فصل: تَنْبِيهٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البرهان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.تَنْبِيهَانِ:

الْأَوَّلُ: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ بِغَيْرِ النَّعَمِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ فِيهِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ إِلَّا قَوْلَهُ تَعَالَى: {أَنْ يقتلوا أو يصلبوا} لَيْسَ بِمُخَيَّرٍ فِيهِمَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا أَقُولُ.
والثاني: مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى عَدَمِ التَّشْرِيكِ أَعَادَ الضَّمِيرَ إِلَى مُفْرَدَيْهَا بِالْإِفْرَادِ بِخِلَافِ الْوَاوِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ يَكُنْ غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما} فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَلِهَذَا قَالَ: {بِهِمَا} وَلَوْ كَانَتْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ لَقِيلَ بِهِ وَقِيلَ عَلَى بَابِهَا وَمَعْنَى {غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} إِنْ يَكُنِ الْخَصْمَانِ غَنِيَّيْنِ أَوْ فَقِيرَيْنِ أَوْ مِنْهُمَا أَيِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ لِأَنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ عُقَيْبَ قَوْلِهِ: {كُونُوا قوامين بالقسط شهداء لله} يُشِيرُ لِلْحَاكِمِ وَالشَّاهِدِ وَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِاثْنَيْنِ.
وَقِيلَ: الْأَوْلَوِيَّةُ الْمَحْكُومُ بِهَا ثَابِتَةٌ لِلْمُفْرَدَيْنِ مَعًا نَحْوُ جَاءَنِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو وَرَأَيْتُهُمَا فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ وُجُوهِ الْكَلَامِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قِيلَ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ.
وَيُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ وَغَيْرُهُ وَلَوْ قِيلَ فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِ لَمْ يَشْمَلْهُ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَخْرُجِ الْمَخْلُوقُونَ عَنِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ صَارَ الْمَعْنَى افْعَلُوا ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ أَوْلَى مِمَّنْ خَلَقَ وَلَوْ قِيلَ أَوْلَى بِهِ لَعَادَ إِلَيْهِ مِنْ حيث الشهادة فقط.

.(إن) المكسورة الخفية:

تَرِدُ لِمَعَانٍ:
الْأَوَّلُ: الشَّرْطِيَّةُ وَهُوَ الْكَثِيرُ نَحْوُ: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} {إن ينتهوا يغفر لهم}.
ثُمَّ الْأَصْلُ فِي عَدَمِ جَزْمِ الْمُتَكَلِّمِ بِوُقُوعِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} وعيسى جَازِمٌ بِعَدَمِ وُقُوعِ قَوْلِهِ.
وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَى المتيقن وجوده إذا أبهم زمانه كقوله: {أفإن مت فهم الخالدون}.
وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ نَحْوُ: {إِنْ كَانَ للرحمن ولد}.
وَمِنْ أَحْكَامِهَا أَنَّهَا لِلِاسْتِقْبَالِ وَأَنَّهَا تُخَلِّصُ الْفِعْلَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَاضِيًا كَقَوْلِكَ إِنْ أَكْرَمْتَنِي أَكْرَمْتُكَ وَمَعْنَاهُ إِنْ تُكْرِمْنِي وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنْ أَكْرَمْتَنِي الْيَوْمَ فَقَدْ أَكْرَمْتُكَ أَمْسِ وَقَوْلُهُ: {إِنْ كان قميصه قد من قبل فصدقت}، فقيل: معنى أكرمتني اليوم يكون سبب لِلْإِخْبَارِ بِذَلِكَ.
وَإِنْ ثَبَتَ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِخْبَارِ بِذَلِكَ.
قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهِيَ عَكْسُ لَوْ فَإِنَّهَا لِلْمَاضِي وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى الْمُضَارِعِ.

.مَسْأَلَةٌ:

إِنْ دَخَلَتْ (إن) على لم يكن الجزم بـ: (لم) لَا بِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا} {فإن لم تفعلوا} وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى لَا كَانَ الْجَزْمُ بِهَا لَا بِـ: (لَا) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لي}.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ لَمْ عَامِلٌ يَلْزَمُ مَعْمُولَهُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٌ وَإِنْ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَعْمُولِهَا مَعْمُولُ مَعْمُولِهَا نَحْوُ إِنْ زَيْدًا يَضْرِبْ أَضْرِبْهُ.
وَتَدْخُلُ أَيْضًا عَلَى الْمَاضِي فَلَا تَعْمَلُ فِي لَفْظِهِ وَلَا تُفَارِقُ الْعَمَلَ وَأَمَّا لَا فَلَيْسَتْ عَامِلَةً فِي الْفِعْلِ فأضيف العمل إلى إن.
الثاني: بِمَنْزِلَةِ لَا وَتَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ كَقَوْلِهِ فِي الْأَنْعَامِ: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا}، بِدَلِيلِ مَا فِي الْجَاثِيَةِ: {مَا هِيَ إِلَّا حياتنا الدنيا}.
وقوله: {إن أنت إلا نذير}.
{إن الكافرون إلا في غرور}.
{إن كل نفس لما عليها حافظ}.
{إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم}.
{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتي الرحمن عبدا}.
{إن نحن إلا بشر مثلكم}.
{إن أنتم إلا بشر مثلنا}.
وَعَلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ نَحْوُ: {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الحسنى}.
{إن يقولون إلا كذبا}.
{إن يدعون من دونه إلا إناثا}.
{وتظنون إن لبثتم إلا قليلا}.
{إن كانت إلا صيحة واحدة}.
{بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَرْطَ النَّافِيَةِ مَجِيءُ إِلَّا فِي خَبَرِهَا كَهَذِهِ الْآيَاتِ أَوْ لَمَّا الَّتِي بِمَعْنَاهَا كَقِرَاءَةِ بَعْضِهِمْ: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عليها حافظ} بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ مَا كَانَ نَفْسٌ إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ.
{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا محضرون}.
{وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
وَرُدَّ بِقَوْلِهِ: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ}.
{وإن أدري أقريب أم بعيد}.
{إن عندكم من سلطان}.
{بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به} فَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أحد من بعده} فَالْأُولَى شَرْطِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ نَافِيَةٌ جَوَابٌ لِلْقَسَمِ الَّذِي أَذِنَتْ بِهِ اللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْأُولَى وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وُجُوبًا.
وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ مكناهم فيما إن مكناكم فيه} فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ الشَّجَرِيِّ إِنْ نَافِيَةٌ أَيْ فِيمَا مَا مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ إِلَّا أَنَّ إِنْ أَحْسَنُ فِي اللَّفْظِ لِمَا فِي مُجَامَعَةِ مِثْلِهَا مِنَ التَّكْرَارِ الْمُسْتَبْشَعِ وَمِثْلُهُ يُتَجَنَّبُ قَالَا وَيَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرض ما لم نمكن لكم} وَحَكَى الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّهَا زَائِدَةٌ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَفْخَمُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ مَا بِمَعْنَى الَّذِي وَإِنْ نَافِيَةٌ وَقَعَتْ مَكَانَ مَا فَيَخْتَلِفُ اللَّفْظُ وَلَا تَتَّصِلُ مَا بِـ: (مَا) وَالْمَعْنَى لَقَدْ أَعْطَيْنَاهُمْ مِنَ الْقُوَّةِ وَالْغِنَى مَا لَمْ نُعْطِكُمْ وَنَالَهُمْ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ هَذَا الْعِقَابُ فَأَنْتُمْ أَحْرَى بِذَلِكَ إِذَا كَفَرْتُمْ.
وَقِيلَ إِنْ شَرْطِيَّةٌ وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيِ الَّذِي إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ طَغَيْتُمْ.
وَقَالَ وَهَذَا مُطَّرَحٌ فِي التَّأْوِيلِ.
وَعَنْ قُطْرُبٍ أَنَّهَا بِمَعْنَى قَدْ حَكَاهُ ابْنُ الشَّجَرِيِّ.
وَيَحْتَمِلُ النَّكِرَةَ الْمَوْصُوفَةَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَنْكَرَ مَجِيءَ النَّافِيَةِ وَقَالَ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ إِنَّ مَا مَحْذُوفَةٌ وَالتَّقْدِيرُ مَا إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ مَا إِنْ تَدْعُونَ مَا إِنْ أَدْرِي وَنَظَائِرُهَا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا إِنْ طِبُّنَا جُبْنٌ وَلَكِنْ ** مَنَايَانَا وَدُولَةُ آخِرِينَا

فَحُذِفَتْ مَا اخْتِصَارًا كَمَا حُذِفَ لَا في {تالله تفتأ}.
الثَّالِثُ: مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ فَتَعْمَلُ فِي اسْمِهَا وَخَبَرِهَا وَيَلْزَمُ خَبَرُهَا اللَّامَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم}.
وَيَكْثُرُ إِهْمَالُهَا، نَحْوُ: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا متاع الحياة الدنيا} {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} {إن كل نفس لما عليها حافظ}، فِي قِرَاءَةِ مَنْ خَفَّفَ لَمَّا أَيْ أَنَّهُ كُلُّ نَفْسٍ لَعَلَيْهَا حَافِظٌ.
الرَّابِعُ: لِلتَّعْلِيلِ بِمَعْنَى إذ عند الكوفيين كقوله: {وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يُخْبِرْهُمْ بِعُلُوِّهِمْ إِلَّا بَعْدَ أَنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ.
وَقَوْلِهِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
قالبعضهم: لَوْ كَانَتْ لِلْخَبَرِ لَكَانَ الْخِطَابُ لِغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ.
وكذا: {وإن كنتم في ريب} ونحوه مما الفعل في مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ وَالْبَصْرِيُّونَ يَمْنَعُونَ ذَلِكَ وَهُوَ التَّحْقِيقُ كَالْمَعْنَى مَعَ (إِذَا).
وَأَجَابُوا عَنْ دُخُولِهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ لِنُكْتَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّهْيِيجِ نَحْوُ إِنْ كُنْتَ وَلَدِي فَأَطْعِمْنِي.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} فَالِاسْتِثْنَاءُ مَعَ تَحَقُّقِ الدُّخُولِ تَأَدُّبًا بِأَدَبِ اللَّهِ فِي الْمَشِيئَةِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الدَّاخِلِينَ لَا مِنَ الرُّؤْيَا لِأَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الرُّؤْيَا وَتَصْدِيقِهَا سَنَةٌ وَمَاتَ بَيْنَهُمَا خَلْقٌ كَثِيرٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلُّكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
الْخَامِسُ: بِمَعْنَى (لَقَدْ) فِي قوله: {إن كنا عن عبادتكم لغافلين} أَيْ لَقَدْ كُنَّا.
{إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لمفعولا}.
و: {تالله إن كدت لتردين}.
{تالله إن كنا لفي ضلال مبين}.

.فَائِدَةٌ:

ادَّعَى ابْنُ جِنِّي فِي كِتَابِ الْقَدْ أَنَّ (إِنِ) الشَّرْطِيَّةَ تُفِيدُ مَعْنَى التَّكْثِيرِ لِمَا كَانَ فِي هَذَا الشِّيَاعُ وَالْعُمُومُ لِأَنَّهُ شَائِعٌ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ دُخُولُهَا عَلَى أحد التي لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي النَّفْيِ الْعَامِّ كَقَوْلِهِ تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك} لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وَاحِدٍ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ أَدْخَلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ الَّذِي لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابِ.
قَالَ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَحَدٌ هُنَا لَيْسَتِ الَّتِي لِلْعُمُومِ بَلْ بِمَنْزِلَةِ أَحَدٍ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ دَخَلَهُ مَعْنَى الْعُمُومِ لِأَجْلِ إِنْ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَإِنِ امرأة} {إن امرؤ}.

.تَنْبِيهٌ:

قِيلَ: قَدْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ إِنْ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فِي مَوَاضِعَ:
{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أردن تحصنا}.
وقوله: {واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون}.
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتبا فرهان مقبوضة}.
وَقَوْلِهِ: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ}.
وقوله: {إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر}.
وَقَدْ يُقَالُ أَمَّا الْأُولَى فَيَمْتَنِعُ النَّهْيُ عَنْ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ فَإِنَّهُنَّ إِذَا لَمْ يُرِدْنَ التَّحَصُّنَ يُرِدْنَ الْبِغَاءَ وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْمُرَادِ مُمْتَنِعٌ:
وَقِيلَ: إِنَّهَا بِمَعْنَى إِذَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِكْرَاهُهُنَّ عَلَى الزِّنَا إِنْ لَمْ يُرِدْنَ التَّحَصُّنَ أَوْ هُوَ شَرْطٌ مُقْحَمٌ لِأَنَّ ذِكْرَ الْإِكْرَاهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُنَّ لَا يُكْرِهْنَهُنَّ إِلَّا عِنْدَ إِرَادَةِ التَّحْصِينِ وَفَائِدَةُ إِيجَابِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْإِكْرَاهِ فَالْمَعْنَى إِنْ أَرَدْنَ الْعِفَّةَ فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بإرادة ذلك.
وأما الرابعة فَهُوَ يُشْعِرُ بِالْإِتْمَامِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَصْلَ الْإِتْمَامُ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَظَاهِرُ الشَّرْطِ مُمْتَنِعٌ فِيهِ بِدَلِيلِ التَّعَجُّبِ الْمَذْكُورِ لَكِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مُخَالَفَةَ الظَّاهِرِ لِعَارِضٍ.