الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فقالوا: ادخل.فدخل، فقال أبو البختري: أما أنا فأرى أن تأخذوا محمدًا وتحبسوه في بيت مقيدًا وتشدوا وثاقه وتسدوا باب البيت غير كوة تلقون منها طعامه وشرابه وتتربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء فصرخ عدو الله إبليس وهو الشيخ النجدي وقال: بئس الرأي رأيتم لئن حبستموه ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه فيوشك أن يثبوا عليكم فيقاتلوكم ويأخذوه من أيديكم فقالوا صدق الشيخ النجدي.فقام هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي، فقال: أما أنا فأرى أن تحملوه على بعير وتخرجوه من بين أظهركم فلا يضركم ما صنع وأين وقع إذا غاب عنكم واسترحتم منه.فقال إبليس اللعين: ما هذا لكم برأي تعتمدون إلى رجل قد أفسد أحلامكم فتخرجونه إلى غيركم فيفسدهم ألم تروا إلى حلاوة منطقه وطلاقة لسانه وأخذ القلوب بما تسمع من حديثه والله لئن فعلتم ذلك يذهب ويستميل قلوب قوم آخرين ثم يسير بهم إليكم فيخرجكم من بلادكم فقالوا: صدق الشيخ النجدي.فقال أبو جهل: والله لأشيرن عليكم برأي ما أرى غيره إني أرى أن تأخذوا من كل بطن من قريش شابًا نسيبًا وسطًا فتيًا ثم نعطي كل فتى سيفًا صارمًا ثم يضربوه جميعًا ضربة رجل واحد فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل كلها ولا أظن هذا الحي من بني هاشم يقوون على حرب قريش كلها وأنهم إذا أرادوا ذلك.قالوا: العقل فتؤدي قريش ديته فقال إبليس اللعين: صدق هذا الفتى هو أجودكم رأيًا.والقول ما قال لا أرى غيره فتفرقوا على قول أبي جهل وهم مجتمعون عليه فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك وأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه وأذن الله له عند ذلك بالخروج إلى المدينة.فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يبيت في مضجعه وقال له: اتشح ببردتي فإنه لن يخلص إليك منهم أمر تكرهه ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ قبضه من تراب وأخذ الله أبصارهم عنه فخرج وجعل ينثر التراب على رءوسهم وهو يقرأ: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالًا} إلى قوله: {فهم لا يبصرون}.ومضى إلى الغار من ثور وهو أبو بكر وخلف عليًا بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي قبلها وكانت الودائع توضع عنده لصدقه وأمانته.قالوا: وبات المشركون يحرسون عليًا وهو على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسبون أنه النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا، ساروا إليه ليقتلوه فرأوه عليًا فقالوا له: أين صاحبك؟ قال: لا أدري.فاقتفوا أثره وأرسلوا في طلبه، فلما بلغوا الغار رأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخله لم يكن لنسج العنكبوت على بابه أثر فمكث في الغار ثلاثًا ثم خرج إلى المدينة فذلك قوله سبحانه وتعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا} وأصل المكر احتيال في خفية {ليثبتوك} أي ليحبسوك ويوثقوك لأن كل من شد شيئًا وأوثقه فقد أثبته لأنه لا يقدر على الحركة {أو يقتلوك} يعني كما أشار عليهم أبو جهل {أو يخرجوك} يعني من مكة {ويمكرون} يعني ويحتالون ويدبرون في أمرك {ويمكر الله} يعني ويجازيهم الله جزاء مكرهم فسمى الجزاء مكر، لأنه في مقابلته.وقيل: معناه ويعاملهم الله معاملة مكرهم.والمكر: هو التدبير وهو من الله تعالى التدبير بالحق.والمعنى: أنهم احتالوا في إبطال أمر محمد صلى الله عيه وسلم والله سبحانه وتعالى أظهره وقواه ونصره فضاع فعلهم وتدبيرهم وظهر فعل الله وتدبيره {والله خير الماكرين} فإن قلت كيف قال الله سبحانه وتعالى: {والله خير الماكرين} ولا خير في مكرهم.قلت: يحتمل أن يكون المراد والله أقوى الماكرين فوضع خبر موضع أقوى وفيه تنبيه على أن كل مكر يبطل بفعل الله.وقيل: يحتمل أن يكون المراد أن مكرهم فيه خير بزعمهم فقال سبحانه وتعالى في مقابلته: {والله خير الماكرين}.وقيل: ليس المراد التفضيل بل إن فعل الله خير مطلقًا. اهـ.
.قال أبو حيان: {وإذ يمكر الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}لما ذكر المؤمنين نعمه عليهم ذكره صلى الله عليه وسلم نعمه عليه في خاصة نفسه وكانت قريش قد تشاوروا في دار الندوة بما تفعل به فمن قائل: يحبس ويقيّد ويتربّص به ريب المنون ومن قائل: يخرج من مكة تستريحوا منه وتصور إبليس في صورة شيخ نجدي وقيل هذين الرأيين ومن قائل: يجتمع من كل قبيلة رجل ويضربونه ضربة واحدة بأسيافهم فيتفرق دمه في القبائل فلا تقدر بنو هاشم لمحاربة قريش كلها فيرضون بأخذ الدية فصوّب إبليس هذا الرأي فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك وأمره أن لا يبيت في مضجعه وأذن له بالخروج إلى المدينة وأمر عليًّا أن يبيت في مضجعه ويتّشح ببردته وباتوا راصدين فبادروا إلى المضجع فأبصروا عليًّا فبُهتوا وخلف عليًّا ليردّ ودائع كانت عنده وخرج إلى المدينة.قال ابن عباس ومجاهد: {ليثبتوك} أي يقيّدوك، وقال عطاء والسدّي: ليثخنوك بالجرح والضرب من قولهم ضربوه حتى أثبتوه لا حراك به ولا براح ورمي الطائر فأثبته أي أثخنه.قال الشاعر:أي مثخنًا.وقرأ النخعي ليبيتوك من البيات وهذا المكر هنا هو بإجماع المفسّرين ما اجتمعت عليه قريش في دار الندوة كما أشرنا إليه وهذه الآية مدنيّة كسائر السورة وهو الصواب، وعن عكرمة ومجاهد إنها مكية وعن ابن زيد نزلت عقيب كفاية الله رسوله المستهزئين ويتأوّل قول عكرمة ومجاهد على أنهما أشارا إلى قصة الآية إلى وقت نزولها وتكرر ويمكرون إخبارًا باستمرار مكرهم وكثرته وتقدم شرح مثل باقي الآية في آل عمران. اهـ. .قال أبو السعود: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ}منصوبٌ على المفعولية بمضمر خوطب به النبيُّ صلى الله عليه وسلم معطوفٍ على قوله تعالى: {واذكروا إِذْ أَنتُمْ}. إلخ. مسوقٌ لتذكير النعمةِ العامةِ للكل، أي واذكر وقتَ مكِرهم بك {لِيُثْبِتُوكَ} بالوَثاق، ويعضُده قراءةُ من قرأ: ليقيدوك، أو الإثخانِ بالجرح، من قولهم: ضربه حتى أثبته لا حَراك به ولا بَراح، وقرئ ليثبّتوك بالتشديد وليبّيتوك من البيات.{أَوْ يَقْتُلُوكَ} أي بسيوفهم {أَوْ يُخْرِجُوكَ} أي من مكة وذلك أنهم لما سمعوا بإسلام الأنصارِ ومبايعتِهم له عليه الصلاة والسلام فرِقوا واجتمعوا في دار الندوة يتشاورون في أمره صلى الله عليه وسلم فدخل إبليسُ عليهم في صورة شيخٍ وقال: أنا من نجد سمعتُ باجتماعكم فأردت أن أحضُركم ولن تعدَموا منى رأيًا ونُصحًا فقال أبو البَحْتري: رأيي أن تحبِسوه في بيت وتسدّوا منافذه غيرَ كوّةٍ تلقون إليه طعامَه وشرابَه منها حتى يموت فقال الشيخ: بئسُ الرأيُ يأتيكم من يقاتلُكم من قومه ويخلِّصه من أيديكم فقال هشامُ بنُ عمْرو: رأيي أن تحمِلوه على جمل وتُخرجوه من أرضكم فلا يضركم ما صنع فقال: وبئس الرأي يُفِسدُ قومًا غيرَكم ويقاتلكم بهم فقال أبو جهل: أنا أرى أن تأخُذوا من كل بطنٍ غلامًا وتعطوه سيفًا فيضرِبوه ضربةً واحدة فيتفرقَ دمُه في القبائل فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريشٍ كلِّهم فإذا طلبوا العقلَ عقَلْناه فقال: صدق هذا الفتى فتفرقوا على رأيه فأتى جبريلُ النبي عليهما الصلاة والسلام وأخبره بالخبر وأمره بالهجرة فبيّت عليًّا رضي الله تعالى عنه على مضجعه وخرج هو مع أبي بكر رضي الله عنه إلى الغار {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله} أي يرد مكرَهم عليهم أو يجازيهم عليه أو يعاملهم معاملةَ الماكرين وذلك بأن أخرجهم إلى بدر وقلل المسلمين في أعينهم حتى حمَلوا عليهم فلقُوا منهم ما لقُوا {والله خَيْرُ الماكرين} لا يُعبأ بمكرهم عند مكرِه، وإسنادُ أمثالِ هذا إليه سبحانه مما يحسن للمشاكلة، ولا مساغَ له ابتداءً لما فيه من إيهام ما لا يليق به سبحانه. اهـ..قال الألوسي: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ}ثم أنه عز وجل لما ذكر من ذكر نعمته بقوله تعالى: {واذْكُرُوا إذْ أنتم قليل} [الأنفال: 26] إلخ ذكر نبيه عليه الصلاة والسلام النعمة الخاصة به بقوله عزَّ من قائل: {واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ} إلخ ذكر نبيه عليه الصلاة والسلام النعمة الخاصة به بقوله عز من قائل: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ} فهو متعلق بمحذوف وقع مفعولًا لفعل محذوف معطوف على ما تقدم أو منصوب بالفعل المضمر المعطوف على ذلك، أي واذكر نعمته تعالى عليك إذ أو اذكر وقت مكرهم بك {لِيُثْبِتُوكَ} بالوثاق ويعضده قراءة ابن عباس {ليقيدوك} وإليه ذهب الحسن. ومجاهد. وقتادة. أو بالإثخان بالجرح من قولهم: ضربه حتى أثبته لا حراك به ولا براح، وهو المروى عن أبان. وأبي حاتم. والجبائي، وأنشد:أو بالحبس في بيت كما روي عن عطاء والسدي.وكل الأقوال ترجع إلى أصل واحد وهو جعله صلى الله عليه وسلم ثابتًا في مكانه أعم من أن يكون ذلك بالربط أو الحبس أو الإثخان بالجراح حتى لا يقدر على الحركة، ولا يردان الإثخان إن كان بدون قتل فلا ذكر له فما اشتهر من القصة وإن كان بالقتل يتكرر مع قوله تعالى: {لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ} لأنا نختار الأول، ولا يلزم أن يذكر في القصة لأنه قد يكون رأي من لا يعتد برأيه فلم يذكروا المراد على ما تقتضيه أو يقتلوك بسيوفهم {أَوْ يُخْرِجُوكَ} أي من مكة، وذلك على ما ذكر ابن إسحاق أن قريشًا لما رأت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم من غير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارًا وأصابوا منهم منعة فحذروا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم فاجتمعوا في دار الندوة وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرًا إلا فيها يتشاورون فيها ما يصنعون في أمره عليه الصلاة والسلام فلما اجتمعوا كما قال ابن عباس لذلك واتعدوا أن يدخلوا الدار ليتشاوروا فيها غدوًا في اليوم الذي اتعدوا فيه وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس عليه اللعنة في هيئة شيخ جليل عليه بدلة فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفًا على بابها قالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيًا ونصحًا قالوا: أجل فادخل فدخل معهم وقد اجتمع أشراف قريش فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما رأيتم وإنا والله ما نأمنه قال: فتشاوروا ثم قال قائل منهم: احبسوه في الحديد واغلقوا عليه بابًا ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرًا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم.فقال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا برأي والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتموه دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره فتشاوروا ثم قال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا فإذا خرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا والفتنا كما كانت.قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحل على ح من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يبايعوه عليه ثم يسير بهم إليكم فيطؤكم بهم في بلادكم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيًا غيره.قال فقال أبو جهل: والله إن لي فيه لرأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد.قالوا وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًا جليدًا نسيبًا وسيطًا فينا ثم نعطي كل فتى منهم سيفًا صارمًا ثم يعمدون إليه فيضربونه بها ضربة رجل واحد فيقتلونه فنستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه فيي القبائل جميعًا فرضوا منها بالعقل فعقلناه لهم.قال فقال: الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل هو هذا الرأي لا أرى غيره فتفرقوا على ذلك، فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي كرم الله تعالى وجهه نم على فراشي وتسبح بردي هذا الحضرم الأخضر فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام، وأذن له عليه الصلاة والسلام في الهجرة فخرج مع صاحبه أبي بكر رضي الله تعالى عنه إلى الغار، وأنشد علي كرم الله تعالى وجهه مشيرًا لما من الله تعالى به عليه: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله} أي يرد مكرهم ويجعل وخامته عليهم أو يجازيهم عله أو يعاملهم معاملة الماكرن وذلك بأن أخرجهم إلى بدر وقلل المسلمين في أعينهم حتى حملوا عليهم فلقوا منهم ما يشيب منه الوليد، ففي الكلام استعارة تبعية أو مجاز مرسل أو استعارة تمثيلية، وقد يكتفي بالمشاكلة الصرفة {والله خَيْرُ الماكرين} إذ لا يعتد بمكرهم عند مكره سبحانه.قال بعض المحققين: إطلاق هذا المركب الإضافي عليه تعالى إن كان باعتبار أن مكره جل شأنه أنفذ وأبلغ تأثيرًا فالإضافة للتفضيل لأن لمكر الغير أيضًا نفوذًا وتأثيرًا في الجملة، وهذا معنى أصل فعل الخير فتحصل المشاركة فيه، وإذا كان باعتبار أنه سبحانه لا ينزل إلا الحق ولا يصيب إلا بما يستوجبه الممكور به فلا شركة لمكر الغير فيه فالإضافة حينئذٍ للاختصاص كما في أعد لابن مروان لانتفاء المشاركة.وقيل: هو من قبيل الصيف أحر من الشتاء بمعنى أن مكره تعالى في خريته أبلغ من مكر الغير في شريته.وادعى غير واحد أن المكر لا يطلق عليه سبحانه دون مشاكلة لأنه حيلة يجلب بها مضرة إلى الغير وذلك مما لا يجوز في حقه سبحانه.واعترض بوروده من دون مشاكلة في قوله تعالى: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ الله فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون} [الأعراف: 99].وأجيب بأن المشاكلة فيما ذكر تقديرية وهي كافية في الغرض، وفيه نظر، فقد جاء عن علي كرم الله تعالى وجهه: «من وسع عليه في دنياه ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع في عقله» والمشاكلة التقديرية فيه بعيدة جدًا بل لا يكاد يدعيها منصف. اهـ.
|