالحمار آخر خلفاء بني أمية الأتي ذكره فسار مروان بن محمد المذكور بجيشه حتى جاوز الروم فقتل وسبى من الترك. وفيها غزا الجنيد بلاد الضغانيان من الترك فرجع ولم يلق كيدًا. وفيها ولي إمرة المغرب عبيد الله بن الحبحاب السكوني صاحب خراج مصر فتوجه إليها وبقي عليها تسع سنين. وفيها توفي عطاء بن أبي رباح المكي أبو محمد بن أسلم مولى قريش أحد أعلام التابعين ولد في خلافة عثمان وسمع من كبار الصحابة. وفيها توفي محمد الباقر وكنيته أبو جعفر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي سيد بني هاشم في زمانه روى عن ابن عباس وغيره. وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين تعتقد الرافضة عصمتهم. مولده في سنة ست وخمسين. ولمحمد هذا إخوة أربعة وهم:. زيد الذي صلب وعمر وحسين وعبد الله الجميع بنو زين العابدين رضي الله عنهم. وفيها عزل الخليفة هشام بن عبد الملك إبراهيم بن هشام عن إمرة المدينة وولاها خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص وإبراهيم المعزول هو خال الخليفة هشام بن عبد الملك. وفيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام بن عبد الملك الصائفة اليسرى فأصاب شيئًا كثيرًا وأن عبد الله البطال التقى هو وقسطنطين في جمع فهزمهم البطال وأسر قسطنطين. وفيها غزا سليمان ابن الخليفة هشام الصائفةٍ اليمنى فبلغ قيساريسة. وفي هذه السنة عزل هشام إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي عن إمرة المدينة واستعمل عليها خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم في ربيع الأول وكانت إمرة إبراهيم على المدينة ثمان سنين. وعزل إبراهيم أيضًا عن مكة وعن الطائف واستعمل عليها محمد بن هشام المخزوي. وفيها وقع الطاعون بواسط. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرع وخمسة عشر إصبعًا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وعشرون إصبعًا. السنة السابعة من ولاية الوليد فيها خرج الحارث بن شريح عن طاعة الخليفة وتغلب على مرو وجوزجان فسار إليه أسد بن عبد الله القسري فالتقوا فآنهزم الحارث وأسر أسد عدة من أصحاب الحارث وبدع فيهم . وفيها وقع بخراسان قحط شديد ومجاعة عظيمة. وفيها توفي عمرو بن مروان بن الحكم الأمير أبو حفص. وأمه زينب بنت عمر بن أبي سلمة المخزوي كان عمرو من خيار بني أمية ولم يكن بمصر في أيام بني أمية أفضل منه. وفيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام أرض الروم وافتتح حصونًا. وفيها وقع الطاعون بالشأم. وفيها حج بالناس محمد بن هشام المخزوي. وكان الأمير بخراسان الجنيد. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربعة أذرع سواء. مبلغ الزيادة أربعة عشر ذراعًا وعشرون إصبعًا. السنة الثامنة من ولاية الوليد بن رفاعة على مصر وهي سنة ست عشرة ومائة. فيها بعث عبيد الله بن الحبحاب أمير إفريقية ببلاد المغرب جيشًا إلى بلاد السودان فغنموا وسبوا. وفيها غزا المسلمون في البحر مما يلي صقلية فأصيبوا. وفيها تزوج الجنيد فاضلة بنت المهلب بن أبي صفرة. وبلغ ذلك الخليفة هشامًا فغضب وعزل الجنيد عن خراسان وولاها عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي وقال له: إن أدركته حيًا فأزهق نفسه فقدم عاصم خراسان وقد مات الجنيد وكان بالجنيد مرض البطن. وفيها توفيت حفصة بنت سيرين أخت محمد بن سيرين وكانت زاهدةً عابدة. قرأت القرآن وهي بنت اثنتي عشرة سنة وماتت وهي بنت تسعين سنة. وفيها توفي نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب. وهو من الطبقة الثالثة من التابعين وكان عبد الله بن جعفر أعطى ابن عمر فيه اثني عشر ألف درهم فأبى وأعتقه وكان نافع عند عبد الله بن عمر كبعض ولده وكان نافع ثقة كثير الحديث. وفيها غزا معاوية بن هشام بن عبد الملك أرض الروم الصائفة. وفيها كان الطاعون بالعراق وكان أشده بمدينة واسط وسواحلها. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربعة أذرع سواء. مبلغ الزيادة أربعة عشر ذراعًا ونصف السنة التاسعة من ولاية الوليد بن رفاعة على مصر وهي سنة سبع عشرة ومائة. فيها جاشت الترك بخراسان ومعهم الحارث بن شريح الخارجي وعليهم الخاقان الكبير فعاثوا وأفسدوا ووصلوا إلى بلد مرو الروذ. فسار إليهم أسد القسري فآلتاهم وقاتلهم حتى هزمهم وكانت وقعة هائلة قتل فيها من الترك خلائق. وفيها افتتح مروان بن محمد المعروف بالحمار متولي أذربيجان ثلاثة حصون وأسر تومانشاه وبعث به إلى الخليفة هشام بن عبد الملك فمن عليه وأعاده إلى مملكته. وفيها غزا عبيد الله بن الحبحاب أمير إفريقية عدة بلاد من المغرب فغنم وسلم. وفيها توفيت سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب. واسمها آمنة وأمها الرباب بنت امرىء القيس بن عدي وكانت من أجمل نساء عصرها. وفيها توفي عبد الرحمن بن هرمز الأعرج مولى محمد بن ربيعة وكنيته أبو داود من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة. وذكر الذهبي في هذه السنة وفاة جماعة أخر قال: وتوفي سعيد بن يسار وقد ذكره عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي وتوفي شريح بن صفوان بمصر وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة وعائشة بنت سعد وعمر بن الحكم بن ثوبان وفاطمة بنت علي بن أبي طالب وقتادة بن دعامة المفسر وقيل بعدها ومحمد بن كعب القرظي في قول الواقدي وتوفي موسى بن وردان القاضي بمصر وميمون بن مهران أوفي عام أول. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذراعان وأربعة عشر إصبعًا. مبلغ الزيادة أربعة عشر ذراعًا وعشرون إصبعًا ونصف إصبع.
هو عبد الرحمن بن خالد بن مسافر بن خالد بن ثابت بن ظاعن الأمير أبو خالد وقيل أبو الوليد الفهمي المصري أمير مصر لهشام بن عبد الملك بن مروان وكان استخلفه الوليد بن رفاعة قبل موته على صلاة مصر وكان قبل ذلك أيضًا ولي شرطتها مدة سنين فلما مات الوليد بن رفاعة أقره الخليفة هشام على إمرة مصر عوضًا عن الوليد بن رفاعة على الصلاة وكان ذلك في جمادى الآخرة من سنة سبع عشرة ومائة. ولما تم أمره جعل على شرطته عبد الله بن بشار الفهمي. وكان في عبد الرحمن هذا لين. وفي ولايته على مصر نزلت الروم بنواحي مصر وأسروا منها خلقًا كثيرًا فلما بلغ هشامًا ذلك عزله عن إمرة مصر وأعاد حنظلة بن صفوان ثانيًا على مصر وذلك في سنة ثمان عشرة ومائة فكانت مدة ولايته على مصر سبعة أشهر وخمسة أيام. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في كتابه تذهيب التهذيب بعد ما قال: أمير مصر لهشام والليث بن سعد أحد مواليه قال: روى عن الزهري وروى عنه الليث بن سعد ويحيى بن أيوب. قال ابن معين: كان عنده عن الزهري كتاب فيه مائتا حديث أو ثلاثمائة حديث كان الليث يحدث بها عنه. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن يونس: ولي مصر سنة ثمان عشرة ومائة وعزل سنة تسع عشرة ومائة. قلت: والذي ذكرناه في تاريخ ولايته وعزله هو الأشهر. قال: وكان ثبتًا في الحديث وتوفي سنة سبع وعشرين ومائة. وقيل: إن سبب عزله عن مصر أن دعاة بني العباس أرسلوا إليه سرًا فأكرمهم ووعدهم فبلغ ذلك هشامًا فعزله. وكان من أمر دعاة بني العباس أنه وجه بكير بن ما هان عمار بن زيد إلى خراسان واليًا عليها على شيعة بني العباس فنزل مرو وغير اسمه وتسمى بخداش ودعا الناس إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. فتسارع الناس إليه وأطاعوه. ثم غير ما دعاهم إليه وأظهر دين الخرمية ورخص لبعضهم في نساء بعض وقال: إنه لا صوم ولا صلاة ولا حج وإن تأويل الصوم أن يصام عن ذكر الإمام فلا يباح باسمه والصلاة: الدعاء له والحج: القصد إليه وكان يتأول من القرآن قوله تعالى: " وكان خداش المذكور نصرانيًا بالكوفة وأسلم ولحق بخراسان. وكان مفن اتبعه على مقالته مالك بن الهيثم والحريش بن سليم الأعجمي وغيرهما وأخبرهم أن محمد بن علي أمره بذلك. فبلغ خبره أسد بن عبد الله القسري فظفر به فأغلظ القول لأسد فقطع لسانه وسمل عينيه بعد أن سأله عمن وافقه فذكر جماعةً منهم أمير مصر عبد الرحمن هذا وليس ذلك بصحيح. ثم أمر أسد بيحيى بن نعيم الشيباني فصلب. ثم أتي أسد بجزور مولى المهاجر بن دارة الضبي فضرب عنقه بشاطىء النهر. السنة التي حكم في أولها عبد الرحمن بن خالد ثم في باقيها حنظلة بن صفوان وهي سنة ثمان عشرة ومائة. فيها غزا معاوية ابن الخليفة هشام أرض الروم وقتل وسبى. وفيها غزا مروان الحمار ناحية ورتنيس وظفر بملكهم وقتل وسبى. هذه السنة على المدينة خالد بن عبد الملك. وفيها توفي علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أبو محمد الهاشمي المدني العباسي المعروف بالسجاد كان يصلي كل يوم ألف ركعة وهو والد الخلفاء العباسية وكانت كنيته أبا الحسن فكناه عبد الملك بن مروان أبا محمد وقال: لا أحتمل لك الاسم والكنية جميعًا. وكان لعلي هذا أولاد كثيرة وهم: محمد والد الخلفاء وعيسى وداود وسليمان وإسماعيل وعبد الصمد وصالح وعبد الله. وولد علي هذا في أيام قتل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فسمي باسمه. وفيها توفي عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم أبو عمران اليحصبي مقرىء أهل الشأم. قيل: إنه قرأ القرآن على أبي الدرداء وتولى قضاء دمشق بعد أبي إدريس الخولاني ومات يوم عاشوراء وله سبع وتسعون سنة. وفيها عزل الخليفة هشام بن عبد الملك خالد بن عبد الله القسري عن المدينة واستعمل عليها محمد بن هشام. وفيها توفي ثابت بن أسلم البناني وبنانة اسم امرأة كانت تحت سعد بن لؤي بن غالب بن فهر. وهو من الطبقة الثالثة أعني ثابتًا من أهل البصرة وكان ثابت من أعبد أهل زمانه وبه يضرب المثل في العبادة. قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: إن لكل شيء مفتاحًا وإن ثابتًا من مفاتيح الخير وكانت عيناه تشبه عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أنس بن مالك: ما أشبه عينيك بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم! فما زال يبكي حتى عمشت. وذكر الذهبي وفاة جماعة أخر قال: وتوفي في هذه السنة أبو صخرة جامع بن شداد وحكيم بن عبد الله بن قيس وأبو عشانة حي بن يؤمن المعافري وعبادة بن نسي الكندي وعبد الله بن عامر مقرىء الشأم. قلت: هو الذي ذكرناه آنفًا. قال: وعبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي وعبد الرحمن بن سابط الجمحي بضم الجيم نسبة لبني جمح وعثمان بن عبد الله بن سراقة المدني وعلي بن عبد الله بن العباس الهاشمي. قلت: وقد تقدم ذكره في غير هذه السنة. قال: ومعاذ بن عبد الله الجهني ومعبد بن خالد الجدلي الكوفي وأبو جعفر محمد بن علي الباقر في قول ابن معين. قلت: وقد تقدم ذكره في غير هذه السنة. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذراعان وستة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وعشرون إصبعًا. على مصر قلت: تقدم التعريف به في ولايته الأولى على مصر في سنة اثنتين ومائة وكان سبب ولايته هذه على مصر ثانيًا أنه لما ضعف أمر عبد الرحمن بن خالد أمير مصر المقدم ذكره شكا منه أهل مصر إلى هشام بن عبد الملك وكان شكواهم من لينه لا لسوء سيرته فعزله الخليفة هشام لهذا المقتضى وغيره وولى حنظلة بن صفوان هذا ثانيًا على إمرة مصر على صلاتها فقدمها حنظلة في خامس المحرم سنة تسع عشرة ومائة وتم أمره ورتب أمور الديار المصرية ودام بها إلى سنة إحدى وعشرين ومائة وفيها انتقض عليه قبط مصر فحاربهم حنظلة المذكور حتى هزمهم. ثم في سنة اثنتين وعشرين ومائة قدم عليه بمصر رأس زيد بن علي زين العابدين فأمر حنظلة بتعليقها وطيف بها ثم استمر على إمرة مصر إلى أن عزله عنها الخليفة هشام بن عبد الملك وولاه إفريقية فاستخلف حنظلة على صلاة مصر حفص بن الوليد الحضري المعزول عن إمرة مصر قبل تاريخه. وخرج حنظلة من مصر إلى إفريقية يوم الاثنين لسبع خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين ومائة فكانت ولايته على مصر في هذه المرة الثانية خمس سنين وثمانية أشهر. وذكر صاحب كتاب البغية والاغتباط فيمن ولي الفسطاط قال بعد ما سماه: ولي ثانيًا من قبل هشام على الصلاة فقدم يوم الجمعة لخمس خلون من المحرم سنة تسع عشرة ومائة وجعل على شرطته عياض بن خترمة بن سعد الكلبي. ثم ذكر نحوًا مما ذكرناه من عزله وخروجه إلى إفريقية. ولما ولي حنظلة إفريقية أمره الخليفة هشام بتولية أبي الخطار حسام بن ضرار الكلبي إمرة الأندلس فولاه في شهر رجب. وكان أبو الخطار لما تتابع ولاة الأندلس من قيس قال شعرًا وعرض فيه بيوم مرج راهط وما كان من بلاء كلب فيه مع مروان بن الحكم وقيام القيسية مع الضحاك بن قيس الفهري على مروان. فلما بلغ شعره هشام بن عبد الملك سأل عنه فأعلم أنه رجل من كلب. فأمر هشام بن عبد الملك حنظلة أن يولي أبا الخطار الأندلس فولاه وسيره إليها فدخل قرطبة فرأى ثعلبة بن سلامة أميرها قد أحضر الألف الأسرى من البربر ليقتلهم فلما دخل أبو الخطار دفع الأسرى إليه فكانت ولايته سببًا لحياتهم. ومهد أبو الخطار بلاد الأندلس. وفي ولايته خرج عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع بالأندلس فأرسل إليه حنظلة رسالة يدعوه إلى مراجعة الطاعة فقبضهم وأخذهم معه إلى القيروان وقال: إن رمي أحد من أهل القيروان بحجر قتلت من عندي أجمعين فلم يقاتله أحد واستفحل أمره. وكان حنظلة لا يرى القتال إلا لكافر أو خارجي. فلما قوي أمر عبد الرحمن خرج حنظلة إلى الشأم ودعا على عبد الرحمن وأهل إفريقية فاستجيب له فوقع الوباء والطاعون ببلادهم سبع سنين لم يفارقهم إلا في أوقات متفرقة. وثار على عبد الرحمن هذا جماعة من العرب والبربر ثم قتل بعد ذلك. هذا بعد أن وقع له مع أبي الخطار حروب ووقائع. وكان ممن خرج على عبد الرحمن عروة بن الوليد الصدفي واستولى على تونس وثابت الصنهاجي بناحية أخرى وأما حنظلة فإنه أستمر بالشأم إلى أن مات. السنة الأولى من ولاية حنظلة الثانية على مصر وهي سنة تسع عشرة ومائة. فيها حج بالناس مسلمة بن عبد الملك أخو الخليفة هشام. وفيها غزا مروان بن محمد المعروف بالحمار غزوة السابحة فدخل بجيشه من باب اللان فلم يزل حتى خرج من بلاد الخزر ثم انتهى إلى البيضاء مدينة الخاقان. وفيها جهز عبيد الله بن الحبحاب أمير إفريقية جيشًا عليهم قثم بن عوانة فأخذوا قلعة سردانية من بلاد المغرب ورجعوا فغرق قثم بن عوانة وجماعته في البحر. وفيها توفي عبد الله بن كثير مقرىء أهل مكة أبو معبد مولى عمرو بن علقمة الكناني أصله فارسي ويقال له: الداري والداري: العطار نسبة إلى عطر دارين وقال البخاري: هو مولى قريش من بني عبد الدار وقال أبو بكر بن أبي داود: الدار: بطن من لخم منهم تميم الداري قرأ القرآن على مجاهد وغيره وقيل: إن وفاته سنة عشرين وهو الأصح. وفيها قصد خاقان أسد بن عبد الله القسري بجموع الترك فالتقاهم أسد بن عبد الله وواقعهم فقتل خاقان وأصحابه. وغنم أسد أموالًا عظيمة وفتح بلادًا لم يصل إليها غيره. وفيها خرج المغيرة بن سعيد بالكوفة وكان ساحرًا متشيعًا فحكى عنه الأعمش أنه كان يقول: لو أراد علي بن أبي طالب أن يحيي عادًا وثمودًا وقرونًا بين ذلك كثيرًا لفعل. وبلغ خالد بن عبد الله القسري خبره فأرسل إليه فجيء به وأمر خالد بالنار والنفط وأحرقه ومن كان معه. وفيها غزا أسد بن عبد الله الختل وقتل ملكها بدير طرخان. وفيها توفي حبيب بن محمد العجمي ويعرف بالفارسي البصري من الطبقة الرابعة من تابعي أهل البصرة. وهو أحد الزهاد الذي يضرب بزهده المثل. وفيها حج بالناس مسلمة بن هشام بن عبد الملك أبو شاكر. وأما الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة فهم جماعة كثيرة قال: وتوفي إياس بن سلمة بن الأكوع وحبيب بن أبي ثابت في قولٍ وحماد بن أبي سليمان الفقيه في قولٍ وسليمان بن موسى أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرع ونصف. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعًا وستة أصابع.
|