الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَلاَ يَلْزَمُ مَنْ نَوَى أَنْ يُضَحِّيَ بِحَيَوَانٍ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنْ يُضَحِّيَ بِهِ، وَلاَ بُدَّ، بَلْ لَهُ أَنْ لاَ يُضَحِّيَ بِهِ إنْ شَاء إِلاَّ أَنْ يَنْذُرَ ذَلِكَ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ. بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ كَمَا قَدَّمْنَا لَيْسَتْ فَرْضًا فَإِذْ لَيْسَتْ فَرْضًا فَلاَ يَلْزَمُهُ التَّضْحِيَةُ إِلاَّ أَنْ يُوجِبَهَا نَصٌّ، وَلاَ نَصَّ إِلاَّ فِيمَنْ ضَحَّى قَبْلَ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ فِي أَنْ يُعِيدَ ; وَفِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَفِيَ بِالنَّذْرِ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ أُضْحِيَّتَهُ مِمَّنْ يُضَحِّي بِهَا وَيَشْتَرِي خَيْرًا مِنْهَا وَعَنْ عَطَاءٍ فِيمَنْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً، ثُمَّ بَدَا لَهُ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهَا وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، كَرَاهَةَ ذَلِكَ. قَالَ عَلِيٌّ: مَا نَعْلَمُ لِمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ حُجَّةً. َلاَ تَكُونُ الْأُضْحِيَّةُ أُضْحِيَّةً إِلاَّ بِذَبْحِهَا، أَوْ نَحْرِهَا بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ لاَ قَبْلَ ذَلِكَ أَصْلاً وَلَهُ مَا لَمْ يَذْبَحْهَا، أَوْ يَنْحَرْهَا كَذَلِكَ أَنْ لاَ يُضَحِّيَ بِهَا وَأَنْ يَبِيعَهَا وَأَنْ يَجُزَّ صُوفَهَا وَيَفْعَلَ فِيهِ مَا شَاءَ وَيَأْكُلَ لَبَنَهَا وَيَبِيعَهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَلَدَهَا أَوْ يَمْسِكَهُ أَوْ يَذْبَحَهُ، فَإِنْ ضَلَّتْ فَاشْتَرَى غَيْرَهَا، ثُمَّ وَجَدَ الَّتِي ضَلَّتْ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَبْحُهَا، وَلاَ ذَبْحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ ضَحَّى بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ بِغَيْرِهِمَا فَقَدْ أَحْسَنَ، وَإِنْ لَمْ يُضَحِّ أَصْلاً فَلاَ حَرَجَ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا وَبِهَا عَيْبٌ لاَ تُجْزِي بِهِ فِي الأَضَاحِيِّ كَعَوَرٍ، أَوْ عَجَفٍ: أَوْ عَرَجٍ، أَوْ مَرَضٍ، ثُمَّ ذَهَبَ الْعَيْبُ وَصَحَّتْ جَازَ لَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَلَوْ أَنَّهُ مَلَكَهَا سَلِيمَةً مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، ثُمَّ أَصَابَهَا عَيْبٌ لاَ تُجْزِي بِهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ تَمَامِ ذَكَاتِهَا، وَلَوْ فِي حَالِ التَّذْكِيَةِ لَمْ تُجْزِهِ. بُرْهَانُ ذَلِكَ: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا فَإِذْ هِيَ كَذَلِكَ فَلاَ تَكُونُ أُضْحِيَّةً إِلاَّ حَتَّى يُضَحِّيَ بِهَا، وَلاَ يُضَحِّيَ بِهَا إِلاَّ حَتَّى تَتِمَّ ذَكَاتُهَا بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ فَهِيَ مَا لَمْ يُضَحِّ بِهَا مَالٌ مِنْ مَالِهِ يَفْعَلُ فِيهِ مَا أَحَبَّ كَسَائِرِ مَالِهِ وَمَنْ خَالَفَ هَذَا فَأَجَازَ أَنْ يُضَحِّيَ بِاَلَّتِي يُصِيبُهَا عِنْدَهُ الْعَيْبُ فَقَدْ خَالَفَ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَارًا وَلَزِمَهُ إنْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً مَعِيبَةً فَصَحَّتْ عِنْدَهُ أَنْ لاَ تُجْزِئَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ هَذَا: رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: إذَا اشْتَرَيْت الْأُضْحِيَّةَ سَلِيمَةً فَأَصَابَهَا عِنْدَك عَوَارٌ، أَوْ عَرَجٌ فَبَلَغَتْ الْمَنْسَكَ فَضَحِّ بِهَا. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً سَلِيمَةً فَاعْوَرَّتْ عِنْدَهُ قَالَ: يُضَحِّي بِهَا وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: رُوِّينَاهُ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ: وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَضَلَّتْ قَالَ: لاَ يَضُرُّك وَعَنْ الْحَسَنِ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِيمَنْ ضَلَّتْ أُضْحِيَّتُهُ فَاشْتَرَى أُخْرَى فَوَجَدَ الْأُولَى أَنَّهُ يَذْبَحُهُمَا جَمِيعًا، قَالَ حَمَّادٌ: يَذْبَحُ الْأُولَى. وقال أبو حنيفة: إنْ اشْتَرَاهَا صَحِيحَةً، ثُمَّ عَجِفَتْ عِنْدَهُ حَتَّى لاَ تُنْقِي أَجْزَأَتْهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، فَلَوْ اعْوَرَّتْ عِنْدَهُ لَمْ تُجْزِهِ، فَلَوْ أَنَّهُ إذْ ذَبَحَهَا أَصَابَ السِّكِّينُ عَيْنَهَا، أَوْ انْكَسَرَ رِجْلُهَا أَجْزَأَتْهُ. وَهَذِهِ أَقْوَالٌ فَاسِدَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ، وَلاَ نَعْلَمُ هَذِهِ التَّقَاسِيمَ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ. وقال أبو حنيفة، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لاَ يَجُزُّ صُوفَهَا، وَلاَ يَشْرَبُ لَبَنَهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِلاَّ مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا. وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ فِيمَنْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً أَنَّ لَهُ أَنْ يَجِزَّ صُوفَهَا وَأَمَرَهُ الْحَسَنُ إنْ فَعَلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وقال أبو حنيفة، وَالشَّافِعِيُّ: إنْ وَلَدَتْ ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا وقال مالك: لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ. رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ مَعَهُ بَقَرَةٌ قَدْ وَلَدَتْ فَقَالَ: كُنْت اشْتَرَيْتهَا لأَُضَحِّيَ بِهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: لاَ تَحْلِبْهَا إِلاَّ فَضْلاً عَنْ وَلَدِهَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الأَضْحَى فَاذْبَحْهَا وَوَلَدَهَا عَنْ سَبْعَةٍ. وَالتَّضْحِيَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرْنَا يَوْمَ النَّحْرِ إِلاَّ أَنْ يُهِلَّ هِلاَلُ الْمُحَرَّمِ، وَالتَّضْحِيَةُ لَيْلاً وَنَهَارًا جَائِزٌ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، هُوَ ابْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: النَّحْرُ يَوْمٌ وَاحِدٌ إلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ. وَعَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى الذَّبْحَ إِلاَّ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَوْلٌ آخَرُ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: النَّحْرُ فِي الأَمْصَارِ يَوْمٌ، وَبِمِنًى ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّ التَّضْحِيَةَ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرٍّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: النَّحْرُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مَاعِزٍ، أَوْ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ الثَّقَفِيِّ: أَنَّ أَبَاهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُولُ: إنَّمَا النَّحْرُ فِي هَذِهِ الثَّلاَثَةِ الأَيَّامِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ حَرْبِ بْنِ نَاجِيَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ النَّحْرُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: الأَضْحَى يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا ذَبَحْت يَوْمَ النَّحْرِ، وَالثَّانِيَ، وَالثَّالِثَ فَهِيَ الضَّحَايَا. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنِي أَبُو مَرْيَمَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: الأَضْحَى ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: الأَضْحَى يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ. وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَلاَ يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ إِلاَّ عَنْ أَنَسٍ وَحْدَهُ لأََنَّهُ عَنْ عُمَرَ مِنْ طَرِيقٍ مَجْهُولٍ عَنْ أَبِيهِ مَجْهُولٌ أَيْضًا. وَعَنْ عَلِيٍّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ عَنْ الْمِنْهَالِ وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ; وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ وَأَبِي حَمْزَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، وَكِلاَهُمَا ضَعِيفٌ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ مَجْهُولٌ. وَقَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنَّ التَّضْحِيَةَ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى نَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ: يَوْمُ النَّحْرِ، وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ: هَكَذَا فِي كِتَابِي، وَلاَ أَدْرِي لَعَلَّهُ وَهْمٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: النَّحْرُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى سَمِعْت عَطَاءً يَقُولُ: النَّحْرُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَمِنْ وَكِيعٍ نَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى سَمِعْت عَطَاءً يَقُولُ: النَّحْرُ مَا دَامَتْ الْفَسَاطِيطُ بِمِنًى. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: النَّحْرُ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِيمَنْ نَسِيَ أَنْ يُضَحِّيَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُضَحِّيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: الأَضْحَى أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَوْلٌ خَامِسٌ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ هُوَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالاَ جَمِيعًا: الأَضْحَى إلَى هِلاَلِ الْمُحَرَّمِ لِمَنْ اسْتَأْنَى بِذَلِكَ. قال أبو محمد: أَمَّا مَنْ قَالَ النَّحْرُ يَوْمُ الأَضْحَى وَحْدَهُ فَقَالَ: إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَمَا عَدَاهُ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ ; فَلاَ تُوجَدُ شَرِيعَةٌ بِاخْتِلاَفٍ لاَ نَصَّ فِيهِ. قَالَ عَلِيٌّ: صَدَقُوا، وَالنَّصُّ يُجِيزُ قَوْلَنَا عَلَى مَا نَأْتِي بِهِ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم مُخَالِفٌ، وَمِثْلُ هَذَا لاَ يُقَالُ بِالرَّأْيِ. قَالَ عَلِيٌّ: قَدْ ذَكَرْنَا قَضَايَا عَظِيمَةً خَالَفُوا فِيهَا جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَيْفَ، وَلاَ يَصِحُّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا إِلاَّ عَنْ أَنَسٍ وَحْدَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَبْلُ وَإِنْ كَانَ هَذَا إجْمَاعًا فَقَدْ خَالَفَ عَطَاءٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: الْإِجْمَاعَ، وَأُفٍّ لِكُلِّ إجْمَاعٍ يَخْرُجُ عَنْهُ هَؤُلاَءِ. وَقَدْ رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلاَفِهِ لِهَذَا الْقَوْلِ، وَلاَ نَعْلَمُ لِمَنْ قَالَ: أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ حُجَّةً أَيْضًا، إِلاَّ أَنَّ أَيَّامَ مِنًى ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ يَوْمُ النَّحْرِ فَقَطْ وَلَيْسَ هَذَا حُجَّةً. قال أبو محمد: الْأُضْحِيَّةُ فِعْلُ خَيْرٍ وَقُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى: وَفِعْلُ الْخَيْرِ حَسَنٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ عَلِيٌّ: وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: أَنْ يُضَحَّى بِاللَّيْلِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ. وقال مالك: لاَ يَجُوزُ أَنْ يُضَحَّى لَيْلاً وَمَا نَعْلَمُ لِهَذَا الْقَوْلِ حُجَّةً أَصْلاً إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالَ قَائِلُهُمْ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قال علي: وهذا مِنْهُمْ إيهَامٌ يُمَقِّتُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الآيَةِ ذَبْحًا، وَلاَ تَضْحِيَةً، وَلاَ نَحْرًا لاَ فِي نَهَارٍ، وَلاَ فِي لَيْلٍ، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِهِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ أَفَتَرَى يَحْرُمُ ذِكْرُهُ فِي لَيَالِيِهِنَّ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا، وَلَيْسَ هَذَا النَّصُّ بِمَانِعٍ مِنْ ذِكْرِهِ تَعَالَى وَحَمْدِهِ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فِي الْعَامِ كُلِّهِ. وَهَذَا مِمَّا حَرَّفُوا فِيهِ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ زَيْدًا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ أَنَّ اللَّيْلَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَعَ النَّهَارِ. وَذَكَرُوا حَدِيثًا لاَ يَصِحُّ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُبَشَّرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَلَبِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الذَّبْحِ بِاللَّيْلِ. قال أبو محمد: هَذِهِ فَضِيحَةُ الأَبَدِ، وَبَقِيَّةُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَمُبَشَّرُ بْنُ عُبَيْدٍ مَذْكُورٌ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ عَمْدًا، ثُمَّ هُوَ مُرْسَلٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لأََنَّهُمْ يُجِيزُونَ الذَّبْحَ بِاللَّيْلِ فَيُخَالِفُونَهُ فِيمَا فِيهِ وَيَحْتَجُّونَ بِهِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا. وَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ النَّحْرِ لاَ يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ فِيهَا وَكَانَ يَوْمُهُ تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ فِيهِ كَانَتْ لَيَالِي سَائِرِ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ كَذَلِكَ. قال علي: وهذا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ; ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ، لأََنَّ يَوْمَ النَّحْرِ هُوَ مَبْدَأُ دُخُولِ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ وَمَا قَبْلَهُ لَيْسَ وَقْتًا لِلتَّضْحِيَةِ، وَلاَ يَخْتَلِفُونَ مَعَنَا فِي أَنَّ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ ابْيِضَاضِهَا وَارْتِفَاعِهَا وَقْتٌ وَاسِعٌ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ لاَ تَجُوزُ فِيهِ التَّضْحِيَةُ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقِيسُوا عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ مَا بَعْدَهُ مِنْ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ فَلاَ يُجِيزُوا التَّضْحِيَةَ فِيهَا إِلاَّ بَعْدَ مُضِيِّ مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا وَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ السَّلَفِ قَبْلَ مَالِكٍ مَنَعَ مِنْ التَّضْحِيَةِ لَيْلاً. وَنَسْتَحِبُّ لِلْمُضَحِّي رَجُلاً كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَنْ يَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ أَوْ يَنْحَرَهَا بِيَدِهِ، فَإِنْ ذَبَحَهَا أَوْ نَحَرَهَا لَهُ بِأَمْرِهِ مُسْلِمٌ غَيْرُهُ أَوْ كِتَابِيٌّ أَجْزَأَهُ، وَلاَ حَرَجَ فِي ذَلِكَ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى نَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ وَرَأَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا وَسَمَّى اللَّهَ وَكَبَّرَ قَالَ مُسْلِمٌ نَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ نَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ نَا شُعْبَةُ أَنَا قَتَادَةُ قَالَ: سَمِعْت أَنَسًا فَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ، فَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ الأَقْتِدَاءَ بِهِ عليه السلام فِي هَذَا قَالَ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ قُلْت لأَِبْرَاهِيمَ: صَبِيٌّ لَهُ ظِئْرٌ يَهُودِيٌّ أَيَذْبَحُ أُضْحِيَّتَهُ قَالَ: نَعَمْ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ، وَقَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ، ثُمَّ اتَّفَقَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ قَالاَ جَمِيعًا: يَذْبَحُ نُسُكَك الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ إنْ شِئْت، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَالْمَرْأَةُ إنْ شِئْت. وقال مالك: لاَ يَذْبَحُهَا إِلاَّ مُسْلِمٌ، فَإِنْ ذَبَحَهَا كِتَابِيٌّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَضْمَنُهَا. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لاَ يَذْبَحُ أَضَاحِيَّكُمْ الْيَهُودُ، وَلاَ النَّصَارَى، لاَ يَذْبَحُهَا إِلاَّ مُسْلِمٌ وَعَنْ جَرِيرٍ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لاَ يَذْبَحُ أُضْحِيَّتَك إِلاَّ مُسْلِمٌ. وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ: لاَ يَذْبَحُ النُّسُكَ إِلاَّ مُسْلِمٌ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَيْضًا: لاَ يَذْبَحُ النُّسُكَ إِلاَّ مُسْلِمٌ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانُوا يَقُولُوا: لاَ يَذْبَحُ النُّسُكَ إِلاَّ مُسْلِمٌ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لاَ مُخَالِفَ لَهُمْ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلاَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَا ذَكَرْنَا لأََنَّهُ عَنْ عَلِيٍّ مُنْقَطِعٌ وَقَابُوسُ، وَأَبُو سُفْيَانَ ضَعِيفَانِ إِلاَّ أَنَّهُ عَنْ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: صَحِيحٌ، وَلاَ يَصِحُّ عَنْ غَيْرِهِمْ، وَمَا نَعْلَمُ لِهَذَا الْقَوْلِ حُجَّةً أَصْلاً لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَلاَ مِنْ أَثَرٍ سَقِيمٍ، وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ.
|