الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن **
الوجه الثاني: هو حمل حلّه المذكور في الحديث على ما إذا اشترط في إحرامه أنه يحلّ حيث حبسه اللَّه بالعذر، والتحقيق: جواز الاشتراط في الحج بأن يحرم ويشترط أن محله حيث حبسه اللَّه، ولا عبرة بقول من منع الاشتراط؛ لثبوته عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. فقد أخرج الشيخان عن عائشة رضي اللَّه عنها أنها قالت: دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير. فقال لها: "لعلك أردت الحجّ؟" قالت: واللَّه ما أجدني إلا وجعة. فقال لها: "حجّي واشترطي، وقولي: اللهمّ محلّي حيث حبستني". وكانت تحت المقداد بن الأسود. وقد أخرج مسلم في "صحيحه"، وأحمد وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أن ضباعة بنت الزبير قالت: يا رسول اللَّه إني امرأة ثقيلة، وإني أريد الحج فكيف تأمرني أأهل ؟ قال: "أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني"، قال: فأدركت. وللنسائي في رواية: وقال: "فإن لك على ربك ما استثنيت ". القول الثالث: في المراد بالإحصار أنه ما كان من المرض ونحوه خاصة، دون ما كان من العدو. وقد قدمنا أنه المنقول عن أكثر أهل اللغة، وإنما جاز التحلل من إحصار العدوّ عند من قال بهذا القول؛ لأنه من إلغاء الفارق وأخذ حكم المسكوت عنه من المنطوق به، فإحصار العدوّ عندهم ملحق بإحصار المرض بنفي الفارق. ولا يخفى سقوط هذا القول لما قدمنا من أن الآية الكريمة نزلت في إحصار العدو عام الحديبية، وأن صورة سبب النزول قطعية الدخول، كما عليه الجمهور وهو الحق. قال مقيده عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لنا رجحانه بالدليل من الأقوال المذكورة هو ما ذهب إليه مالك والشافعي وأحمد في أشهر الروايتين عنه أن المراد بالإحصار في الآية إحصار العدوّ، وأن من أصابه مرض أو نحوه لا يحلّ إلا بعمرة؛ لأن هذا هو الذي نزلت فيه الآية ودل عليه قوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنتُمْ}. ولا سيّما على قول من قال من العلماء: إن الرخصة لا تتعدى محلها، وهو قول جماعة من أهل العلم. وأما حديث عكرمة الذي رواه عن الحجاج بن عمرو وابن عباس وأبي هريرة رضي اللَّه عنهم، فلا تنهض به حجة؛ لتعين حمله على ما إذا اشترط ذلك عند الإحرام؛ بدليل ما قدمنا من حديث عائشة عند الشيخين، وحديث ابن عباس عند مسلم، وأصحاب السنن، وغيرهم من أنه صلى الله عليه وسلم قال لضباعة بنت الزبير بن عبد المطّلب: "حجّي واشترطي" ولو كان التحلل جائزًا دون شرط كما يفهم من حديث الحجاج بن عمرو لما كان للاشتراط فائدة، وحديث عائشة وابن عباس بالاشتراط أصح من حديث عكرمة عن الحجاج بن عمرو، والجمع بين الأدلة واجب إذا أمكن، وإليه أشار في "مراقي السعود"، بقوله: والجمع واجب متى ما أمكنا إلا فللأخير نسخ بينا
وهو ممكن في الحديثين بحمل حديث الحجاج بن عمرو على ما إذا اشترط ذلك في الإحرام، فيتفق مع الحديثين الثابتين في الصحيح، فإن قيل: يمكن الجمع بين الأحاديث بغير هذا، وهو حمل أحاديث الاشتراط على أنه يحلّ من غير أن تلزمه حجّة أخرى، وحمل حديث عكرمة عن الحجاج بن عمرو وغيره على أنه يحل، وعليه حجة أخرى، ويدلّ لهذا الجمع أن أحاديث الاشتراط ليس فيها ذكر حجّة أخرى. وحديث الحجاج بن عمرو، قال فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم: "فقد حلّ وعليه حجّة أخرى". فالجواب أن وجوب البدل بحجة أخرى أو عمرة أخرى لو كان يلزم، لأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقضوا عمرتهم التي صدهم عنها المشركون. قال البخاري في "صحيحه"، في باب "من قال ليس على المحصر بدل" ما نصّه: وقال مالك وغيره ينحر هديه ويحلق في أي موضع كان، ولا قضاء عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالحديبية نحروا وحلقوا، وحلوا من كل شىء قبل الطواف، وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ثم لم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أحدًا أن يقضوا شيئًا، ولا يعودوا له، والحديبية خارج من الحرم. انتهى منه بلفظه. وقد قال مالك في "الموطأ"، إنه بلغه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حل هو وأصحابه بالحديبية، فنحروا الهدي، وحلقوا رءوسهم، وحلوا من كل شىء قبل أن يطوفوا بالبيت، وقبل أن يصل إليه الهدي، ثم لم يعلم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر أحدًا من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئًا، ولا يعودوا لشىء. انتهى بلفظه من (الموطأ). ولا يعارض ما ذكرنا بما رواه الواقدي في المغازي من طريق الزهري ومن طريق أبي معشر وغيرهما، قالوا: أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يعتمروا فلم يتخلف منهم إلا من قتل بخيبر، أو مات، وخرج معه جماعة معتمرين ممن لم يشهدوا الحديبية، وكانت عدتهم ألفين؛ لأن الشافعي رحمه اللَّه، قال: والذي أعقله في أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت؛ لأنا علمنا من متواطىء أحاديثهم أنه كان معه عام الحديبية رجال معروفون، ثم اعتمر عمرة القضية، فتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورة في نفس ولا مال اهـ. فهذا الشافعي رحمه اللَّه جزم بأنهم تخلف منهم رجال معروفون من غير ضرورة، في نفس، ولا مال. وقد تقرر في الأصول أن المثبت مقدّم على النافي. وقال ابن حجر في "الفتح": ويمكن الجمع بين هذا إن صح، وبين الذي قبله، بأن الأمر كان على طريق الاستحباب؛ لأن الشافعي جازم بأن جماعة تخلفوا بغير عذر. وقال الشافعي في عمرة القضاء: إنما سميت عمرة القضاء والقضية للمقاضاة التي وقعت بين النبيّ صلى الله عليه وسلم وبين قريش، لا على أنهم وجب عليهم قضاء تلك العمرة اهـ. وروى الواقدي نحو هذا من حديث ابن عمر قاله ابن حجر. وقال البخاري في "صحيحه" في الباب المذكور، ما نصه: " وقال روح عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ، فأما من حبسه عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع". انتهى محل الغرض منه بلفظه. وقد ورد عن ابن عباس نحو هذا بإسناد آخر أخرجه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه، وفيه: فإن كانت حجة الإسلام فعليه قضاؤها، وإن كانت غير الفريضة فلا قضاء عليه اهـ. فإذا علمت هذا وعلمت أن ابن عباس رضي اللَّه عنهما ممن روي عنه عكرمة الحديث الذي روي عن الحجاج بن عمرو وأن راوي الحديث من أعلم الناس به، ولا سيّما إن كان ابن عباس الذي دعا له النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يعلمه التأويل، وهو مصرح بأن معنى قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الحجاج بن عمرو وعليه حجة أخرى، محلّه فيما إذا كانت عليه حجة الإسلام، تعلم أن الجمع الأول الذي ذكرنا هو المتعين، واختاره النووي وغيره من علماء الشافعية، وأن الجمع الأخير لا يصح؛ لتعين حمل الحجة المذكورة على حجة الإسلام اهـ. وأما على قول من قال إنه لا إحصار إلا بالعدو خاصة وأن المحصر بمرض لا يحلّ حتى يبرأ ويطوف بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم يحلّ من كل شىء حتى يحجّ عامًا قابلاً، فيهدي أو يصوم، إن لم يجد هديًا كما ثبت في "صحيح البخاري"، من حديث ابن عمر كما تقدم. فهو من حيث أن المريض عندهم غير محصر، فهو كمن أحرم وفاته وقوف عرفة، يطوف ويسعى ويحج من قابل ويهدي، أو يصوم إن لم يجد هديًا اهـ. وفي المسألة قول رابع: وهو أنه لا إحصار بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم بعذر كائنًا ما كان وهو ضعيف جدًا، ولا معول عليه عند العلماء؛ لأن حكم الإحصار منصوص عليه في القرءان والسنة ولم يرد فيه نسخ، فادعاء دفعه بلا دليل واضح السقوط كما ترى، هذا هو خلاصة البحث في قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}. وأما قوله: وقال جماعة من أهل العلم: إن المراد بما استيسر من الهدي إنما هو الإبل والبقر دون الغنم، وهذا القول مروي عن عائشة، وابن عمر، وسالم، والقاسم، وعروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، وغيرهم. قال ابن كثير: والظاهر أن مستند هؤلاء فيما ذهبوا إليه قصة الحديبية، فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه ذبح في تحلله ذلك شاة، وإنما ذبحوا الإبل والبقر. ففي الصحيحين عن جابر قال: "أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بقرة". قال مقيده ــ عفا اللَّه عنه ــ: لا يخفى أن التحقيق في هذه المسألة: أن المراد بما استيسر من الهدي ما تيسر مما يسمى هديًا، وذلك شامل لجميع الأنعام: من إبل، وبقر، وغنم، فإن تيسرت شاة أجزأت، والناقة والبقرة أولى بالإجزاء. وقد ثبت في "الصحيحين"، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "أهدى صلى الله عليه وسلم مرة غنمًا". الفرع الأول: إذا كان مع المحصر هدي لزمه نحره إجماعًا، وجمهور العلماء على أنه ينحره في المحل الذي حصر فيه، حلاً كان أو حرمًا، وقد نحر صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه بالحديبية، وجزم الشافعي وغيره بأن الموضع الذي نحروا فيه من الحديبية من الحلّ لا من الحرم، واستدل لذلك بدليل واضح من القرءان وهو قوله تعالى: ونحروا وحلقوا وحملت ** شعورهم للبيت ريح قد غلت قال ابن عبد البرّ في "الاستذكار": فهذا يدلّ على أنهم نحروا في الحلّ، وتعقبه ابن حجر في "فتح الباري": بأنه يمكن أن يكونوا أرسلوا هديهم مع من ينحره في الحرم، قال: وقد ورد في ذلك حديث ابن جندب ابن جندب الأسلمي قال: قلت: يا رسول اللَّه، ابعث معي الهدي حتى أنحره في الحرم. أخرجه النسائي من طريق إسرائيل عن مجزأة بن زاهر، عن ناجية، وأخرجه الطحاوي من وجه آخر عن إسرائيل، لكن قال عن ناجية عن أبيه: لكن لا يلزم من وقوع هذا وجوبه، بل ظاهر القصة أن أكثرهم نحر في مكانه وكانوا في الحلّ وذلك دالّ على الجواز واللَّه أعلم، انتهى كلام ابن حجر. وخالف في هذه المسألة أبو حنيفة رحمه اللَّه الجمهور، وقال: لا ينحر المحصر هديه إلا في الحرم، فيلزمه أن يبعث به إلى الحرم، فإذا بلغ الهدي محله حلّ، وقال: إن الموضع الذي نحر فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الحديبية من طرف الحرم، واستدل بقوله بعد هذه الآية: قال مقيده عفا اللَّه عنه: التحقيق في هذه المسألة هو التفصيل الذي ذهب إليه ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وهو أنه إن استطاع إرسال الهدي إلى الحرم أرسله ولا يحلّ حتى يبلغ الهدي محله، إذ لا وجه لنحر الهدي في الحلّ مع تيسر الحرم، وإن كان لا يستطيع إرساله إلى الحرم نحره في المكان الذي أحصر فيه من الحل. قال البخاري في (صحيحه)، في " باب من قال ليس على المحصر بدل " ما نصّه: وقال روح عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، رضي اللَّه عنهما: "إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ، فأمّا من حبسه عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع". وإن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله اهـ، محل الغرض منه بلفظه ولا ينبغي العدول عنه؛ لظهور وجهه كما ترى. الفرع الثاني: إذا لم يكن مع المحصر هدي فهل عليه أن يشتري الهدي ولا يحل حتى يهدي، أو له أن يحل بدون هدي ؟ ذهب جمهور العلماء إلى أن الهدي واجب عليه لقوله تعالى: وحجة الجمهور واضحة وهي قوله تعالى: قال بعض العلماء: لا بدل إن عجز عنه، وممن قال لا بدل لهدي المحصر أبو حنيفة رحمه اللَّه، فإن المحصر عنده إذا لم يجد هديًا يبقى محرمًا حتى يجد هديًا، أو يطوف بالبيت. وقال بعض من قال بأنه لا بدل له، إن لم يجد هديًا حل بدونه، وإن تيسر له بعد ذلك هدي أهداه. وقال جماعة إن لم يجد الهدي فله بدل، واختلف أهل هذا القول في بدل الهدي. فقال بعضهم: هو صوم عشرة أيام قياسًا على من عجز عما استيسر من الهدي في التمتع، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد، وهو إحدى الروايات عن الشافعي، وأصح الروايات عند الشافعية في بدل هدي المحصر أنه بالإطعام، نصّ عليه الشافعي في "كتاب الأوسط"، فتقوم الشاة ويتصدق بقيمتها طعامًا، فإن عجز صام عن كل مدّ يومًا، وقيل إطعام كإطعام فدية الأذى وهو ثلاثة آصع لستة مساكين، وقيل: بدله صوم ثلاثة أيام، وقيل بدله صوم بالتعديل، تقوم الشاة ويعرف قدر ما تساوي قيمتها من الأمداد، فيصوم عن كل يوم مدًّا، وليس على شىء من هذه الأقوال دليل واضح، وأقربها قياسه على التمتع واللَّه تعالى أَعلم. الفرع الثالث: هل يلزم المحصر إذا أراد التحلل حلق أو تقصير أو لا يلزمه شىء من ذلك ؟ اختلف العلماء في هذا فذهب الإمام أبو حنيفة رحمه اللَّه ومحمد إلى أنه لا حلق عليه ولا تقصير، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو ظاهر كلام الخرقي، واحتج أهل هذا القول بأن اللَّه قال: وعن الشافعي في حلق المحصر روايتان مبنيتان على الخلاف في الحلق، هل هو نسك أو إطلاق من محظور؟ وذهب جماعة من أهل العلم منهم مالك وأصحابه: إلى أن المحصر عليه أن يحلق. قال مقيدة عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لنا رجحانه بالدليل: هو ما ذهب إليه مالك وأصحابه من لزوم الحلق، لقوله تعالى ولما ثبت في الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم، أنه حلق لما صده المشركون عام الحديبية وهو محرم، وأمر أصحابه أن يحلقوا وقال: " اللهم ارحم المحلقين "، قالوا: والمقصرين يا رسول اللَّه ؟ قال: "اللهم ارحم المحلقين"، قالوا: والمقصرين يا رسول اللَّه ؟ قال: "والمقصرين ". فهذه أدلة واضحة على عدم سقوط الحلق عن المحصر، وقياس من قال بعدم اللزوم، الحلق على غيره من أفعال النسك، التي صدّ عنها، ظاهر السقوط لأن الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة مثلاً، كل ذلك منع منه المحصر وصدّ عنه، فسقط عنه؛ لأنه حيل بينه وبينه، ومنع منه. وأما الحلاق فلم يحلّ بينه وبينه وهو قادر على أن يفعله؛ فلا وجه لسقوطه، ولا شك أن الذي تدل نصوص الشرع على رجحانه، أن الحلاق نسك على من أتم نسكه، وعلى من فاته الحج وعلى المحصر بعدو، وعلى المحصر بمرض. وعلى القول الصحيح من أن الحلاق نسك، فالمحصر يتحلل بثلاثة أشياء: وهي النية، وذبح الهدي، والحلاق. وعلى القول بأن الحلق ليس بنسك يتحلل بالنية والذبح. الفرع الرابع: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نحر قبل أن يحلق في عمرة الحديبية، وفي حجة الوداع، ودلّ القرءان على أن النحر قبل الحلق في موضعين: أحدهما: قوله تعالى: والثاني: قوله تعالى في سورة "الحج": فالمراد بقوله:
وروى بعضهم بيت أمية المذكور هكذا: ساخين آباطهم لم يقذفوا تفثًا ** وينزعوا عنهم قملاً وصئبانا
ومنه قول الآخر: قضوا تفثًا ونحبًا ثم ساروا إلى نجد وما انتظروا عليا
فهذه النصوص تدل دلالة لا لبس فيها، على أن الحلق بعد النحر. ولكن إذا عكس الحاج أو المعتمر فحلق قبل أن ينحر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع أن ذلك لا حرج فيه، والتعبير بنفي الحرج يدل بعمومه على سقوط الإثم والدم معًا، وقيل فيمن حلق قبل أن ينحر محصرًا كان أو غيره، إنه عليه دم، فقد روى ابن أبي شيبة من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمة، قال عليه دم.
|