الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
بِأَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ الضَّرْبُ فِي الْحَدِّ قال أبو محمد رحمه الله : أَمَّا أَهْلُ الرَّأْيِ , وَالْقِيَاسِ , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : الْحُدُودُ كُلُّهَا بِالسَّوْطِ , إِلاَّ الشَّافِعِيُّ رحمه الله قَالَ : إِلاَّ الْخَمْرُ , فَإِنَّهُ يُجْلَدُ فِيهَا بِمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَلَدَ فِيهَا قال أبو محمد رحمه الله : احْتَجَّ مَنْ رَأَى الْجَلْدَ بِالسَّوْطِ ، وَلاَ بُدَّ فِي الْحُدُودِ : بِمَا أَنَا حُمَامٌ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَنَا الدَّبَرِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوْطٍ , فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ عَلَيْهِ ثَمَرَتُهُ , قَالَ : لاَ , سَوْطٌ دُونَ هَذَا فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورِ الْعَجُزِ , فَقَالَ : لاَ , سَوْطٌ فَوْقَ هَذَا فَأُتِيَ بِسَوْطٍ بَيْنَ السَّوْطَيْنِ , فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ وَذَكَرَ الْخَبَرَ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلاً اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَى , فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوْطٍ , فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ , فَقَالَ : فَوْقَ هَذَا , فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ , فَقَالَ : بَيْنَ هَذَيْنِ , فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رُكِبَ بِهِ وَلاَنَ , فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ حدثنا عبد الله بن ربيع ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ أَنَا سَحْنُونٌ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْت عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مِقْسَمٍ يَقُولُ : سَمِعْت كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ أَوْ يُحَدَّثُ عَنْهُ قَالَ : أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَى , وَلَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ أَحْصَنَ , فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْطًا فَوَجَدَ رَأْسَهُ شَدِيدًا فَرَدَّهُ , ثُمَّ أَخَذَ سَوْطًا آخَرَ فَوَجَدَهُ لَيِّنًا , فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ مِائَةً وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي حَدٍّ مَا أَدْرِي مَا ذَلِكَ الْحَدُّ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ فِيهِ شِدَّةٌ , فَقَالَ : أُرِيدُ مَا هُوَ أَلْيَنُ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ لَيِّنٍ , فَقَالَ : أُرِيدُ أَشَدَّ مِنْ هَذَا , فَأُتِيَ بِسَوْطٍ بَيْنَ السَّوْطَيْنِ فَقَالَ : اضْرِبْ ، وَلاَ يُرَى إبِطُك وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي حَدٍّ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ , فَهَزَّهُ فَقَالَ : ائْتُونِي بِسَوْطٍ أَلْيَنَ مِنْ هَذَا , فَأُتِيَ بِسَوْطٍ آخَرَ , فَقَالَ ائْتُونِي بِسَوْطٍ أَشَدَّ مِنْ هَذَا , فَأُتِيَ بِسَوْطٍ بَيْنَ السَّوْطَيْنِ , فَقَالَ : اضْرِبْ ، وَلاَ يُرَى إبِطُك , وَأَعْطِ لِكُلِّ عُضْوٍ حَقَّهُ قال أبو محمد رحمه الله : مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شُبْهَةً غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا : أَمَّا الآثَارُ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُرْسَلَةٌ كُلُّهَا , وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ , وَأَضْعَفُهَا حَدِيثُ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ , لأََنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِي ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ , لأََنَّ سَمَاعَ مَخْرَمَةَ مِنْ أَبِيهِ لاَ يَصِحُّ , وَشَكَّ ابْنُ مِقْسَمٍ أَسَمِعَهُ مِنْ كُرَيْبٍ أَمْ بَلَغَهُ عَنْهُ ثُمَّ هُوَ عَنْ كُرَيْبٍ مُرْسَلٌ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حُجَّةٌ , لأََنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا : أَنْ لاَ تُجْلَدَ الْحُدُودُ إِلاَّ بِسَوْطٍ هَذِهِ صِفَتُهُ , وَإِنَّمَا فِيهِ : أَنَّ الْحُدُودَ جَائِزٌ أَنْ يُضْرَبَ بِسَوْطٍ هَذِهِ صِفَتُهُ فَقَطْ , وَهَذَا أَمْرٌ لاَ نَأْبَاهُ فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِالآثَارِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَّا الأَثَرُ : عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فَصَحِيحٌ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ , وَلاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا سَقَطَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ نَظَرْنَا فِيمَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ وَقَالَ تَعَالَى وَقَالَ عليه السلام عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَقَالَ تَعَالَى فِي الْقَاذِفِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا وَقَالَ عليه السلام إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ وَنَهَى عليه السلام أَنْ يُجْلَدَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ جَلَدَاتٍ فِي غَيْرِ حَدٍّ , فَأَيْقَنَّا يَقِينًا لاَ يَدْخُلُهُ شَكٌّ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْجَلْدُ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا بِسَوْطٍ دُونَ سَوْطٍ لَبَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ عليه السلام فِي الْقُرْآنِ , وَفِي وَحْيٍ مَنْقُولٍ إلَيْنَا ثَابِتٍ , كَمَا بَيَّنَ صِفَةَ الضَّرْبِ فِي الزِّنَى , وَكَمَا بَيَّنَ حُضُورَ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلْعَذَابِ فِي ذَلِكَ , فَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ تَعَالَى فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ قَطُّ أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ فِي الْحُدُودِ بِسَوْطٍ خَاصَّةً , دُونَ سَائِرِ مَا يُضْرَبُ بِهِ , فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ فِي الزِّنَى وَالْقَذْفِ بِمَا يَكُونُ الضَّرْبُ بِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ , بِسَوْطٍ , أَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ , أَوْ مِنْ كَتَّانٍ , أَوْ مِنْ قُنَّبٍ , أَوْ صُوفٍ , أَوْ حَلْفَاءَ , وَغَيْرِ ذَلِكَ , أَوْ تَفِرٍ , أَوْ قَضِيبٍ مِنْ خَيْزُرَانَ ; أَوْ غَيْرِهِ , إِلاَّ الْخَمْرُ , فَإِنَّ الْجَلْدَ فِيهَا عَلَى مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ أَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ , وَالنِّعَالِ وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَقَالَ اضْرِبُوهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ , وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ , وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قال أبو محمد رحمه الله : فَالْجَلْدُ فِي الْخَمْرِ خَاصَّةً يَكُونُ بِالْجَرِيدِ , وَالنِّعَالِ , وَالأَيْدِي , وَبِطَرْفِ الثَّوْبِ , كُلِّ ذَلِكَ , أَيْ ذَلِكَ رَأْيُ الْحَاكِمِ فَهُوَ حَسَنٌ , وَلاَ يَمْتَنِعُ عِنْدَنَا أَنْ يُجْلَدَ فِي الْخَمْرِ أَيْضًا بِسَوْطٍ لاَ يَكْسِرُ , وَلاَ يَجْرَحُ , وَلاَ يُعَفِّنُ لَحْمًا : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ إذْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَحَدَّثَهُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لاَ يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَاقْتَضَى هَذَا أَنَّ الضَّرْبَ بِالسَّوْطِ جَائِزٌ فِي كُلِّ حَدٍّ , وَفِي التَّعْزِيرِ , وَضَرْبِ الْخَمْرِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ هَلْ يُجْلَدُ الْمَرِيضُ الْحُدُودَ أَمْ لاَ وَإِنْ جُلِدَهَا كَيْفَ يُجْلَدُهَا قال أبو محمد رحمه الله : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُعَجَّلُ لَهُ ضَرْبُ الْحَدِّ كَمَا أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِرَجُلٍ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ : أَقِيمُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ , فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمُوتَ قال أبو محمد رحمه الله : فَاحْتَمَلَ هَذَا أَنْ يَكُونَ إشْفَاقُ عُمَرَ رضي الله عنه مِنْ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ فَيَكُونَ مُعَطِّلاً لِلْحَدِّ وَاحْتَمَلَ أَيْضًا : مِنْ أَنْ يَكُونَ يُصِيبُهُ مَوْتٌ مِنْهُ , فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيدٍ أَيْضًا قَالَ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ أَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا وَكِيعٌ أَنَا سُفْيَانُ فَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ , وَفِيهِ : أَنَّ عُمَرَ قَالَ : اضْرِبُوهُ لاَ يَمُوتُ فَبَيَّنَ هَذَا أَنَّ إشْفَاقَ عُمَرَ كَانَ مِنْ كِلاَ الأَمْرَيْنِ قال أبو محمد رحمه الله : فَإِذَا كَانَ هَذَا , فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَمَرَ بِأَنْ يُضْرَبَ ضَرْبًا لاَ يَمُوتُ مِنْهُ وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ أَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَانَ يَبَرُّ نَذْرَهُ بِأَدْنَى الضَّرْبِ وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ أَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ : الضِّغْثُ لِلنَّاسِ عَامَّةً , فِي قوله تعالى وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُؤَخَّرُ جَلْدُهُ حَتَّى يَبْرَأَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الآيَةِ الْمَذْكُورَةِ : مَا ناه يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إلَى إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله تعالى قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ فَنَتَّبِعَهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَوَجَدْنَا الطَّائِفَةَ الْمَانِعَةَ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْرَأَ يَحْتَجُّونَ : بِمَا ناه حُمَامٌ أَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَا أَبِي أَنَا غُنْدَرٌ أَنَا شُعْبَةُ قَالَ : سَمِعْت عَبْدَ الأَعْلَى التَّغْلِبِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ أَمَةً زَنَتْ فَحَمَلَتْ , فَأَتَى عَلِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ : دَعْهَا حَتَّى تَلِدَ أَوْ قَالَ حَتَّى تَضَعَ ثُمَّ اجْلِدْهَا وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَا وَكِيعٌ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى التَّغْلِبِيَّ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ الطَّهَوِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ خَادِمًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثَتْ فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ فَأَتَيْتُهَا فَوَجَدْتُهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ : إذَا جَفَّتْ مِنْ دَمِهَا فَأَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالُوا : فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَجِّلْ جَلْدَ الْخَادِمِ الْحَامِلِ حَتَّى تَضَعَ فَتُجْلَدَ الْحَدَّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَكَذَلِكَ الَّتِي لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا حَتَّى يَجِفَّ عَنْهَا دَمُهَا ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الْمُوجِبَةِ تَعْجِيلَ الْحَدِّ عَلَى حَسَبِ مَا يُؤْمَنُ بِهِ الْمَوْتُ , فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ : مَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ النَّيْسَابُورِيُّ , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْحَرَّانِيُّ ، وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ أَحْمَدُ : أَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ , وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ : حَدَّثَنِي أَبِي ثُمَّ اتَّفَقَ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ : قَالاَ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ الرَّقِّيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ زَنَى , فَأَمَرَ بِهِ فَجُرِّدَ , فَإِذَا رَجُلٌ مُقْعَدٌ , حَمْشُ السَّاقَيْنِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُبْقِي الضَّرْبُ مِنْ هَذَا شَيْئًا , فَدَعَا بِأَثَاكِيلَ فِيهَا مِائَةُ شُمْرُوخٍ , فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً أَنَا حُمَامٌ أَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ أَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُقَيْلِيُّ بِمَكَّةَ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ الثَّقَفِيُّ أَنَا الأَعْمَشُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَمْتَنِعَ مِمَّنْ أَرَادَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مِمَّنْ قَالَتْ : مِنْ فُلاَنٍ , فَذَكَرَتْ رَجُلاً ضَعِيفًا أَضْعَفَ مِنْهَا , فَبَعَثَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِيءَ بِهِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَقَرَّ مِرَارًا , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا أَثَاكِيلَ مِائَةً فَاضْرِبُوهُ بِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً. قال أبو محمد رحمه الله : حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ صَالِحٍ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ , فإن قيل : إنَّ هَذَا الْخَبَرَ الْمَعْرُوفَ فِيهِ إسْرَائِيلُ : كَمَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ الْحَرَّانِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ني أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ هُوَ خَالُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ حَدَّثَنِي زَيْدٌ ، هُوَ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ : جِيءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ وَهِيَ حُبْلَى فَسَأَلَهَا مِمَّنْ حَمْلُكِ فَقَالَتْ : مِنْ فُلاَنٍ الْمُقْعَدِ , فَجِيءَ بِفُلاَنٍ , فَإِذَا رَجُلٌ حَمْشُ الْجَسَدِ ضَرِيرٌ , فَقَالَ : وَاَللَّهِ مَا يُبْقِي الضَّرْبُ مِنْ هَذَا شَيْئًا , فَأَمَرَ بِأَثَاكِيلَ مِائَةً فَجُمِعَتْ , فَضُرِبَ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَهِيَ : شَمَارِيخُ النَّخْلِ الَّذِي يَكُونُ فِيهَا الْعُرُوقُ وَفِي آثَارٍ كَثِيرَةٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا جِدًّا , فَتَرَكْنَاهَا لِذَلِكَ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا جَاءَتْ الآثَارُ كَمَا ذَكَرْنَا : وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا حَدِيثَ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ عَلِيٍّ صَحِيحًا إِلاَّ أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلاً , لأََنَّهُ إنَّمَا فِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ الْحَدَّ عَنْ الْحَمْلِ , وَعَنْ الَّتِي لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا وَهَذَا لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فِي شَيْءٍ , لأََنَّ الْحَامِلَ لَيْسَتْ مَرِيضَةً , وَإِنَّمَا خِيفَ عَلَى جَنِينِهَا الَّذِي لاَ يَحِلُّ هَلاَكُهُ , وَحُكْمُ الصَّحِيحِ أَنْ تُجْلَدَ بِلاَ رَأْفَةٍ , وَحُكْمُ الْجَنِينِ أَنْ لاَ يُتَوَصَّلَ إلَى إهْلاَكِهِ : فَوَجَبَ تَأْخِيرُ الْجَلْدِ عَنْهَا جُمْلَةً , كَمَا يُؤَخَّرُ الرَّجْمُ أَيْضًا مِنْ أَجْلِهِ وَأَمَّا الَّتِي لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا : فَإِنَّ هَذَا كَانَ إثْرَ الْوِلاَدَةِ , وَفِي حَالِ سَيَلاَنِ الدَّمِ , وَهَذَا شُغْلٌ شَاغِلٌ لَهَا , وَمِثْلُهَا أَنْ لاَ تُجْلَدَ فِي تِلْكَ الْحَالِ , كَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ , أَوْ هُوَ فِي حَالِ الْغَائِطِ , أَوْ الْبَوْلِ , وَلاَ فَرْقَ , وَانْقِطَاعُ ذَلِكَ الدَّمِ قَرِيبٌ , إنَّمَا هِيَ سَاعَةٌ أَوْ سَاعَتَانِ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ إذَا طَهُرَتْ , إنَّمَا قَالَ : إذَا جَفَّتْ مِنْ دَمِهَا فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَيْنِك الْحَدِيثَيْنِ مُتَعَلِّقٌ أَصْلاً فَإِذْ قَدْ سَقَطَ أَنْ يَكُونَ لِتِلْكَ الطَّائِفَةِ مُتَعَلِّقٌ , فَالْوَاجِبُ أَنْ نَنْظُرَ بِعَوْنِ اللَّهِ فِيمَا قَالَتْ بِهِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى : فَنَظَرْنَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْنَا مِنْ جَلْدِ الْمُزْمِنِ الْمَرِيضِ بِشَمَارِيخَ فِيهَا مِائَةُ عُثْكُولٍ : فَوَجَدْنَا الطَّرِيقَ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ طَرِيقًا جَيِّدًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ , وَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِأَمْرِ أَيُّوبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أبو محمد رحمه الله : أَمَّا نَحْنُ فَلاَ نَحْتَجُّ بِشَرِيعَةِ نَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَصِحَّ فِي هَذَا حَدٌّ , لَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : وَكَذَلِكَ يُؤْلَمُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ , وَالْغُلاَمُ الصَّغِيرُ , مِنْ الْجَلْدِ مَا لاَ يُؤْلِمُ ابْنَ الثَّلاَثِينَ الشَّابُّ الْقَوِيُّ , بَلْ لاَ يَكَادُ يَحُسُّ إِلاَّ حِسًّا لَطِيفًا مَا يُؤْلِمُ ذَيْنِك الأَلَمَ الشَّدِيدَ ، وَأَنَّ الَّذِي يُؤْلِمُ الشَّابَّ الْقَوِيَّ , لَوْ قُوبِلَ بِهِ الشَّيْخُ الْهَرَمُ , وَالصَّغِيرُ النَّحِيفُ , مِنْ الْجَلْدِ لَقَتَلَهُمَا , هَذَا أَمْرٌ لاَ يَدْفَعُهُ إِلاَّ مَدَافِعُ لِلْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ وَوَجَدْنَا الْمَرِيضَ يُؤْلِمُهُ أَقَلُّ شَيْءٍ مِمَّا لاَ يَحُسُّهُ الصَّحِيحُ أَصْلاً , إِلاَّ كَمَا يَحُسُّ بِثِيَابِهِ الَّتِي لَيْسَ لِحِسِّهِ لَهَا فِي الأَلَمِ سَبِيلٌ أَصْلاً , وَعَلَى حَسَبِ شِدَّةِ الْمَرَضِ يَكُونُ تَأَلُّمُهُ لِلْكَلاَمِ , وَلِلتَّلَفِ , وَلِلَمْسِ الْيَدِ بِلُطْفٍ , هَذَا مَا لاَ شَكَّ فِيهِ أَصْلاً وَمَنْ كَابَرَ هَذَا فَإِنَّمَا يُكَابِرُ الْعِيَانَ , وَالْمُشَاهَدَةَ , وَالْحِسَّ فَوَجَدْنَا الْمَرِيضَ إذَا أَصَابَ حَدًّا مِنْ زِنًى , أَوْ قَذْفٍ , أَوْ خَمْرٍ , لاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا : إمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ الْحَدُّ , وَأَمَّا أَنْ يُؤَخَّرَ عَنْهُ فَإِنْ قَالُوا : يُؤَخَّرُ قلنا لَهُمْ : إلَى مَتَى فَإِنْ قَالُوا : إلَى أَنْ يَصِحَّ قلنا لَهُمْ : لَيْسَ هَذَا أَمَدٌ مَحْدُودٌ , وَقَدْ تَتَعَجَّلُ الصِّحَّةُ , وَقَدْ تُبْطِئُ عَنْهُ , وَقَدْ لاَ يَبْرَأُ , فَهَذَا تَعْطِيلٌ لِلْحُدُودِ , وَهَذَا لاَ يَحِلُّ أَصْلاً , لأََنَّهُ خِلاَفُ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ , فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ تَعْجِيلُ الْحَدِّ كَمَا قلنا نَحْنُ , وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَصَحَّ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُجْلَدَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ وُسْعِهِ الَّذِي كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَصْبِرَ لَهُ , فَمَنْ ضَعُفَ جِدًّا جُلِدَ بِشِمْرَاخٍ فِيهِ مِائَةُ عُثْكُولٍ جَلْدَةً وَاحِدَةً , أَوْ فِيهِ ثَمَانُونَ عُثْكَالاً كَذَلِكَ وَيُجْلَدُ فِي الْخَمْرِ وَإِنْ اشْتَدَّ ضَعْفُهُ بِطَرْفِ ثَوْبٍ : عَلَى حَسَبِ طَاقَةِ كُلِّ أَحَدٍ ، وَلاَ مَزِيدَ وَبِهَذَا نَقُولُ وَنَقْطَعُ : أَنَّهُ الْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِيَقِينٍ , وَمَا عَدَاهُ فَبَاطِلٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَبِهِ التَّوْفِيقُ بِكَمْ مِنْ مَرَّةٍ مِنْ الْإِقْرَارِ تَجِبُ الْحُدُودُ عَلَى الْمُقِرِّ قال أبو محمد رحمه الله : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً تَجِبُ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ , وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ , وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ ; وَمَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي ثَوْرٍ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ يُقَامُ عَلَى أَحَدٍ حَدُّ الزِّنَى بِإِقْرَارِهِ حَتَّى يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ , وَلاَ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَطْعِ , وَالسَّرِقَةِ حَتَّى يُقِرَّ بِهِ مَرَّتَيْنِ , وَحَدُّ الْخَمْرِ مَرَّتَيْنِ وَأَمَّا فِي الْقَذْفِ فَمَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا , فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ رَأَى أَنَّ الْحَدَّ لاَ يُقَامُ فِي الزِّنَا بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ : فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِطَرِيقِ مُسْلِمٍ ني عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ني أَبِي عَنْ جَدِّي ني عُقَيْلُ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كِلاَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَتَى رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ , فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى كَرَّرَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ , فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبِكَ جُنُونٌ قَالَ : لاَ , قَالَ : فَهَلْ أَحْصَنْتَ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ حدثنا عبد الله بن ربيع أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ نُعَيْمٍ أَنَا حِبَّانُ ، هُوَ ابْنُ مُوسَى أَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُضَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ مَاعِزًا أَتَى رَجُلاً يُقَالُ لَهُ : هُزَالٌ , فَقَالَ : يَا هُزَالُ إنَّ الآخَرَ قَدْ زَنَى , قَالَ : ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِيك قُرْآنٌ , فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ زَنَى فَأَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ أَخْبَرَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ , ثُمَّ أَخْبَرَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَةُ أَمَرَ بِرَجْمِهِ , فَلَمَّا رُجِمَ أُتِيَ إلَى شَجَرَةٍ فَقُتِلَ حدثنا عبد الله بن ربيع أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ نُعَيْمٍ أَنَا حِبَّانُ ، وَ، هُوَ ابْنُ مُوسَى أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ زَكَرِيَّا أَبِي عِمْرَانَ الْبَصْرِيِّ ، هُوَ ابْنُ سَلِيمٍ صَاحِبِ اللُّؤْلُئِيِّ قَالَ : سَمِعْت شَيْخًا يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ الْقُرَشِيَّ قَالَ : أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : شَهِدْتُ النَّبِيَّ عليه السلام وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَغْلَتِهِ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ حُبْلَى فَقَالَتْ : إنَّهَا قَدْ بَغَتْ فَارْجُمْهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَتِرِي بِسِتْرِ اللَّهِ فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَغْلَتِهِ فَقَالَتْ : اُرْجُمْهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَتِرِي بِسِتْرِ اللَّهِ فَرَجَعَتْ ثُمَّ جَاءَتْ الثَّالِثَةَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَغْلَتِهِ فَأَخَذَتْ بِاللِّجَامِ فَقَالَتْ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ رَجَمْتَهَا , فَقَالَ : انْطَلِقِي حَتَّى تَلِدِي فَانْطَلَقَتْ فَوَلَدَتْ غُلاَمًا , فَجَاءَتْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَفَلَهُ النَّبِيُّ عليه السلام ثُمَّ قَالَ انْطَلِقِي فَتَطَهَّرِي مِنْ الدَّمِ فَانْطَلَقَتْ فَتَطَهَّرَتْ مِنْ الدَّمِ , ثُمَّ جَاءَتْ فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى نِسْوَةٍ فَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَسْتَبْرِئْنَهَا وَأَنْ يَنْظُرْنَ أَطَهُرَتْ مِنْ الدَّمِ فَجِئْنَ فَشَهِدْنَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطُهْرِهَا , فَأَمَرَ لَهَا عليه السلام بِحُفْرَةٍ إلَى ثُنْدُوَتِهَا , ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ فَقَالَ بِيَدِهِ : فَأَخَذَ حَصَاةً كَأَنَّهَا حِمَّصَةٌ فَرَمَاهَا بِهَا , ثُمَّ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ : ارْمُوهَا وَإِيَّاكُمْ وَوَجْهَهَا , فَرَمَوْهَا حَتَّى طُفِيَتْ , فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهَا حَتَّى صَلَّى عَلَيْهَا وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ , وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , كِلاَهُمَا يَقُولُ : إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نُمَيْرٍ حَدَّثَهُ قَالَ : أَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الأَسْلَمِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ ظَلَمْت نَفْسِي وَزَنَيْتُ , وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي , فَرَدَّهُ , فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ أَتَاهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ زَنَيْتُ , فَرَدَّهُ الثَّانِيَةَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى قَوْمِهِ فَقَالَ : أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا أَتُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا فَقَالُوا : مَا نَعْلَمُهُ إِلاَّ وَفِي الْعَقْلِ مِنْ صَالِحِينَا فِيمَا نَرَى , فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ , فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ أَيْضًا فَسَأَلَ عَنْهُ , فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ , وَلاَ بِعَقْلِهِ , فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَةَ : حَفَرَ لَهُ حُفْرَةً ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ , فَجَاءَتْ الْغَامِدِيَّةُ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي , وَأَنَّهُ رَدَّهَا , فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَرُدُّنِي , لَعَلَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا , فَوَاَللَّهِ إنِّي لَحُبْلَى , قَالَ لَهَا : لاَ , أَمَّا الآنَ فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي , فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ قَالَتْ : هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ قَالَ : فَاذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ , فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْ بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ قَالَتْ : هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ فَطَمْتُهُ , وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ , فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إلَى صَدْرِهَا , وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا فَهَذَا هُوَ الْبَيَانُ الْجَلِيُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأََيِّ شَيْءٍ رَدَّ مَاعِزًا لأََنَّ الْغَامِدِيَّةَ قَرَّرَتْهُ عليه السلام عَلَى أَنَّهُ رَدَّ مَاعِزًا , وَأَنَّهُ لاَ يَحْتَاجُ إلَى تَرْدِيدِهَا , لأََنَّ الزِّنَى الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ صَحِيحٌ ثَابِتٌ , وَقَدْ ظَهَرَتْ عَلاَمَتُهُ وَهِيَ حَبَلُهَا فَصَدَّقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ , وَأَمْسَكَ عَنْ تَرْدِيدِهَا وَلَوْ كَانَ تَرْدِيدُهُ عليه السلام مَاعِزًا مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْإِقْرَارَ لاَ يَصِحُّ بِالزِّنَى حَتَّى يَتِمَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لاََنْكَرَ عَلَيْهَا هَذَا الْكَلاَمَ , وَلَقَالَ لَهَا : لاَ شَكَّ إنَّمَا أَرُدُّك كَمَا رَدَدْت مَاعِزًا لأََنَّ الْإِقْرَارَ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِأَرْبَعِ مَرَّاتٍ وَهُوَ عليه السلام لاَ يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ , وَلاَ عَلَى بَاطِلٍ فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهَا صَادِقَةٌ , فَإِنَّهَا لاَ تَحْتَاجُ مِنْ التَّرْدِيدِ إلَى مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مَاعِزٌ , وَلِذَلِكَ لَمْ يَرُدَّهَا عليه السلام بَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ وَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ تَرْدِيدَهُ عليه السلام مَاعِزًا إنَّمَا كَانَ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا مَا نَصَّ عليه السلام مِنْ تُهْمَتِهِ لِعَقْلِهِ فَسَأَلَ عليه السلام قَوْمَهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ هَلْ بِهِ جُنُونٌ وَسُؤَالُهُ عليه السلام هَلْ شَرِبَ خَمْرًا كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَامِعٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ طَهِّرْنِي , قَالَ : وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَتُبْ , قَالَ : فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ , ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ , حَتَّى إذَا كَانَتْ الرَّابِعَةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فِيمَ أُطَهِّرُكَ قَالَ : مِنْ الزِّنَى , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبِهِ جِنَّةٌ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ , فَقَالَ : أَشَرِبَ خَمْرًا فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَزَنَيْتَ قَالَ : نَعَمْ , فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ , وَذَكَرَ بَاقِي الْخَبَرِ وَالْوَجْهُ الآخَرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّهَمَهُ أَنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا الزِّنَى فَرَدَّدَهُ لِذَلِكَ وَقَرَّرَهُ : كَمَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أرنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الأَسْلَمِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَى , فَقَالَ : لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت أَوْ نَظَرْت وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْهَيْثَمِ عَنْ عُثْمَانَ الْبَصْرِيِّ أرنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ يُحَدِّثُ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ : وَيْحَكَ لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ , أَوْ غَمَزْتَ , أَوْ نَظَرْتَ قَالَ : لاَ , قَالَ : فَنِكْتَهَا قَالَ : نَعَمْ , فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ فَقَدْ صَحَّ يَقِينًا أَنَّ تَرْدِيدَ النَّبِيِّ عليه السلام لِمَاعِزٍ لَمْ يَكُنْ مُرَاعَاةً لِتَمَامِ الْإِقْرَارِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَصْلاً , وَإِنَّمَا كَانَ لِتُهْمَتِهِ إيَّاهُ فِي عَقْلِهِ , وَفِي جَهْلِهِ مَا هُوَ الزِّنَى فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِحَدِيثِ ابْنِ بُرَيْدَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُضَاضٍ , فَإِنَّ ابْنَ مُضَاضٍ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَبَرٌ صَحِيحٌ بِبَيَانِ بُطْلاَنِ ظَنِّهِمْ نَذْكُرُهُ بَعْدَ تَمَامِ كَلاَمِنَا فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , وَهُوَ : مَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ : إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الصَّامِتِ ابْنَ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : جَاءَ الأَسْلَمِيُّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِالزِّنَى يَقُولُ : أَتَيْتُ امْرَأَةً حَرَامًا , وَكُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ فِي الْخَامِسَةِ فَقَالَ لَهُ : أَنْكَحْتَهَا قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَى قَالَ : نَعَمْ , أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مِثْلَ مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ حَلاَلاً , قَالَ : فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ : أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْجَمَ فَرُجِمَ , فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : اُنْظُرُوا إلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ , فَسَكَتَ عَنْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً فَمَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلَيْهِ , فَقَالَ : أَيْنَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ فَقَالاَ : نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ لَهُمَا : كُلاَ مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ , فَقَالاَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَنْ يَأْكُلُ هَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ هَذَا آنِفًا أَشَدُّ مِنْ هَذِهِ الْجِيفَةِ , فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ الآنَ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ , وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكْتَفِ بِتَقْرِيرِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ , وَلاَ بِإِقْرَارِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ , حَتَّى أَقَرَّ فِي الْخَامِسَةِ , ثُمَّ لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ حَتَّى سَأَلَهُ السَّادِسَةَ : هَلْ تَعْرِفُ مَا الزِّنَى فَلَمَّا عَرَفَ عليه السلام أَنَّهُ يَعْرِفُ الزِّنَى لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ حَتَّى سَأَلَهُ السَّابِعَةَ , مَا يُرِيدُ بِهَذَا إِلاَّ لِيَخْتَبِرَ عَقْلَهُ , فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ عَاقِلٌ صَحِيحُ الْعَرْضِ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَفِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانُ بُطْلاَنِ الرَّأْيِ مِنْ الصَّاحِبِ وَغَيْرِهِ , لأََنَّهُ عليه السلام أَنْكَرَ عَلَيْهِمَا مَا قَالاَهُ بِرَأْيِهِمَا مُجْتَهِدِينَ قَاصِدِينَ إلَى الْحَقِّ فَهَذَا يُبْطِلُ احْتِجَاجَ مَنْ احْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ أَنَا مُعَاذٌ يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيَّ ني أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ني أَبُو قِلاَبَةَ أَنَّ أَبَا الْمُهَلَّبِ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى مِنْ الزِّنَى فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَّهَا فَقَالَ : أَحْسِنْ إلَيْهَا , فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا , فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا , وَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ , ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَتُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ قَالَ : لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ , وَهَلْ وَجَدَتْ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى " وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا قُتَيْبَةُ أَنَا اللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا قَالاَ إنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ الأَعْرَابِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ الآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ : نَعَمْ , فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ , وَإِيذَنْ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ , فَقَالَ : إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاََقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ : أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْكَ , وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ , وَتَغْرِيبُ عَامٍ , وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا , فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ , فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ فَوَجَدْنَا بُرَيْدَةَ , وَعِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ , وَأَبَا هُرَيْرَةَ , وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ , كُلَّهُمْ قَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إقَامَةَ الْحَدِّ فِي الزِّنَى عَلَى : الْغَامِدِيَّةِ , وَالْجُهَيْنِيَّةِ , بِغَيْرِ تَرْدِيدٍ , وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الْمَذْكُورِ بِالأَعْتِرَافِ الْمُطْلَقِ , وَهُوَ يَقْتَضِي ، وَلاَ بُدَّ رَجْمَهَا بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ اعْتِرَافٍ , وَهُوَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَصَحَّ أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يُوجِبُ مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ فِي الزِّنَى بِالأَعْتِرَافِ الْمُطْلَقِ دُونَ تَحْدِيدِ عَدَدٍ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاََقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَقْسَمَ عَلَى ذَلِكَ , ثُمَّ قَضَى بِالرَّجْمِ فِي الأَعْتِرَافِ دُونَ عَدَدٍ فَصَحَّ أَنَّهُ إذَا صَحَّ الأَعْتِرَافُ مَرَّةً أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ فَهُوَ كُلُّهُ سَوَاءٌ , وَأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ وَاجِبٌ ، وَلاَ بُدَّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ هَلْ فِي الْحُدُودِ نَفْيٌ أَمْ لاَ قال أبو محمد رحمه الله : النَّفْيُ يَقَعُ مِنْ الْحُدُودِ فِي الْمُحَارَبَةِ بِالْقُرْآنِ , وَفِي الزِّنَى بِالسُّنَّةِ , وَحَكَمَ بِهِ قَوْمٌ فِي الرِّدَّةِ , وَفِي الْخَمْرِ , وَالسَّرِقَةِ " قال أبو محمد رحمه الله : فَنَتَكَلَّمُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كُلِّ ذَلِكَ فَصْلاً فَصْلاً , فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : نَفْيُهُ سَجْنُهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُنْفَى أَبَدًا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ قَالَتْ طَائِفَةٌ : نَفْيُهُ هُوَ أَنْ يُطْلَبَ حَتَّى يُعْجِزَهُمْ فَلاَ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ كَمَا أَنَا حُمَامٌ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَنَا الدَّبَرِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : فِي الْمُحَارِبِ إنْ هَرَبَ وَأَعْجَزَهُمْ فَذَلِكَ نَفْيُهُ وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَوْ غَيْرِهِ , قَالَ : سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ , وَأَبَا الشَّعْثَاءِ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولاَنِ : إنَّمَا النَّفْيُ أَنْ لاَ يُدْرَكُوا , فَإِذَا أُدْرِكُوا , فَفِيهِمْ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى , وَإِلَّا نُفُوا حَتَّى يَلْحَقُوا بِبَلَدِهِمْ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ حَارَبَ : أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُقْتَلَ , أَوْ يُصْلَبَ , أَوْ يُقْطَعَ , أَوْ يُنْفَى , فَلاَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ وَعَنْ الضَّحَّاكِ فِي قوله تعالى قال أبو محمد رحمه الله : وَبِهَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ آخَرُونَ : النَّفْيُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ الْمُحَارِبِ , كَمَا كَتَبَ إلَيَّ الْمَرْجِيُّ بْنُ زَرْوَانَ قَالَ : أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الرَّحَبِيُّ أَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُغَلِّسِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَنَا حَجَّاجٌ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مُحَارِبًا فَأَخَافَ الطَّرِيقَ , وَأَخَذَ الْمَالَ : قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلاَفٍ وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ : قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلاَفٍ ثُمَّ صُلِبَ وَإِذَا قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ : قُتِلَ وَإِذَا أَخَافَ الطَّرِيقَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالاً وَلَمْ يَقْتُلْ : نُفِيَ قال أبو محمد رحمه الله : فَنَظَرْنَا فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ قَالَ : إنَّ النَّفْيَ هُوَ السَّجْنُ فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : فَصَحَّ أَنَّ الْوَاجِبَ إبْعَادُهُ مِنْ الأَرْضِ , قَالُوا : وَلاَ يُقْدَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ الأَرْضِ جُمْلَةً , فَوَجَبَ أَنْ نَفْعَلَ مِنْ ذَلِكَ أَقْصَى مَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قلنا : حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً , لأََنَّهُ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَى الْمُحَارَبَةِ فَهُوَ مُحَارِبٌ , فَإِذْ هُوَ مُحَارِبٌ فَوَاجِبٌ أَنْ يُجْزَى جَزَاءَ الْمُحَارِبِ , فَالنَّفْيُ عَلَيْهِ بَاقٍ مَا لَمْ يَتْرُكْ الْمُحَارَبَةَ بِالتَّوْبَةِ , فَإِذَا تَرَكَهَا سَقَطَ عَنْهُ جَزَاؤُهَا أَنْ يَتَمَادَى فِيهِ , إذْ قَدْ جُوزِيَ عَلَى مُحَارَبَتِهِ قال أبو محمد رحمه الله : ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حُجَّةِ مَنْ قَالَ : يُنْفَى أَبَدًا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ أَنْ قَالَ : إنَّنَا إذَا سَجَنَّاهُ فِي بَلَدٍ , أَوْ أَقْرَرْنَاهُ فِيهِ غَيْرَ مَسْجُونٍ فَلَمْ نَنْفِهِ مِنْ الأَرْضِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى , بَلْ عَمِلْنَا بِهِ ضِدَّ النَّفْيِ , وَالْإِبْعَادِ , وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَالْإِثْبَاتُ فِي الأَرْضِ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْهَا وَهَذَا خِلاَفُ الْقُرْآنِ , فَوَجَبَ عَلَيْنَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنْ نَسْتَعْمِلَ إبْعَادَهُ وَنَفْيَهُ عَنْ جَمِيعِ الأَرْضِ أَبَدًا , حَسَبَ طَاقَتِنَا , أَوْ غَايَةُ ذَلِكَ أَلَّا نُقِرَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا دُمْنَا قَادِرِينَ عَلَى نَفْيِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثُمَّ هَكَذَا أَبَدًا , وَلَوْ قَدَرْنَا عَلَى أَنْ لاَ نَدَعَهُ يَقَرُّ سَاعَةً فِي شَيْءٍ مِنْ الأَرْضِ لَفَعَلْنَا ذَلِكَ , وَلَكَانَ وَاجِبًا عَلَيْنَا فِعْلُهُ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَى الْمُحَارَبَةِ قال أبو محمد رحمه الله : فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَصَحَّ وَأَوْلَى بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ لِمَا ذَكَرَ الْمُحْتَجُّ لَهُ مِنْ أَنَّ السَّجْنَ إثْبَاتٌ , وَإِقْرَارٌ لاَ نَفْيٌ وَمَا عَرَفَ قَطُّ أَهْلُ اللُّغَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَخَاطَبَنَا بِهَا اللَّهُ تَعَالَى : أَنَّ السَّجْنَ يُسَمَّى : نَفْيًا , وَلاَ أَنَّ النَّفْيَ يُسَمَّى : سَجْنًا , بَلْ هُمَا اسْمَانِ مُخْتَلِفَانِ , مُتَغَايِرَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى قال علي : وهذا الَّذِي أَنْكَرُوهُ دَاخِلٌ عَلَيْهِمْ بِمَنْعِهِمْ الْمَنْفِيَّ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى مَنْزِلِهِ , فَهُمْ يُقِرُّونَ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةَ تِلْكَ الْعُقُوبَةِ , فَقَدْ وَقَعُوا فِيمَا أَنْكَرُوا بِعَيْنِهِ نَعَمْ , وَالتَّكْرَارُ أَيْضًا لاَزِمٌ لِمَنْ قَالَ بِنَفْيِهِ أَوْ سَجْنِهِ سَوَاءً سَوَاءً قال أبو محمد رحمه الله : فَنَقُولُ : إنَّ الْمُحَارِبَ الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا نَفْيَهُ حَرْبًا عَلَى مُحَارَبَتِهِ فَإِنَّهُ مَا دَامَ مُصِرًّا فَهُوَ مُحَارِبٌ وَمَا دَامَ مُحَارِبًا فَالنَّفْيُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : ثُمَّ وَجَدْنَا مَنْ قَالَ : بِنَفْيِهِ وَتَرْكِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَنْفِيهِ إلَيْهِ قَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ فِي أَنَّهُ أَقَرَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ , وَالْإِقْرَارُ خِلاَفُ النَّفْيِ , فَقَدْ أَقَرُّوهُ فِي الأَرْضِ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ الْقَوْلُ الَّذِي صَحَّحْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ , وَبِهِ نَقُولُ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُنْفَى أَبَدًا مِنْ كُلِّ مَكَان مِنْ الأَرْضِ , وَأَنْ لاَ يُتْرَكَ يَقَرُّ إِلاَّ مُدَّةَ أَكْلِهِ , وَنَوْمِهِ , وَمَا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ الرَّاحَةِ الَّتِي إنْ لَمْ يَنَلْهَا مَاتَ , وَمُدَّةَ مَرَضِهِ , لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا نَفْيُ الزَّانِي فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيهِ : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : الزَّانِي غَيْرُ الْمُحْصَنِ , يُجْلَدُ مِائَةً , وَيُنْفَى سَنَةً الْحُرُّ , وَالْحُرَّةُ ذَاتُ الزَّوْجِ , وَغَيْرُ ذَاتِ الزَّوْجِ , فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَأَمَّا الْعَبْدُ الذَّكَرُ فَكَالْحُرِّ , وَأَمَّا الأَمَةُ فَجَلْدُ خَمْسِينَ وَنَفْيُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَصْحَابِهِ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ , وَابْنِ أَبِي لَيْلَى. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُنْفَى الرَّجُلُ الزَّانِي جُمْلَةً , وَلاَ تُنْفَى النِّسَاءُ. وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُنْفَى الْحُرُّ الذَّكَرُ , وَلاَ تُنْفَى الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ ذَاتَ زَوْجٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ ، وَلاَ الأَمَةُ , وَلاَ الْعَبْدُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ , وَأَصْحَابِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ نَفْيَ عَلَى زَانٍ أَصْلاً لاَ عَلَى ذَكَرٍ , وَلاَ عَلَى أُنْثَى , وَلاَ حُرٍّ , وَلاَ عَبْدٍ , وَلاَ أَمَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابِهِ. قال أبو محمد رحمه الله : وَنَحْنُ ذَاكِرُونَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فَمِنْ ذَلِكَ : مَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ الأَوْدِيُّ سَمِعْت عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ , وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ , وَإِنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ. أَنَا حُمَامٌ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَنَا الدَّبَرِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ بِكْرٍ فَأَحْبَلَهَا فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يَكُنْ أَحْصَنَ فَأَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَدَهُ مِائَةً ثُمَّ نُفِيَ. وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : أَتَى رَجُلٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُخْتَهُ أَحْدَثَتْ وَهِيَ فِي سِتْرِهَا وَأَنَّهَا حَامِلٌ فَقَالَ عُمَرُ : أَمْهِلْهَا حَتَّى إذَا وَضَعَتْ وَاسْتَقَلَّتْ فَآذَنِّي بِهَا , فَلَمَّا وَضَعَتْ جَلَدَهَا مِائَةً وَغَرَّبَهَا إلَى الْبَصْرَةِ عَامًا. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ غَرَّبَ فِي الزِّنَى سَنَةً. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : ثُمَّ لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الأَمْرُ تَمْضِي بِهِ السُّنَّةُ حَتَّى غَرَّبَ مَرْوَانُ فِي إمْرَتِهِ بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ النَّاسُ. وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ بَدْرٍ عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ , تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنَّا امْرَأَةً فَزَنَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا , فَجَلَدَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِائَةَ سَوْطٍ وَنَفَاهَا سَنَةً إلَى نَهْرِ كَرْبِلاَءَ فَلَمَّا رَجَعَتْ دَفَعَهَا إلَى زَوْجِهَا , وَقَالَ : امْرَأَتُك فَإِنْ شِئْت فَطَلِّقْ , وَإِنْ شِئْت فَأَمْسِكْ. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَاطِبًا تُوُفِّيَ وَأَعْتَقَ مَنْ صَلَّى مِنْ رَقِيقِهِ وَصَامَ , وَكَانَتْ لَهُ وَلِيدَةٌ نُوبِيَّةٌ قَدْ صَلَّتْ وَصَامَتْ وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لَمْ تَفْقَهْ فَلَمْ يَرُعْهُ إِلاَّ حَمْلُهَا , فَذَهَبَ إلَى عُمَرَ فَزِعًا , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَنْتَ الرَّجُلُ الَّذِي لاَ تَأْتِي بِخَيْرٍ , فَأَرْسَلَ إلَيْهَا عُمَرُ : أَحَبَلْتِ فَقَالَتْ : نَعَمْ , مِنْ مَرْعُوشٍ بِدِرْهَمَيْنِ , فَإِذَا هِيَ تَسْتَهِلُّ بِهِ , وَصَادَفَتْ عِنْدَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ , وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ , وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ , فَقَالَ : أَشِيرُوا عَلَيَّ , وَعُثْمَانُ جَالِسٌ فَاضْطَجَعَ , فَقَالَ عَلِيٌّ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ : قَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْحَدُّ , قَالَ : أَشِرْ عَلَيَّ يَا عُثْمَانُ قَالَ : قَدْ أَشَارَ عَلَيْك أَخَوَاك , قَالَ : أَشِرْ عَلَيَّ أَنْتَ قَالَ : أَرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لاَ تَعْلَمُهُ , وَلَيْسَ الْحَدُّ إِلاَّ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ , فَأَمَرَ بِهَا فَجُلِدَتْ مِائَةً وَغَرَّبَهَا. وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ : الْبِكْرُ تُجْلَدُ مِائَةً وَتُنْفَى سَنَةً. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْبِكْرِ يَزْنِي بِالْبِكْرِ يُجْلَدَانِ مِائَةً وَيُنْفَيَانِ سَنَةً. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ حَدَّ مَمْلُوكَةً لَهُ فِي الزِّنَى وَنَفَاهَا إلَى فَدَكَ. قال أبو محمد رحمه الله : وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ : فَكَمَا أَنَا حُمَامٌ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَنَا الدَّبَرِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ , قَالَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي الْبِكْرِ يَزْنِي بِالْبِكْرِ , فَإِنْ حَبَسَهُمَا مِنْ الْفِتْيَانِ يُنْفَيَانِ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا , أَوْ مَاتَ فَزَنَتْ : أَنَّهَا تُجْلَدُ ، وَلاَ تُنْفَى قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ فَنَتَّبِعَهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ بِالتَّغْرِيبِ مِنْ حَدِّ الزِّنَى يَذْكُرُونَ : مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا قُتَيْبَةُ أَنَا لَيْثٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا قَالاَ إنَّ رَجُلاً مِنْ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ : الْخَصْمُ الآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ : نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَائْذَنْ لِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ : قَالَ : إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ , فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاََقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ : الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْكَ , وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ , وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا , فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالَ : فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ , فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ. قال أبو محمد رحمه الله : وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ , وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ , وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ , وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , كُلِّهِمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي , خُذُوا عَنِّي : قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ , وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ أَنَا هُشَيْمٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلُهُ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كُرِبَ لِذَلِكَ , وَتَرَبَّدَ لَهُ وَجْهُهُ , قَالَ : فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ , فَبَقِيَ كَذَلِكَ , فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ : خُذُوا عَنِّي : قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً : الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ , وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ , الثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ , الْبِكْرُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ نَفْيُ سَنَةٍ. أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى أَنَا يَزِيدَ ، هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ لَهُ وَجْهُهُ , فَنَزَلَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَقِيَ ذَلِكَ فَلِمَا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ : خُذُوا عَنِّي : قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ , وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ. قال أبو محمد رحمه الله : وَرَوَاهُ أَيْضًا شُعْبَةُ , وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ , كِلاَهُمَا عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ : أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ , وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى : أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَا أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ , ثُمَّ اتَّفَقَ صَالِحٌ , وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ , كِلاَهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ فِيمَنْ لَمْ يُحْصِنْ إذَا زَنَى بِجَلْدِ مِائَةٍ وَتَغْرِيبِ عَامٍ. وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ أَنَا حُجَيْرٌ أَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ أَنْ يُنْفَى عَامًا مَعَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ قال أبو محمد رحمه الله : فَكَانَتْ هَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ رَوَاهَا ثَلاَثَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ , وَأَبُو هُرَيْرَةَ , وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ بِإِيجَابِ تَغْرِيبِ عَامٍ مَعَ جَلْدِ مِائَةٍ عَلَى الزَّانِي الَّذِي لَمْ يُحْصِنْ , مَعَ إقْسَامِ النَّبِيِّ عليه السلام بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي قَضَائِهِ بِهِ أَنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ وَحْيُهُ وَحُكْمُهُ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ التَّغْرِيبَ عَلَى النِّسَاءِ وَالْمَمَالِيكِ , فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ الْخَبَرَ الَّذِي قَدْ أَوْرَدْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ , فَأَغْنَى عَنْ تَرْدَادِهِ , وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا ، وَلاَ يُثَرِّبْ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لأََنَّهُ خَبَرٌ مُجْمَلٌ فَسَّرَهُ غَيْرُهُ , لأََنَّهُ إنَّمَا فِيهِ " فَلْيَجْلِدْهَا " وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَدَدَ الْجَلْدِ كَمْ هُوَ فَصَحَّ أَنَّهُ إنَّمَا أَحَالَ عليه السلام بَيَانَ الْجَلْدِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهِ عَلَى الْقُرْآنِ , وَعَلَى الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ بَيَانُ حُكْمِ الْمَمْلُوكِ فِي الْحُدُودِ , فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ , فَلَيْسَ سُكُوتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِكْرِ التَّغْرِيبِ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ : حُجَّةٌ فِي إبْطَالِ التَّغْرِيبِ الَّذِي قَدْ صَحَّ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ. كَذَلِكَ لَيْسَ فِي سُكُوتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِكْرِ عَدَدِ جَلْدِهَا كَمْ هُوَ : حُجَّةٌ فِي إسْقَاطِ مَا قَدْ صَحَّ عَنْهُ عليه السلام مِنْ أَنَّ حَدَّهَا نِصْفُ حَدِّ الْحُرَّةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا الْخَبَرَ , لَيْسَ فِيهِ : أَنْ لاَ تَغْرِيبَ , وَلاَ أَنَّ التَّغْرِيبَ سَاقِطٌ عَنْهَا , لَكِنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فَقَطْ , وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ تَغْرِيبِهَا , فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخَبَرُ مُعَارِضًا لِلأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا النَّفْيُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد رحمه الله : وقال بعضهم : إنَّ حَقَّ السَّيِّدِ فِي خِدْمَةِ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ , وَحَقَّ أَهْلِ الْمَرْأَةِ فِيهَا , فَلاَ يَجُوزُ قَطْعُ حُقُوقِهِمْ بِنَفْيِ الْعَبْدِ , وَالأَمَةِ , وَالْمَرْأَةِ فَيُقَالُ لَهُمْ : لَيْسَ بِشَيْءٍ , لأََنَّ حَقَّ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ أَيْضًا فِي زَوْجِهَا وَابْنِهِمْ , فَلاَ يَجُوزُ قَطْعُهُ بِنَفْيِهِمْ. فَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : هَذَا كَلاَمٌ جَمَعَ التَّخْلِيطَ وَالْكَذِبَ , أَمَّا التَّخْلِيطُ : فَدَعْوَاهُمْ النَّسْخَ , وَأَمَّا الْكَذِبُ : فَهُوَ التَّحَكُّمُ مِنْهُمْ فِي أَوْقَاتِ نُزُولِ الآيَةِ , وَمَا فِي خَبَرِ عُبَادَةَ بِلاَ برهان. وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ فَنَقُولُ : إنَّ دَعْوَاهُمْ أَنَّ خَبَرَ عُبَادَةَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الآيَةِ مِنْ أَجْلِ مَا فِيهِ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً فَظَنٌّ مِنْهُمْ , وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَطْعَ بِالظَّنِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الآيَةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَنَقُولُ : إنَّهُ إنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الآيَةِ , فَقَدْ صَحَّ مَا فِي حُكْمِ حَدِيثِ عُبَادَةَ مِنْ الْجَلْدِ , وَالتَّغْرِيبِ , وَالرَّجْمِ , وَكَانَتْ الآيَةُ وَرَدَتْ بِبَعْضِ مَا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ , وَأَحَالَنَا اللَّهُ تَعَالَى فِي بَاقِي الْحَدِّ عَلَى مَا سَلَفَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ. وَكَمَا لَمْ تَكُنْ الآيَةُ مَانِعَةً عِنْدَهُمْ مِنْ الرَّجْمِ الَّذِي ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِهَا بِزَعْمِهِمْ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا , فَكَذَلِكَ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ التَّغْرِيبِ الَّذِي ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِهَا بِزَعْمِهِمْ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا , وَلاَ فَرْقَ. هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الَّذِي لاَ يَجُوزُ تَعَدِّيهِ إنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الآيَةِ , كَمَا ادَّعَوْا وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ بَعْدَ نُزُولِ الآيَةِ , فَقَدْ جَاءَ بِمَا فِي الآيَةِ مِنْ الْجَلْدِ , وَزِيَادَةِ الرَّجْمِ , وَالتَّغْرِيبِ , وَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ , وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً بِمُوجِبٍ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الآيَةِ ، وَلاَ بُدَّ , بَلْ قَدْ تَنْزِلُ الآيَةُ بِبَعْضِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُنَّ , ثُمَّ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ تَمَامَ السَّبِيلِ , وَهُوَ الرَّجْمُ , وَالتَّغْرِيبُ الْمُضَافَانِ إلَى مَا فِي الآيَةِ مِنْ الْجَلْدِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|