الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد
.تفسير الآية رقم (52): {وَنَادَيْنَاهُ} {وَقَرَّبْنَاهُ} (52)- وَحِينَمَا كَانَ مُوسَى سَائِراً بِأَهْلِهِ مِنْ مَدْيَنَ إِلَى مِصْرَ، وَصَلَ إِلَى وَادِي الطُّورِ، فَلَمَحَ نَاراً عَنْ بُعْدٍ، وَهُوَ فِي الَّليْلِ، فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا لَعَلِّي آتِيكُمْ بِقَبَسٍ مِنَ النَّارِ، أَوْ أَسْأَلُ مَنْ هُنَاكَ عِنْدَ النَّارِ لِيَهْدُونِي إِلَى الطَّرِيقِ، فَوَجَدَ النَّارَ عَنْ يَمِينِهِ، فَنَادَاهُ اللهُ تَعَالَى وَقَرَّبَهُ وَنَاجَاهُ، وَأَنْبَأَهُ بِأَنَّهُ اخْتَارَهُ لِيَكُونَ رَسُولَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ. قَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً- مُنَاجِياً لَنَا. .تفسير الآية رقم (53): {هَارُونَ} (53)- حِينَمَا كَلَّفَ اللهُ تَعَالَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، لِيَدْعُوَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ، وَلإِنْقَاذِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ مُوسَى لِرَبِّهِ: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهِ مَعِيَ رِدْءاً}. وَقَالَ فِي مَكَانٍ آخَرَ: {اشدد بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ في أَمْرِي} فَاسْتَجَابَ اللهُ لِدُعَائِهِ، وَشَفَاعَتِهِ فِي أَخِيْهِ هَارُونَ فَجَعَلَهُ نَبِيّاً. .تفسير الآية رقم (54): {الكتاب} {إِسْمَاعِيلَ} (54)- وَاتْلُ يَا مُحَمَّدُ عَلَى قَوْمِكَ صِفَاتِ أَبِيهِمْ إِسْمَاعِيلَ عَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِ، وَيَتَخَلَّقُونَ بِأَخْلاقِهِ. وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيَصِفُهُ اللهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ، مِا الْتَزَمَ بِعِبَادَةٍ قَطُّ إِلا قَامَ بِهَا. ثُمَّ وَصَفَهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ كَانَ رَسُولاً، وَكَانَ نَبِيّاً، بَيْنَمَا وَصَفَ إِسْحَاقَ بِأَنَّهُ كَانَ نَبِيّاً. .تفسير الآية رقم (55): {بالصلاة} {والزكاة} (55)- وَأَثْنَى اللهُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ صَابِراً عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ، آمِراً أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ، وَكَانَ مَرَضِيّاً عِنْدَ رَبِّهِ. .تفسير الآية رقم (56): {الكتاب} (56)- ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ كَانَ صَدِيقاً نَبِيّاً. (وَيُقَالُ إِنَّ إِدْرِيسَ كَانَ قَبْلَ نُوْحٍ عَلَيْهِمَا السَّلامُ). .تفسير الآية رقم (57): {وَرَفَعْنَاهُ} (57)- وَقَالَ تَعَالَى إِنَّهُ رَفَعَهُ فِي الجَنَّة مَكَاناً عَلِيّاً. وَيُرْوَى أَنَّهُ كَانَ خَيَّاطاً، فَكَانَ لا يَغْرِزُ إِبْرَةً إِلا قَالَ سُبْحَانَ اللهِ، فَكَانَ يُمْسِي حِينَ يُمْسِي وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ عِنْدَ اللهِ عَمَلاً. .تفسير الآية رقم (58): {أولئك} {النبيين} {ءَادَمَ} {إِبْرَاهِيمَ} {وَإِسْرَائِيلَ} {آيَاتُ} (58)- وَهَؤُلاءِ النَّبِيُّونَ الَّذِينَ قَصَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم قَصَصَهُمْ، هُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ ذُرِيَّةِ آدَمَ وَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَيَعْقُوبَ، وَمَنْ هَدَاهُمْ وَقَرَّبَهُمْ، وَكَانُوا إِذَا سَمِعُوا كَلامَ اللهِ المُتَضَمِّنَ حُجَجَهُ وَدَلائِلَهُ وَبَرَاهينَهُ، سَجَدُوا لِرَبِّهِمْ خُضُوعاً وَخُشُوعاً وَحَمْداً وَشُكْراً عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ النَّعَمِ العَظِيمَةِ وَهُمْ يَبْكُونَ. اجْتَبَيْنَا- اصْطَفَيْنَا وَاخْتَرْنَا لِلنُّبُوَّةِ. بُكِيّاً- بَاكِينَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ. .تفسير الآية رقم (59): {الصلاة} {الشهوات} (59)- ثُمَّ جَاءَ مِنْ بَعْدِ هَؤُلاءِ الأَنْبِيَاءُ الصَّالِحِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ، القَائِمِينَ بِحُدُودِ اللهِ وَأَوَامِرِهِ المُؤَدِّينَ فَرَائِضَهُ، خَلْفُ سُوءٍ، تَرَكُوا الصَّلاةَ وَإِقَامَتِهَا، وَأَقْبَلُوا عَلَى شَهَواتِ الدُّنْيا، فَهَؤُلاءِ سَوْفَ يَلْقَوْنَ خَسَارةً وَشَرّاً يَوْمَ القِيَامَةِ. (وَلِذَلِكَ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ إِلَى تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلاةِ). خَلْفٌ- عَقِبُ سُوءٍ. يَلْقَوْنَ غَيّاً- يَلْقَوْنَ جَزَاءَ الغَيِّ وَالضَّلالِ. .تفسير الآية رقم (60): {وَآمَنَ} {صَالِحاً} {فأولئك} (60)- إِلا مَنْ تَدَارَكَ نَفْسَهُ بِالتَّوْبَةِ، وَصِدْقِ الإِيمَانِ، وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، وَرَجَعَ عَنْ تَرْكِ الصَّلاةِ، وَعَنِ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ، وَيُحْسِنُ عَاقِبَتَهُ، وَخِتَامَهُ، وَيُدْخِلُهُ الجَنَّةَ، لأَنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا، وَلا يُنْقِصُهُ اللهُ شَيْئاً مِنْ ثَوَابِ أَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ. وَفِي الحَدِيثِ: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ». أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه. .تفسير الآية رقم (61): {جَنَّاتِ} (61)- وَالجَنَّاتُ التِي يُدْخِلُهَا اللهُ تَعَالَى التَّائِبِينَ، هِيَ جَنَّاتُ الإِقَامَةِ الدَّائِمَةِ (جَنَّاتُ عَدْنٍ)، التِي وَعَدَ اللهُ عِبَادَهُ المُتَّقِينَ بِهَا، وَهِيَ مِنَ الغَيْبِ الَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ، وَلَمْ يَرَوْهُ، وَإِنَّمَا آمَنُوا بِهِ بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ بِاللهِ، وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ بِمَا جَاؤُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ، وَاللهُ تَعَالَى لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ أَبَداً، فَإِنَّ مَا يَعِدُهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ سَيَحْصُلُ، وَسَيَصِلُ إِلَى العِبَادِ (أَوْ سَيَأْتِيهِ العِبَادُ- وَالعَرَبُ تَقُولُ كُلُّ مَا أَتَاكَ فَقَدْ أَتَيْتَهُ، أَيْ إِنَّ مَأْتِيّاً وَآتِيَاً بِمَعْنَى وَاحِدٍ). مَأْتِيّاً- آتِياً أَوْ مُنْجَزاً. .تفسير الآية رقم (62): {سَلاماً} (62)- وَفِي هَذِهِ الجَنَّاتِ لا يَسْمَعُ نُزَلاؤُهَا كَلاماً لَغْواً تَافِهاً لا مَعْنَى لَهُ، وَلا فَائِدَةَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَسْمَعُونَ المَلائِكَةَ يُحَيُّونَهُمْ بِالسَّلامِ، مِمَّا يُشْعِرُهُمْ بِالاطْمِئْنَانِ وَالسَّعَادَةِ وَالرِّضَا، وَيَأْتِيهِمْ مَا يَشْتَهُونَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ (بُكْرَةً وَعَشِيّاً) كَمَا كَانَ حَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا. لَغْواً- كَلاماً قَبِيحاً أَوْ كَلاماً فُضُولاً لا خَيْرَ فِيهِ. .تفسير الآية رقم (63): (63)- وَالجَنَّةُ الَّتِي بَيَّنَ اللهُ أَوْصَافَهَا العَظِيمَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ، هِيَ الَّتِي يُورِثُهَا عِبَادَهُ المُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُطِيعُونَ رَبَّهُمْ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَيَكْظِمُونَ الغَيْظَ، وَيَعْفُونَ عَنِ النَّاسِ. .تفسير الآية رقم (64): (64)- رَوَى ابْنُ عَبَّاسَ فَقَالَ: قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم لِجِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلامُ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورَنَا؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ. فَالمَلائِكَةُ الكِرَامُ لا تَتَنَزَّلُ إِلا بِإِذْنِ رَبِّهِم الَّذِي لَهُ أَمْرُ الدُّنْيَا (مَا بَيْنَ أَيْدِينَا)، وَلَهُ أَمْرُ الآخِرَةِ (وَمَا خَلْفَنَا)، وَمَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلا يَنْسَى اللهُ شَيْئاً، وَلا تَطْرَأُ عَلَيْهِ غَفْلَةٌ سُبْحَانَهُ، وَإِنَّهُ تَعَالَى جَدُّهُ إِنْ كَانَ قَدْ أَخَّرَ الوَحْيَ عَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ، فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ يَعْرِفُهَا هُوَ. .تفسير الآية رقم (65): {السماوات} {لِعِبَادَتِهِ} (65)- وَرَبُّكَ هُوَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ وَمُدَبِّرَهُ، وَهُوَ الحَاكِمُ المُتَصَرِّفُ فِي هَذا الوُجُودِ، وَلا مُعَقِبَ لِحُكْمِهِ، وَهُوَ المُسْتَحِقُ وَحْدَهُ لِلْعِبَادَةِ، لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ وَلا شَبِيهٌ وَلا مُمَاثِلٌ، فَاعْبُدْهُ يَا مُحَمَّدُ، وَثَابِرْ عَلَى عِبَادَتِهِ صَابِراً مُطْمَئِنّاً، وَلَيْسَ لِرَبِّكَ مُمَاثِلٌ يُسَمَّى بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ. سَمِيّاً- مُمَاثِلاً فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ. .تفسير الآية رقم (66): {الإنسان} {أَإِذَا} (66)- وَيَقُولُ الكَافِرُ مُتَعَجِّباً مِنْ وُقُوعِ البَعْثِ: كَيْفَ أُبْعَثُ حَيّاً بَعَدَ المَوْتِ وَالفَنَاءِ، وَتَنَاثُرِ ذَرَّاتِ الأَجْسَادِ. .تفسير الآية رقم (67): {الإنسان} {خَلَقْنَاهُ} (67)- وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى، عَلَى هَؤُلاءِ المُتَشَكِّكِينَ فِي أَمْرِ البَعْثِ، فَيَلْفِتُ نَظَرَهُمْ إِلَى أَنَّهُ تَعَالَى ابْتَدَأَ الْخَلْقَ، وَخَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ لا شَيءٍ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَبْلَهُ إِنْسَانٌ. وَيَسْتَدِلُّ اللهُ تَعَالَى بِإِشَارَتِهِ إِلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَدَأَ الخَلْقَ، عَلَى أَنَّهُ قَادِرٌعَلَى إِعَادَةِ خَلْقِهِمْ مِنْ جَدِيدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ، لأَنَّ الإِعَادَةَ أَسْهَلُ مِنَ الابْتِدَاءِ، {وَهُوَ الذي يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} .تفسير الآية رقم (68): {والشياطين} (68)- يُقْسِمُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَاتِهِ الكَرِيمَةِ عَلَى أَنَّهُ لا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَحْشُرَهُمْ جَمِيعاً، وَشَيَاطِيْنَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ، ثُمَّ يُحْضِرُهُمْ جَمِيعاً حَوْلَ جَهَنَّمَ قُعُوداً عَلَى رُكَبِهِمْ، تَعْبِيراً عَنِ الإِهَانَةِ وَالتَّحْقِيرِ لَهُمْ. جِثِيّاً- جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ مِنْ شِدَّةِ الهُوْلِ. .تفسير الآية رقم (69): (69)- وَيُتَابِعُ تَعَالَى قَسَمَهُ بِنَفْسِهِ الكَرِيمَةِ فَيَقُولُ: إِنَّهُ سَيَنْزِعُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ أَهْلِ دِينٍ (شِيْعَةٍ) قَادَتَهُمْ وَكُبَرَاءَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا أَشَدَّ جَمَاعَتِهِمْ تَكَبُّراً، وَعُتُوّاً عَلَى الَّذِي خَلَقَهُمْ، وَغَمَرَهُمْ بِفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَأَكْثَرَهُمْ تَجَاوُزاً لِلْحُدُودِ الَّتِي شَرَّعَهَا اللهُ، ثُمَّ يَدْفَعُ بِهِمْ إَلَى أَشَدِّ العَذَابِ. عِتِيّاً- عِصْيَاناً. جَرَاءَةً وَفُجُوراً.
|